|
|
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين..
======
الإنجليزي بالقريف يصف (بريدة) قبل 145عاما (21)
===
سعود المطيري
====
يعتبر الإنجليزي وليام بالقريف أول رحالة أوروبي يعبر وسط الجزيرة العربية من الشمال إلى الجنوب وقد تحدث عن دوافع رحلته إلى الجزيرة العربية فذكر حب الاستطلاع والرغبة في إيجاد اتصال بين الجزيرة والحضارة الغربية
==============
ولكن يقال بأن الدوافع سياسية بحتة بتكليف من نابليون الثالث بباريس لجمع معلومات عن الأوضاع السياسية القريبة من سوريا ومصر مع بداية العمل بحفر قناة السويس وقد ساعده في رحلته مظهره اليهودي ومعرفته باللغة العربية وارتدائه الزي العربي ومعرفته بمبادئ الطب التي استقاها من بعض الكتب العربية والإفرنجية
=======
حيث ادعى انه طبيب وبعد أن أطلق على نفسه اسما هو أبو سليم محمود عيسى عندما وصل إلى بريدة عام 1862م العاصمة الدينية ومدينة الجود والتجارة كان قد أعجب كثير بأهلها العصاميين وبلطافتهم وحسن مظهرهم وتحدث عن النشاط الصناعي والتجاري والزراعي ولكنه اعتمد بشكل أكثر على الوصف.. والوصف المعماري مؤكدا أن مباني في بريدة شيدت في الفترة الثانية أي إلى مئتي عام بعد الهجرة النبوية الشريفة وقال في عرض وصفه للمدينة التي قارنها بالمدن العربية الكبرى: هنا في بريدة كما في كل المدن العربية الكبيرة القديمة تحيط القلاع بالمنازل فقط أما الحدائق التي تقع خارج المنازل فهي أحيانا غير محمية كما هي الحال هنا وأحيانا محمية بالأسوار الخارجية وبالبروج.
=======
وتتكون مدينة بريدة نفسها من شوارع ومنازل وأسواق لهذا فهي في مظهرها إذن أكثر انتظاما من الجوف وحتى حائل الحديثتين اللتين تشبهان القرى في نظامهما.
=========
كان للمنزل الذي استأجرناه في بريدة غرفتان واسعتان في الطابق الأرضي إضافة لثلاث غرف صغيرة ومساحة واسعة محاطة بأسوار عالية ويرقى درج متعرج غير منتظم العتبات سيء الإضاءة مثل كل الإدراج في نجد إلى السطح محاط بحاجز ارتفاعه ستة أقدام ومقسم إلى جزأين بحائط في منتصفه معطيا بذلك مكانا مناسبا للأعمال المنزلية صباحا ومساء في الأوقات التي تظلل فيها الحيطان الجانبية الجالسين على طولها. كما أنها مكان ممتاز للنوم. كان المبنى كله قديما يبلغ عمره نحو مئتي سنة ومتماسكا مع بعض التناسق في أجزائه. وكانت أبوابه الضخمة منحورة من خشب الأثل، ويدل وجود مكان للنار في إحدى الغرف الصغيرة على المطبخ. والمجلس مستطيل الشكل وواسع نسبيا وكانت الغرف الصغيرة مشغولة بسيدات المنزل اللائي رحلن الآن مع بقية الأسرة إلى منزل مجاور.
===========
وخلف البوابة الرئيسية التي تفصل الأحياء عن السوق نقابل في السوق أولا وقبل كل شيء صفا طويلا من دكاكين القصابين على الجانبين مملوءة بلحم الضأن والإبل.. . ثم نسرع ونمر بعد ذلك بسلسلة من محلات بيع الأقمشة والأدوات المنزلية المصنع بعضها محليا والمستورد أكثرها مثل العباءات والغتر من بغداد والشالات من سوريا والشباشب من مصر وتتبع الأسواق هنا العرف المتبع في كل الشرق وذلك بتجميع الدكاكين التي تبيع نفس البضاعة في مكان واحد، وهذا نظام تتفوق محاسنه عموما على مساوئه، على الأقل في بعض المدن الصغيرة.
==========
في اليوم الثالث قمنا بزيارة قصر مهنا حاكم بريدة. كان مهنا يسكن في القلعة القديمة الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة وبالقرب من سورها، وكانت القلعة تغطي مساحة كبيرة لا تتناسب مع ارتفاعها. وفي الحقيقة فإنها كانت تبدو كمجموعة ضخمة من منازل متنافرة أكثر منها قصرا. وكانت أجزاء منها قديمة تعود إلى نحو أربعمائة أو خمسمائة سنة.. فمواد البناء هي الشاهد الجيد على قدم المبنى النسبي فالبناء بالحجارة مهذبة الشكل أو غير المهذبة يدل على الفترة القديمة. يلي ذلك البناء بالحجارة والطين كما هو الحال هنا. ثم بالطين فقط كما في منطقة نجد. فهذه هي الشارة الرئيسية التي تشير إلى القرن الذي شيدت فيه هذه المباني. وتنتمي قلعة الجوف وبرج المارد إلى الفترة الأولى وهي منذ القدم وحتى بداية الهجرة النبوية، وكثير من مباني القصيم وبريدة مثلا إلى الفترة الثانية أي إلى مئتي عام بعد الهجرة ومباني الدرعية والرياض إلى الفترة الثالثة. لكن سيظهر في شرق نجد وجنوبها عناصر معمارية جديدة وأساليب بناء جديدة وتقدم جديد وكلها تتطلب تفسيرا خاصا وتعود أجزاء من قصر مهنا الماثل أمامنا الآن إلى تاريخ حديث لكن معظمه لم يصمم قبل البناء. فبعض الأسوار مبنية من الحجر وبعضها من الطين وبعضها مجصص وبعضها من غير جص أما الجزء الرئيسي من القلعة فقوي وقادر على تحمل حصار عربي لكن ارتفاعه ليس أكثر من خمسة وثلاثين قدما وليس له برج فالبرج.. منعزل عن القلعة ويقع على مقربة من سور المدينة. وتؤدي بوابة خارجية عالية إلى داخل الفناء الأول وهو ساحة مربعة الشكل مزدحمة بالمستودعات ومساكن الجمالة وخدم القصر، ويفضي باب صغير محكم البناء إلى مسكن الحاكم.
=========
(التراث الشعبي في أدب الرحلات )
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين..
فيلبي ولقاء مع مسلح في صحراء الربع الخالي
إعداد - سعود المطيري
يصف لنا الإنجليزي فيلبي إحدى الهجر الحيوية في الربع الخالي والتي أتت ضمن مشروع الملك عبدالعزيز لتوطين أبناء الصحراء لم يذكر أسمها ولكنه أشار إلى مؤسسها حمد بن برجس المري كيف كان أهلها مشغولين بمواشيهم في المراعي ثم يعودون صيفاً لجني ثمر النخيل الذي يتلقح ذاتياً وقبل ذلك ذكر مقابلة مع رجل مسلح من (الإخوان) الذين كانوا يضمرون عداء لكل رجل أبيض على حد قوله باعتباره غير مسلم إلى أن قال:
وجدت نفسي فجأة وبدون مقدمات وجهاً لوجه مع رجل مسلح. قلت بوجل من المشهد الذي أخذني على حين غرة (السلام عليكم) جاء رد الرجل (عليكم السلام) شرحت من غير تركيز وأنا أحاول إخفاء بوصلتي المنشورية التي لاحظها من دون شك أنني لم أرك كيف صعدت من تلك الجهة؟ فقد كانت هناك هوة سحيقة خلفه. ومن أين ؟ مري.. أم منصوري؟؟ جازفت معتمداً على معرفتي بأن أي بدوي من المنطقة المجاورة لا بد أن يكون من إحدى هاتين القبيلتين، ولكن إجابته أثارت دهشتي (أنا من الإخوان) فقد تذكرت ما قيل لي بوجود مجموعة من هؤلاء المتعصبين في السكك، وأن هذا المعسكر يقع في السهل الذي يمتد تحتنا ويرى من حيث كنا، وإن لم أكن قد لاحظته حتى الآن. وذهب خيالي بعيداً يصور رفاقه المحاربين وقد حاصروا التل حصاراً لا منفذ منه. وربما قد استولوا مسبقاً على إبلنا، ومع ذلك كان الرجل ودوداً للغاية، واصل الرجل حديثه (ماذا تفعل هنا)؟ ربما جئت تصطاد. ومن هؤلاء الذين يرافقونك؟ هل معك من آل مرة أحد؟ قلت مستخدماً اللقب الذي يطلقه الأخوان على ابن سعود (نحن من طرف الإمام، ومعنا علي بن جهامان) ويبدو أن سماع ذلك قد طيب خاطره وأرضاه. ثم بدأنا في السير ببطء نحو رفاقي حيث تركت الرجل وقد أرضى فضوله لإدعاء أصحابي أنني مهندس مكلف من قبل الملك بالقيام بمعاينة المنطقة ودراسة مشكلة المياه فيها. وفي وقت لاحق وبعد أسابيع من هذه الحادثة. وفي ظروف مماثلة في منطقة البقوم البركانية، قدمت منتحلاً صفة دكتور ففي الجزيرة العربية يعد الرجل الأبيض مستودعاً لكل العلوم وملماً بها. وقبل سنوات مضت قدمت للناس كخبير في سلاح المدفعية.
سلكنا طريقاً آخر للهبوط من قمة التل وكان هبوطاً لا يقل صعوبة عن الصعود ولكننا وصلنا في الوقت المناسب محملين بالأحافير إلى حيث تركنا جمالنا ثم اتجهنا لزيارة السكك التي رأينا منظراً أخاذاً لنخيلها المبعثرة وسط محيط من التلال الرملية المتدرجة البيضاء من فوق (قرن أبو وايل).
وصلنا هناك في أقل من نصف ساعة حيث توقفنا عند أول عين من عيون الواحة العديدة، وكانت بركة متوسطة الحجم عند مستوى سطح الأرض وتمتلئ إلى نصفها بنبات طويل وذي أزهار وعند حافتها تنمو أشجار نخيل بائسة الشكل، وكان كل ما حولنا منظر مكرر من مجموعات مماثلة من النخيل والغاف، وعلى أرض مرتفعة وغير مستنقعية وعلى بعد من الطريق، وكان قد أسسها حمد بن برجس بن حنزب، شيخ بطن العذبة من قبيلة آل مرة وذلك ضمن مشروع إنشاء هجر الإخوان المبكر. وعلى غير ما عهدنا في قرى هذه المنطقة، فقد كانت القرية عامرة يدب فيها النشاط بالرغم من أن السكان كانوا يقضون معظم أوقاتهم في مراعي الصحراء. وهنا أيضاً كانت عملية التلقيح تتم طبيعياً دون تدخل من قبل الإنسان الذي يأتي لجني ثمار عمل لم يقم به، ودون أن يشغل نفسه بمجرد التفكير بأن مقابل مجهود بسيط منه. كان سيحصل على نتائج أُفضل تحقق له حياة أكثر أمناً ودعة.
@ الربع الخالي لفيلبي
|