قال الله جل وعلا: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ [النمل:22]، أي: لم تمض مدة زمنية كافية، فإذا بالهدهد بين يدي سليمان، فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22].
الغيب لا يعرفه إلا الله، فهذا نبي الله ابن نبي الله ولديه ملك وجن يخدمونه وغابت عنه مملكة بأكملها عرفها طائر من الطيور، فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ .
ثم قال: إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النمل:23]، أي: مما يؤتى الملوك عادة، فكل وإن كانت من ألفاظ العموم لكن السياق يدل على المعنى المراد منها، فلا يعقل أن بلقيس لا يوجد شيء في الدنيا إلا وهو عندها؛ فإن ملك سليمان أعظم من ملكها، لكن مما جرت أن يكون في قصور الملوك موجود عندها.
إلا أن الهدهد أنكر عليهم أنهم عبدوا الشمس من دون الله، وتعجب وهو على فطرته كيف يتأتى لقوم أن يعبدوا ويشركوا مع الله جل وعلا غيره.
فلهذا قال: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [النمل:25].