الموضوع: برقيات سوداء
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-06-08, 04:22 PM   #2
عضو نشط

 










 

محمد العبياني غير متواجد حالياً

محمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this pointمحمد العبياني is an unknown quantity at this point

Red face

لم اعهد أن الحرف له قيمة غير قيمة الحبر . وأن الفاصلة والنقطة أغلى سعرا من كلمة "لا " أو " نعم " وإن ندرت . ولكن الموظف نظر إلى شدقي وفهم أن فمي مليء بالكلام ، وشاهد جيوبي وعرف أنها خاوية من الريالات . راتبه لو اجتمع حتى سن التقاعد لا يدفع قيمة جهاز البرق الذي يطبع عليه ، سألته عن حزن وألم وهم وغضب ، شياء كثيرة تشد الجد حول فمه وترسم على فمه ابتسامة حجرية .
قال لي : إني أقرأ كل يوم همي وهموما تجعلني أخلص لهمي وادعوا من الله أن يديمه ، واشكره على نعمته . إنني أطبع كل يوم جشعا وطمعا يثقل حتى على الأثير .
خفت أن اتحدث بشيء لا يفاجئه
وكلمات لا جديد فيها
وتذكرت أن قيمة البرقية تزداد كلما كانت الكلمات نادرة ومختلفة ، فكان ما أخافه سبيلا لتقليل كلفة كل البرقيات التي اهم بإرسالها ، ناولني الأوراق ، وشد شفتاه ليدل على أنه أكثر سعادة لحالي الذي اكره ويحسدني هو عليه .
كتبت :
البرقية الأولى (1)
" سيدي للحرمين رب يحميه وييسر له من يخدمه .
ولكن الناس لا حرمة لهم سوى سد رمقهم ، وستر عوراتهم ، وكفايتهم السؤال والبكاء على شاشات التلفاز .
نساء ورجال ، يسمعون وافر كرمك يهطل بأرقام فلكية لا يحصون أصفارها .
وطن متسع ، وخطواتك أوسع منه وتغطي ما حوله .
ولكن هناك من لا يجد مكانا يمد فيه قامته مستلقيا .
إنك تقرر خيرا ، ويصب في أقماع تنفيذ غائرة ، ولجان حائرة ، ورقابات نائمة . وهيئات ومؤسسات أجمل إنجازاتها فخامة منسوبيها ومكاتبهم ولوحات الإعلان عن أعمالهم .
سيدي .
إنهم يسرقوننا باسم البورصة العالمية ، والاسهم المحلية ، وجمل وكلمات لا نفهم منها إلا أن كل السوء والشر عفوي النزعة ، وأن الإنسان إنما طاهر بريء لا يمكنه سوى الانسياق لأقدار كان بدايتها خير منك وانتهى بها إلى الشرمن لا شيء او من أنفسنا .
إن السماء لم تعد ترحمنا ، والأرض لم تعد تنبت لنا الأمل . وكل خطواتنا تمشي على الجليد وتستحي إعلان العطش ولعق آثار خطوات من تذوب تحت وقع أحذيتهم .
سيدي .
رأيت بالأمس رجل يلبس زي يشبه ما ألبسه ، وإمرأة تلبس ما تلبسه أمي واختي ، وينطقان بنفس اللهجة ، ولكنهما يبكيان ، ويسألاني بعض المال . وما في جيبي لا يغنيهم ساعة قادمة ، ويحتاجون لكل مواطن آخر يحمل مثل ما احمل أو أقل ليعيشوا شهرا كريما مقبلا .
سيدي
إنك تسمع من أولئك الذين يسابقونك على الأبواب ولا يسمعون لنا ، يفتحونها أمامك ويقفلونها أمامنا .
أولئك الذين يقفون فوق رأسك ، ويتطاولون بالجلوس على رؤوسنا .
أولئك الذين يقولون لك " ابشر " و " سم " و " حاضر " ويقولون لنا " مازال الأمر تحت الدراسة " أو " عقدنا لجنة لبحث الموضوع " أو " قدم معروضا " أو " راجعنا غدا " .
سيدي أن الأوراق التي يصلك منها طن ليست سوى غرام واحد من مشاكل هؤلاء المواطنين .
والكلمات التي يصلك منها المليارات ، ليست سوى الأفضل حالا والأقل مأساة حتى لا يزعجوك ، إن من حولك يحبونك أكثر من حبهم لنا ، ويكرهوننا بقدر حبنا لك .

تحيتي سيدي . القارء


ابو لارا




التوقيع :
    رد مع اقتباس