![]() |
![]() |
![]() |
روائع شعريه |
روائع الكسرات |
![]() |
|
![]() |
||||||||
![]() |
|
![]() |
||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
![]() |
|
![]() |
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
![]() تفسير قوله تعالى: (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل..)
قال الله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ [البقرة:140] (أم تقولون إن): كسرت همزة إن؛ لأنها جاءت بعد قول. أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:140] . يوجد إشكال عظيم في الآية، والناس يقرءونها دون أن يلحظوا الإشكال، وعدم ملاحظة الإشكال تدل يقيناً على عدم معرفة حله، أين الإشكال؟ الله يقول: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ [البقرة:140] والمعنى: أن هؤلاء عندهم علم وحق من الله لكنهم كتموه، لكن يوجد علم واضح بين كتموه، قال الله جل شأنه. قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140] أي: أنكم كاذبون فيما تقولون، وهذا لا يستقيم مع قوله: عنده علم من الله. الله جل وعلا عاتبهم وقال: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ [البقرة:133] أي: لم تكونوا شهداء عندما حضر يعقوب الموت حتى تزعمون أن يعقوب وأبناءه كانوا يهوداً أو كانوا نصارى، فنفى الله جل وعلا علمهم، ثم قال جل وعلا: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ [البقرة:140] فأثبت الله لهم العلم، وقال قبلها: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140] وهذا لا يستقيم بادي الرأي، والجواب عن هذا: أن قوله جل شأنه: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140] خطاب لعامتهم وهم الجهلة، وقوله جل وعلا: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ [البقرة:140] خطاب لخاصتهم وهم العلماء. أعيد تحرير المسألة. اليهود والنصارى فريقان: علماء وعامة، العلماء الخاصة هؤلاء عندهم علم من الله أن يعقوب والأسباط لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، وأن هذه ملل محرفة لكنهم كتموها، وأما الدهماء العامة فهم لا يعلمون عن هذا شيئاً، وفي ظنهم أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى، فرد الله جل وعلا على الجهلة والدهماء والعامة بقوله: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140]، ورد الله على علمائهم بقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:140]، ومن هنا يتحرر لك أن العامة وإن كان يجمعهم الجهل إلا أنهم يختلفون فيما بينهم اختلافاً كبيراً، وبعض الناس يتبنى شيئاً بمجرد انسجامه مع شخصيته بما هو مركب عليه، فيميل إلى هذا الشيء فيصنعه لأنه يجد فيه لذة ويجد فيه شيئاً موافقاً لطبعه، ولا يصنعه ليرجو جنة أو يخاف ناراً، بل ولا يصنعه لأنه شيء يعتقده. مثال ذلك: أيام الخلاف بين مصعب بن الزبير وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ، وهو الصراع السياسي المشهور في ذلك العهد ورحمة الله على الجميع. ففي العراق كان الناس يدينون لـمصعب ، وفي الحجاز يدينون لـعبد الله بن الزبير ، وفي الشام يدينون لـعبد الملك بن مروان ، وكان عبد الملك ينفق الأموال، والعرب تقول: بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال فكان يتخذ ما يسمون في زماننا المرتزقة، وفي ذلك الزمان يدعونهم: فتاك، فاتخذ أحد فتاكي العرب وبعث به لقتال مصعب بن الزبير ، وهذا الرجل كان فاسقاً جباراً، فقتل مصعب بن الزبير ثم أخذ رأسه إلى عبد الملك بن مروان . والشاهد أن ثمة أناس يصنعون شيئاً وهم لا يحملون همه، لكنه يوافق طبعهم، فهذا طبعه الفتك فيحب أن يفتك، فلما قدم رأس مصعب إلى عبد الملك ، خر عبد الملك ساجداً، فلما خر ساجداً أراد هذا الفاتك أن يضربه بالسيف، لكنه تردد قليلاً، فذكر أنه هم أ، يضربه فقال: فألقيتها في النار بكر بن وائل وألحقت من قد خر شكراً بصاحبه يعني بصاحبه غريمه، يقول: كنت أردت أن أقتل هذا الذي خر شكراً فألحقه بصاحبي، ثم قال في مجلس له بعد الحادثة: والله وددت لو أني فعلتها فأكون قد قتلت ملكي العرب في يوم واحد! فهو يبحث عن صيت، يريد مدحاً يوافق طبعه. الشاهد من هذا كله: أن الإنسان حتى في أصفيائه، حتى في جلسائه، حتى في خلطائه، حتى في طلبة العلم الذين يصطفيهم لا بد أن يكون هناك أسس في اصطفاء الناس والتعامل معهم، ولا تقبل بأي أحد يكون همه هوى ومجرد تكثير سواد، ويريد يوماً لك ويوماً ويوم عليك، هذا لا يصلح أن تسأمنه على سر أو تفيء إليه بأحدوثة أو تعتمد عليه بعد الله في شيء. والمقصود من هذا: أن العامة هم الذين خاطبهم الله جل وعلا بقوله: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140]، وخاصتهم خاطبهم الله جل وعلا بقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ [البقرة:140] . وقول الله: وَمَنْ أَظْلَمُ [البقرة:140] أي: لا أحد أظلم. وكتمان الشهادة سيأتي تفصيله في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ [البقرة:159]. ثم قال الله: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:140] ثم كرر الله ما ختم به الموضع الأول من السورة بقوله: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:141] قال القرطبي وغيره من علماء الأمة: إن الله كررها لتكون أبلغ في الردع والزجر حتى يعلم كل أحد أنه إذا كان أنبياء الله جل وعلا يحاسبون فما بالك بمن دونهم، وأن الإنسان إذا أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه كما جاء في الأثر، وأن الإنسان أياً كانت قرابته من أحد ذوي الصلاح فليست القرابة بنافعة له إلا أن يشاء الله إذا قصر في عمل، لكن هذا لا يعني انقطاع الشفاعات يوم القيامة، هذا له مكانه وله موضعه وله مقامه المعروف، قال الله: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:141] ننتهي بهذا من الجزء الأول من سورة البقرة، وسنشرع إن شاء الله تعالى في اللقاء القادم من قول الله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ [البقرة:142]، وهي أول آية في الجزء الثاني من القرآن، ومعلوم لديكم أن القرآن ثلاثون جزءاً، وهذا من توفيق الله جل وعلا أن من علينا بتفسير الجزء الأول من هذه السورة المباركة المسماة بمصداق القرآن لعظيم لما فيها من آيات ودلائل وعظات. جملة ما مر معنا: أن الله جل وعلا عظم بيته في هذا الربع، وعظم بانيه وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم بين ضلال اليهود والنصارى، وهذا مهم لأنه تأسيس سأبدأ به في اللقاء القادم، لماذا عظم الله بيته؟ لماذا عظم الله بانيه؟ لماذا سفه الله آراء المشركين؟ لماذا بين الله ضلال اليهود والنصارى؟ كل ذلك تمهيد وتوطئة لأمر عظيم سيكون بعد ذلك وهو قول الله جل وعلا: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:142] . هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده، وأعان العلي الكبير على قوله، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين. |
|
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |