عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-16, 12:15 AM   #4
كحيلة حرب
 
الصورة الرمزية الكحيلة

 











 

الكحيلة غير متواجد حالياً

الكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond reputeالكحيلة has a reputation beyond repute

افتراضي

اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين..
========
فيلبي يشهد تدفق قوافل الولاء عام 1931م في (عاصمة الصحراء) الرياض.




.اعداد - سعود المطيري - الأسياح

=============
في العام 1931م وأثناء عودة جلالة الملك عبد العزيز من رحلة وقف خلالها على أحوال الحجاج في مكة المكرم كان الانجليزي فيلبي قد وصل الى العاصمة الرياض وشارك تلك الجموع والقوافل الزاحفة لاستقبال الملك في العاصمة التي أطلق عليها عاصمة الصحراء وهاله منظر تلك الجموع التي اكتظت بهم مداخل وساحات المدينة اثناء قدومهم من جميع المناطق لتجديد البيعة وتقديم مشاعر الولاء ودلف فيلبي الى عمق العاصمة من خلال سيارته موديل 1930م التي كان حينها منظر السيارة أشبه بمنظر جمل يتهادى في طريق الملك فهد او شارع العلياء في وقتنا الراهن لينقل لنا العديد من المشاهدات عن العاصمة الرياض وأحوال الناس ورؤية الأمام وهمومه طيب الله ثراه لمستقبل أبناء بلاده الى ان قال:
===========
مهما بلغت معرفة المرء بالمحيط الطبيعي لعاصمة الصحراء الرياض فانه لا يستطيع الاقتراب منها مرة ثانية بعد غيبة لفترة من الزمن الا بشهقة من الدهشة، انها تظل كامنة لا تراها العين حتى يدنو منها المرء مسورة ومدفونة في تيه تعصف فيه الريح من ارض جيرية متموجة لا شكل ولا خصائص، ممتدة شمالا وشرقا بلا تضاريس لنحو 50كيلو متراً، وفي وسط ذلك كله يجري وادي حنيفة بين ضفتين سحيقتين متعريتين ومتخفيا في رحم الفقر المحيط به. وان كان الوادي قريبا من طريقنا فإننا لم نتمكن من رؤيته طوال الطريق ولو للمحة، وكان أول ما وقع أمام ناظرنا المتعب بعد السير المغبر نحو ساعتين من الجبيلة كان نخيل (الشميسية) وهي أشجار النخيل الواقعة في أقصى الطرف الشمالي من بساتين الرياض التي ترى من نحو أربعة كيلو مترات وبعد قليل ظهر لنا منظر شامل كامل للجزء الشمالي من الواحة بما في ذلك المدينة بأسوارها ذات الشرفات عندما صعدنا مرتفعا يسيرا.
==========
كان هناك غطاء خفيف من الغبار معلق في الجو يعلو المنظر الذي لم نتبين منه شيئا لافتا من ذلك البعد لقد كانت الصحراء لا المدينة هي التي ملأت عقل الإنسان التي ترى عليها آثار الخطوط الطويلة الآتية من مختلف الاتجاهات والملتقية من آثار القوافل والوفود منذ قديم الزمان، وقد حرثت فيها وسائل المواصلات الحديثة مجاريها هنا وهناك بعد ان جاءت لتبقى للتطور، وان لم تقض بعد على الوسائل القديمة التي كانت مألوفة لدى أجداد العرب الحاليين. وكم من جماعة مكونة في معظم الأحوال من نحو عشرة أشخاص على العدد نفسه من الدواب او ما يزيد عليه او يقل عنه، كانت تشق تلك الصحراء نحو الهدف نفسه الذي كنا نسعى إليه، في سرعة توحي بأنهم ينوون الوصول في صباح الغد، بينما كنا نحن نبدو وكأننا لن نصل قبل ساعتين من غروب الشمس، فأينما توقفنا كانت الريح التي تتبعنا ولا نشعر بها في سيرنا، تغطينا لفترة وجيزة تغطية كاملة بغبارها الأصفر الخفيف وربما كنا على حق حين نغبط منافسينا الابطأ منا، على مسافة منا يمنة ويسرة، وهم يتهادون في سيرهم بتؤدة بلا قلق او غبار.
=========
لقد كان علينا ان نسبقهم الى غايتنا المشتركة ولكنهم سرعان ما سيدخلون معنا في مظلة الكرم نفسها، لقد علمت ان آلافا منهم - بلغني تقدير كلي بنحو 80.000شخص كانوا قد جاءوا ومضوا قبلهم. بل وفي تلك اللحظة نفسها كان بقايا الضيوف. وقد زانوا الصحراء بألوان زاهية بخيامهم البيضاء او السوداء او المخططة وبنسائهم وأطفالهم وأغراضهم يربون على 4000او 5000شخص، فمنذ عودة الملك في تاريخ مبكر من يوليو فإنهم كانوا يتدفقون من كل أنحاء البلاد ليقدموا ولاءهم ولينالوا ما يستحقونه من هبات - جيش ضخم مستعد في أي وقت. يتلقون أجورهم بالجود بمشيئة الملك. ولكنهم مع ذلك يكافأون على فترات منتظمة بقدومهم شخصيا. وبما أن المكافأة تكون حسب عدد أولئك الذين يأتون لتقديم ولاء الطاعة في الرياض، فان شيخ كل قبيلة او بطن وبطبيعة الحال يحضر معه من اينائه وأبناء إخوانه وأقاربه كل من كان في سن يقدر معها على الركوب منفردا على ذلوله ليقدم ولاء الطاعة وتجديد البيعة للملك بنفسه شخصيا. انه نظام قديم عظيم، وهو الآن في أيد أمينة تصرفه بذلك المزيج من الكرم والاقتصاد الذي لايعرف سره الا ذلك الملك بالفطرة. انه لشيء محير فعلا. قال ابن سعود يوما من تلك الأيام في حفل جمع كثيرين من شيوخ البدو في انتظار الإشارة ببدء العشاء، ان التصدق مضرا كثيرا بالشعب، كما هو ممارس الآن في العراق وشرق الأردن، بينما النظام المماثل له من دفع مكافآت منتظمة مقابل خدمات معلومة، كما هو الحال في نجد يقتضي شيئا مقابلا لما يقبضه المواطن.
=========
وطيلة الشهر الماضي كانت البطحاء وأماكن الإقامة الأخرى حول العاصمة مكتظة بما فوق طاقتها برجال القبائل المخيمين من أركان الدنيا الأربعة. لقد خف الضغط كثيرا الآن، ولكن مدخل المدينة كان مكتظا بمئات من الناس ولقد تمكنت سيارتنا بعد زحف شديد وسط تلاصق بشري لا مثيل له أن تشق طريقها في الشارع الرئيسي من بوابة الثميري الى مدخل القصر.
===========

وكما كنت قد تحسبت سماعه نوعا ما، فان الملك كان خارج المدينة في تلك الساعة (بعد صلاة العصر أو نحو الرابعة مساء) ولا تنتظر عودته قبل ساعة او نحو ذلك بعد الغروب. لقد كان في البديعة (الباطن) وهو قصر بناه ابنه الأكبر سعود في بستان نخيل واسع كان قد اشتراه او ورثه. فكان صعبا علينا ان نقرر ما نفعله في مثل تلك الظروف. وكان من البديهي استحالة ذهاب مجموعتنا الكبيرة كلها الى الباطن لزيارة الملك. ولما علمت من بعض الحرس في البوابة ان الجناح نفسه الذي كنت قد أقمت فيه في أول السنة قد خصص لي هذه المرة أيضا، فإنني قررت ترك أمتعتنا في تلك الغرف وانطلقت ومعي جابر الى الباطن. وخلف كردي ليحرس الامتعة، بينما تعهد الطبيشي بالقيام بكل الترتيبات لاستقبال بقية مجموعتنا ورعايتهم حين يصلون. ورافقنا أنا وجابر رشيد الهويدة وابن عمرو في بحثنا عن ابراهيم بن جميعة لأخذ موافقته على هذا الإجراء. وصادف أن كان جملان، محملان بحطب الوقود، سائرين في الشارع الجانبي نفسه في الوقت ذاته. وكما فعلت الجمال أيضا فإننا بدأنا بذل مجهود مضن لم يثمر عن شيء سوى اعتراض سبيل بعضنا البعض. وفي نهاية الأمر ترك الجملان حمليهما متناثرين في الشارع ليكونا عائقين لتقدمنا وفرا في شبكة من الأزقة يستحيل فيها اللحاق بهما. وبحث ابن عمرو عن ابراهيم وعاد منه بخبر مفاده ضرورة ذهابنا للملك وفي دقائق قليلة، وبعد تركنا أمتعتنا في القصر تجاوزنا بوابة الثميري في الوقت المناسب في طريقنا الى الباطن وهي مسافة تسعة كيلو مترات وربع الكيلو متر، في طريق طيب وان لم يكن رائعا، يقع في الصفراء ذات التربة الجيرية شمال حوض الرياض وشرق وادي حنيفة.

وكان الملك آنذاك جالسا بجوار النافذة ذات الشباك الخشبي، من غرفة الجلوس الواسعة في الطابق العلوي من قصر سعود الصيفي فرآنا بينما كنا نهبط ذلك الطريق شديد الوعورة الى بطن الوادي كثير الرمل الذي كان علينا عبوره قبل وصول الباب وبالرغم من تحذيرات ابن عمر لنا بأن معظم السيارات تسلك طريقا أطول واقل وعورة لتجنب أسوأ بقعة في الرمل الذي كان قد راح ضحيته كثيرون فاني وجهت سيارتي الفورد الصغيرة نحو الطريق المباشرة فاستجابت بشجاعة ونجاح تام. وفي لمحة كنا لدى الباب، وفي الطابق العلوي حيث حييت الملك بما هو واجب وهو القبلة التقليدية على الجبهة. ثم سلمت على البقية الذين كانوا قد اجتمعوا إليه بعد غداء.

لاشك ان جلالته كان أحسن حالا بعد غياب شهر حيث كانت الأحوال الجوية والاقتصادية قبل سفره قد أكسبته حالة من الحدة والاكتئاب وبوصوله للجو الروحي والطبيعي الصافي في نجد انقشعت سحائب التشاؤم التي كانت قد تجمعت وتراكمت بصورة واضحة في الشهور الأخيرة خارجها، ولشيء واحد فان نقل البلاط من الحجاز الى نجد خفض نفقاته بما لا يقل عن 60أو 70بالمائة ولقد بدا لي في خلال تلك الأيام القليلة ان نجدا كانت بمنأى تماما عن الهبوط الاقتصادي الذي كان قد شمل العالم كله في تلك الأيام الصعبة، وعلى أي حال ولأسباب بعضها عضوية وبعضها الآخر نفسية فان الملك أصبح في صحة جيدة مرة أخرى.
=========
@ حاج في الجزيرة العربية لفيلبي


اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين ..
صناعة ملح البارود واصطياد الطيور المهاجرة عام 1883م



اعداد - سعود المطيري
=============
الألماني جوليوس أوتنغ وهو يستكمل رحلته في شمال الجزيرة العربية يدون جملة من الأحداث الصغيرة المتلاحقة وهي وان كانت أحداث ومشاهدات بسيطة الا أنها حملت لنا كثيرا من الصور الجميلة لبعض مظاهر الحياة العامة . فقط تمنيت لو أنه قدم شرحا وافيا عن صناعة ملح البارود في القرية كما تمنيت لو عدد بعض أنواع الطيور المهاجرة آنذاك التي صادف وجوده موسمها خصوصا انه قد أشار الى طائر اصفر هو طائر ( الصفارى ) الذي لا يأتي الا بعد استكمال الموسم كذلك أنواع ومسميات البنادق المستخدمة والتي لا بد ان تكون من تلك الأنواع التي يصنع لها ملح البارود المحلي من ارض القرية .. شخصيا لم أجد له عذرا حتى وان كانت اهتماماته ودراساته محصورة في الآثار والنقوش الشرقية:

=========
في هذا اليوم الأربعاء 12سبتمبر من عام 1883م قمنا بزيارة قرية أثرى المجاورة. امتطى الشيخ عبد الله حصانه ، وركبنا نحن على جمالنا . وعلى الطريق قابلنا عدداً من الفتيان الأوغاد الذين كانوا في غالب الأمر ذاهبين للصيد. وبعد مضي ساعتين بدأ قصر الوشواش يظهر للعيان في السهل ويضم عشرة منازل متجاورة وبها ينابيع ماء ويسكنها 12رجلا وعلى بعد مسيرة نصف ساعة من هناك تقع في خليج من سهل الملح الأبيض قرية أثرى وسكانها 120- 130شخصا .

كانت هناك بعض خيام تم نصبها خارج القرية ، وكان في واحدة منها فاصل من قطعة كبيرة من السجاد الإيراني ، والتي تعتبر آنذاك قطعة فنية رائعة ( من المحتمل ان تكون من غنائم السلفيين في كربلاء التي حصلوا عليها في 1801م عند ما غزوها ) ورغم انها الآن في حالة يرثى لها الا ان جمال لونها ملفت للنظر .

===========
وعند دخولنا القرية لاحظت على الأرض حجرا في منتصفه فتحة قال لي أحدهم ان الناس يجهزون بارود الطلقات ( ملح البارود ) فيه . أمام منزل الشيخ ذي الشعر الأحمر نزلنا من على دوابنا . انه يسكن منزلا او قصراً أثرياً . وهذا القصر على النقيض من المنازل الأخرى مبني من الحجر الأسود الداكن الذي منشأه حوران . قام الشيخ بضيافتنا بتمر اصفر غير ناضج ( بسر ) وبالقهوة، ولاحقا بالباذنجان والبامية والخبز، وأوعز لأحد الرجال الحاضرين بإصلاح قرن سرج ناقتي المكسور وان يسمره مع بعض بقطة صفيح. لهذا العمل الرائع تقاضى الرجل ربع مجيدي. بعد الأكل جلست في حدائق النخيل . وأثناء ما كنت عند احدى الينابيع او البرك مستلقيا لغفوة ما بعد الظهيرة جاء عدة شبان ليستحموا . لم يمضي وقت طويل في هذا المكان حتى أفزعني طلقات بنادق .تبين لي ان الغلمان قاموا باصطياد طائرين أصفرين ، ووسط دهشتي الكبيرة قاموا بأخذهما وهما نصف أحياء لشوائهما على عصا فوق نار من جريد النخيل دون نزع الريش . كانت النتيجة كتلتين سوداوتين تبدوان عند النظر إليهما كبطاطس شويت في رماد .
=========
عند ما كنت أتأمل منزل الشيخ عن قرب. لاحظت انه توجد فوق باب المدخل وعلى عتبة الدار العليا الحجرية شكل هلال متقن الصنع وبجانبه بعض علامات الوسم المنقوش ، وفي الموضع الحجري فوقها توجد كتابة كوفية ( الكتابة العربية القديمة ) بالشكل الذي يوجد بالضبط على العملات النقدية العباسية ونصها :
========
بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
====
على الحائط الشرقي للقصر الأثري وبالقرب من احدى النوافذ كان يوجد رأس أنبوب ومن فوقه حجر جميل يقف على حاملين .
========
بالرغم من ان الشمس بدأت تميل للغروب الا ان عبد الله لم يبدي أي نية نحو العودة الى كاف ولمح بوضوح بأنه يمكن ان يحضر ضيوف من الجوف . قمنا مرة أخرى في زيارة أطلال بيت اسود يقع خارج القرية فما كان الا ورأينا خمسة فرسان مدججين بالسلاح على ظهور نياق ممشوقة القوام وجميلة الشكل وقد اتجهوا إلينا مباشرة . لقد كانوا في حالة من الدهشة لوجود غرباء غامضين ، لذلك كبحوا جماح إبلهم ووضعوا أسلحتهم في وضع الاستعداد .
==========

قمت أنا وهوبر بأخذ أسلحتنا بالمثل وحدقنا بهم متسائلين عما اذا كانوا عصابة نهب أم أصدقاء .؟ قاموا برفع كوفياتهم التي كانوا يتلثمون بها، وفجأة صرخ احدهم كالمجنون.. هوبر .. هوبر .. فعلق البندقية على رأس السرج وقفز من على ظهر ناقته وجاء مهرولا نحو هوبر واحتضنه وأمطره بعدها بالأسئلة .
=========
* الرحالة الأوربيون في شمال الجزيرة العربية



اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين..
حكاية (مخيال الرعاة) والجراد الذي يطير من خياشيم السمك..!!


نموذج للمخيال الذي يقام على هيئة إنسان لطرد الحيوانات المفترسة وإيهام القطيع بوجود الراعي.

إعداد - سعود المطيري
يتنقل جون فيلبي بشكل سريع بين رصده لحال المحارب المري ذي المكانة العظيمة الذي أحاله الزمن في هرمه الى راعي أغنام.. الى المخيال او المخيول الذي يستخدمه الرعاة في المراعي ثم رواية الجراد الذي يخرج من خياشيم السمك وأخيرا رصده لأذيال الرمال التي تمتد خلف الشجيرات لتحديد الاتجاهات الأربعة. وإذا ما عدنا الى الخيال او المخيول كما يعرف في وسط نجد وهو مجسم أو دمية على شكل هيئة الراعي يقف الى جوار غنمه ويجهز عادة من فروع الأشجار والقماش لطرد الحيوانات المفترسة وإيهام المواشي بوقوف الراعي الى جوارها حتى لا تبتعد عن المكان. والكثير من الرعاة كان عند ما ينام او يغيب عن مواشيه في المرعى يخلع ثوبه أو عباءته يضعها فوق شجرة أو على عصاه ليجعل منه مخيالا تستأنس إليه المواشي وتعتقد بأنه الراعي نفسه - هذا المخيال مازال يستخدم حتى وقتنا الحاضر كما يستخدمه المزارعون لإبعاد الطيور عن المحاصيل :
كانت سرعة الرياح قد بدأت تشتد عند ما عاودنا المسير، مثيرة سحابة من الرمل حولنا، ولكن لحسن حظنا لم تدم هذه الظروف طويلا إذ سرعان ما هدأت الرياح بعد الظهر وأصبح الجو محتملا. ومررنا وسط هذه المنطقة المقفرة برجل عجوز يرتاح على الرمل بجانب (خيال) يقيمه البدو عادة حتى لا يضل القطيع طريقه في الصحراء لكننا لم نر أثرا لقطيعه وان بدا لنا على مسافة بعيدة أشباح سوداء لم نعرف كنهها : هل هي شجيرات أم أغنام، وكان الشيخ فيما مضى رجلا ذا مكانة مرموقة ويدعى محمد بن لهيم، اشتهر بين قومه ببراعته في المعارك وشدته فيها ولكن لم يعد الآن في شيخوخته صالحا الا لرعي الغنم ليكسب قوته، وقد يلقى حتفه هنا وتحتضن رمال الصحراء التي يكسب معيشته منها رفاته في النهاية، عرفنا من الشيخ أماكن تواجد بعض عناصر المناصير التي نأمل أن يلتحق بعض شيوخها بقافلتنا ،وقال الشيخ ستجدونهم في مكان ما في وسط حيود الخيالة الرملية. وبعثنا فراج وابن حميد للبحث عنهم والالتحاق بنا غدا عند مخيم المساء.

دخلنا بعد مسيرة قصيرة كثبان الماشورة التي قطعناها عبر ممر متعرج لكنه متصل من الحصباء تحيط به على الجانبين أمواج من تكوينات النفود وبدأت خصل طويلة من الرمل تتدفق مثل الرايات في مهب الريح، من قمم وأعالي الكثبان، وتخفي ما بها من شجيرات أسرابا من الجراد ذات لون وردي مشوب بالصفرة وكان لافتا ومثيرا أن نجد مستوطنة معزولة كهذه في صحراء لم تجد علينا حتى الآن الا بعينتين أو ثلاثا وفي فترات متقطعة، ولم تأتي هذه المستوطنة - حسب علمي الى هنا لتتوالد وكان علي بن جهامان يشاركني الرأي ويقول بأن وقت التوالد يكون بعد أن يسمن الجراد على نبات الربيع الذي لم يحن موعده بعد، ويملك البدو معرفة تقليدية متوارثة عن الجراد الذي يعتقد بعض منهم بأنه يأتي من خياشيم الأسماك. ويطلقون على الجراد اسم التهامي نسبة الى سهل تهامة المطل على ساحل البحر الأحمر. حيث يأتي إليه قادما عبر البحر وتتوالد هناك لتنتج الجنادب التي تلحق أضرارا بالغة بالمحاصيل التي تقع في طريقها، وبعد أن تكبر تبدأ الطيران في الجو على شكل أسراب وتعيث في الأرض خرابا حيثما حلت وتقضي على كل ما هو أخضر على الأرض كما تزود العرب بإضافة محببة الى غذائهم، ثم يختفي ما تبقى منه لا يدري أحد كيف وأين ؟ ولكن بعض العرب يعتقدون بأنها تكف عن التوالد وعلى الرغم من ان كثيرا من هذه المعلومات يشوبها الخيال وتفتقر الى الدقة العلمية، لكنها مفيدة جدا في تسجيل مواسم زيارات الجراد الى الجزيرة العربية والاحتفاظ بسجلات عنها.

لم تعترضنا صعوبات تذكر في عبور رمال المأشورة التي خرجنا منها الى سهل حصبائي آخر يفضي الى ممر بين مجموعتين أخريين من الكثبان تعرفان باسم (طيب اسم) وقلاليت وبدت وكأن سلسلة المشورة الخارجية تمتد في اتجاه الجنوب الى مدى البصر كما تأخذ الكثبان الفردية نفس الاتجاه ويقال انه بعيد من جهة اليسار يقع مورد مياه (خريقات العشائر)، كما يلاحظ ان خطوط الرمال في هذه المنطقة تتراكم شمال وجنوب الشجيرات الصغيرة التي تتناثر فوق السهل، ولا أستطيع أن أقرر فيما اذا كان هذا يشير الى وجود توازن دائم بين الرياح السائدة، أو كما في الأرجح يمثل انتقالا من الرياح الشمالية التي كانت تهب مبكرا الى الرياح الجنوبية التي تهب الآن. ومررنا بين هذه الكثبان الى سهل حصبائي فسيح ذكرني كثيرا بسهل (ركبة) العظيم الذي يمتد على طول الطرف الشرقي لجبال الحجاز.


@الربع الخالي لفيلبي




التوقيع :

ادراك في نونها والنون=يدراك عن جفنها الساهر
لجلك كما الروح يالمضنون=منته. مجرد هوى عابر
    رد مع اقتباس