عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-07, 03:22 AM   #1
إداري سابق

 











 

سلطان الغيداني غير متواجد حالياً

سلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond reputeسلطان الغيداني has a reputation beyond repute

Thumbs up الــشـجـــاعــــة

قال الإمام ابن القيم في كتابه الفروسية:

[ فصل في مدح القوة والشجاعة وذم العجز والجبن ]

قال الله تعالى:{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} الأنفال:60

وقال تعالى في حق المؤمنين:{اشداء على الكفار رحماء بينهم } الفتح:29

وقال فيهم:{أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} المائدة:54

وقال تعالى:{ولا تهنوا في ابتغاء القوم} النساء:104
أي:لا تضعفوا.

وقال:{و لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} آل عمران:139


وفي الصحيحين عن النبي أنه قال:

(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).


وكان النبي يتعوذ بالله من الجبن ..

والجبن خلق مذموم عند جميع الخلق ..

وأهل الجبن هم أهل سوء الظن بالله وأهل الشجاعة والجود هو أهل حسن الظن بالله ..

كما قال بعض الحكماء في وصيته:عليكم بأهل السخاء والشجاعة فإنهم أهل حسن الظن بالله ..

والشجاعة جنة للرجل من المكاره والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه فهو جند وسلاح يعطيه عدوه ليحاربه به ..

وقد قالت العرب: الشجاعة وقاية والجبن مقـتلة ..

وقد أكذب الله سبحانه أطماع الجبناء في ظنهم أن جبنهم ينجيهم من القتل والموت فقال الله تعالى:{قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل}الأحزاب:16


ولقد أحسن القائل (وهو قطري بن الفجاءة الساري):

أقول لها وقد طارت شعاعاً=من الأبطال ويحك لن تراعي
فـإنـك لـو سـألــت بـقـاء يــوم=على الأجل الذي لك لن تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبراً=فما نيل الخلود بمستطاعي
وما ثوب الحياة بثوب عز=فيطوي عن أخي الخنع اليراعي
سبيل الموت غاية كل حي=وداعيه لأهل الأرض داعي
ومن لم يعتبط يسام ويهرم=وتسلمه المنون إلى انقطاعي
وما للمرء خير في حياة=إذا ما عد من سقط المتاعي



وفي وصية أبي بكر الصديق بن الوليد: احرص على الموت توهب لك الحياة .

وقال خالد بن الوليد: حضرت كذا وكذا زحفاً في الجاهلية والإسلام وما في جسدي موضع إلا وفيه طعنة برمح أو ضربة بسيف وها أنا ذا أموت على فراشي فلا نامت أعين الجبناء.


وكانوا يفتخرون بالموت على غير فراش ولما بلغ عبد الله بن الزبير قتل أخيه مصعب قال: إن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وعمه إنا والله لا نموت حتف أنفنا ولكن حتفنا بالرماح وتحت ظلال السيوف ثم تمثل بقول القائل:

وإنا لتستحلي المنايا نفوسنا=وتترك أخرى مرة ما تذوقها.


وفي مثل هذا يقول السموأل بن عادياء وهو في الحماسة:

وما مات منا سيد في فراشه=ولا طل منا حيث كان قتيل
تسيل على حد الظبات نفوسنا=وليست على غير الظبات تسيل
وإنا لقوم لا نرى القتل سبه=إذا ما رأته عامر وسلول
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها=خطانا إلى اعدائنا فتطول


وقال محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي:

لست لا ريحان ولا راح=ولا على الجار بتياح
فإن أردت الآن لي موقعاً=فبين أسياف وأرماح
ترى فتى تحت ظلال القنا=يقبض أرواحاً بأرواح


(( ولو لم يكن في الشجاعة إلا أن الشجاع يرد صيته واسمه عنه أذى الخلق ويمنعهم من الإقدام عليه لكفى بها شرفاً وفضلاً ))

كما قال عمرو ابن براقه وكان فاتكاً مشهوراً بالاقدام والثبات:

كذبتم وبيت الله لا تأخذونها=مراغمة ما دام للسيف قائم
متى تجمع القلب الذكي وصارماً=وأنفا حمياً تجتنبك المظالم


[ فصل في مراتب الشجاعة والشجعان ]

أول مراتبهم: الهمام .

وسمي بذلك لهمته وعزمه وجاء على بناء فعال كشجاع.

الثاني: المقدام .

وسمي بذلك من الإقدام وهو ضد الإحجام وجاء على أوزان المبالغة كمعطاء ومنحار لكثير العطاء والنحر وهذا البناء يستوي فيه المذكر والمؤنث كامرأة معطار كثيرة التعطر ومذكار تلد الذكور.

الثالث: الباسل .

وهو اسم فاعل من بسل يبسل كشرف يشرف والبسالة الشجاعة والشدة وضدها فشل يفشل فشالة وهي على وزنها فعلاً ومصدراً وهي الرذالة.


الرابع: البطل .

وجمعه أبطال وفي تسميته قولان: أحدهما: لأنه يبطل فعل الأقران فتبطل عند شجاعة الشجعان فيكون بطل بمعنى مفعول في المعنى لأن هذا الفعل غير متعد ، والثاني:أنه بمعنى فاعل لفظاً ومعنى لأنه الذي يبطل شجاعة غيره فيجعلها بمنزلة العدم فهو بطل بمعنى مبطل ، ويجوز أن يكون بطل بمعنى مبطل بوزن مكرم وهو الذي قد بطله غيره فلشجاعته تحاماه الناس فبطلوا فعله باستسلامهم له وترك محاربتهم إياه.

الخامس: الصنديد .

بكسر الصاد والعامة تلحن فيقولون صنديد بفتحها وليس في كلامهم فعليل بفتح الفاء وإنما هو بالكسر في الأسماء كقنديل وحلتيت وفي الصفات كشمليل ، والصنديد الذي لا يقوم له شيء.






[ فصل الفرق بين الشجاعة والقوة ]

وكثير من الناس تشتبه عليه الشجاعة بالقوة وهما متغايران فإن الشجاعة هي: ثبات القلب عند النوازل وإن كان ضعيف البطش.

وكان الصديق رضي الله عنه أشجع الأمة بعد رسول الله وكان عمر وغيره أقوى منه ولكن برز على الصحابة كلهم بثبات قلبه في كل موطن من المواطن التي تزلزل الجبال وهو في ذلك ثابت القلب ربيط الجاش يلوذ به شجعان الصحابة وابطالهم فيثبتهم ويشجعهم ولو لم يكن له الا ثبات قلبه يوم الغار وليلته وثبات قلبه يوم بدر وهو يقول للنبي يا رسول الله كفاك بعض مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك وثبات قلبه يوم أحد وقد صرخ الشيطان في الناس بأن محمداً قد قتل ولم يبق أحد مع رسول الله الا دون عشرين في أحد وهو مع ذلك ثابت القلب ساكن الجأش وثبات قلبه يوم الخندق وقد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجروثبات قلبه يوم الحديبية وقد قلق فارس الاسلام عمر بن الخطاب حتى إن الصديق ليثبته ويسكنه ويطمئنه وثبات قلبه يوم حنين حيث فر الناس وهو لم يفر وثبات قلبه حين النازلة التي اهتزت لها الدنيا أجمع وكادت تزول لها الجبال وعقرت لها أقدام الأبطال وماجت لها قلوب أهل الإسلام كموج البحر عند هبوب قواصف الرياح وصاح لها الشيطان في أقطار الأرض أبلغ الصياح وخرج الناس بها من دين الله أفواجا وأثار عدو الله بها أقطار الأرض عجاجاً وانقطع لها الوحي من السماء وكاد لولا دفاع الله لطمس نجوم الاهتداء وأنكرت الصحابة بها قلوبهم وكيف لا وقد فقدوا رسولهم من بين أظهرهم وحبيبهم وطاشت الأحلام وغشي الآفاق ما غشيها من الظلام وشرأب النفاق ومد أهله الاعناق ورفع الباطل رأساً كان تحت قدم الرسول موضوعاً وسمع المسلمون من أعداء الله ما لم يكن في حياته بينهم مسموعاً وطمع عدو الله أن يعيد الناس إلى عبادة الأصنام وأن يصرف وجوههم عن البيت الحرام وأن يصد قلوبهم عن الايمان والقرآن ويدعوهم إلى ما كانوا عليه من التهود والتمجس والشرك وعبادة الصلبان فشمر الصديق رضي الله عنه من جده عن ساق غير خوار وانتضى سيف عزمه الذي هو ثاني ذي الفقار وامتطى من ظهور عزائمه جواداً لم يكن يكبو يوم السباق وتقدم جنود الاسلام فكان أفرسهم إنما همه اللحاق وقال والله لأجاهدن أعداء الإسلام جهدي ولأصدقنهم الحرب حتى تنفرد سالفتي أو افرد وحدي ولأدخلنهم في الباب الذي خرجوا منه ولأردنهم إلى الحق الذي رغبوا عنه فثبت الله بذلك القلب الذي لو وزن بقلوب الأمة لرجحها جيوش الإسلام وأذل بها المنافقين والمرتدين وأهل الكتاب وعبدة الأصنام حتى استقامت قناة الدين من بعد اعوجاجها وجرت الملة الحنيفية على سننها ومنهاجها وتولى حزب الشيطان وهم الخاسرون وأذن مؤذن الايمان على رؤوس الخلائق {فإن حزب الله هم الغالبون}المائدة56هذا وما ضعفت جيوش عزماته ولا استكانت ولا وهنت بل لم تزل الجيوش بها مؤيدة ومنصورة وما فرحت عزائم اعدائه بالظفر في موطن من المواطن بل لم تزل مغلوبة مكسورةتلك لعمر الله الشجاعة التي تضاءلت لها فرسان الأمم والهمة التي تصاغرت عندها عليات الهمم ويحق لصديق الأمة أن يضرب من هذا المغنم بأوفر نصيب وكيف لا وقد فاز من ميراث النبوة بكمال التعصب وقد كان الموروث صلوات الله وسلامه عليه أشجع الناس فكذلك وارثه وخليفته من بعده أشجع الأمة بالقياس ويكفي أن عمر بن الخطاب سهم من كنانته وخالد بن الوليد سلاح من أسلحته والمهاجرون والأنصار أهل بيعته وشوكته وما منهم الا من اعترف أنه يستمد من ثباته وشجاعته.



انتهى..


{ كل ماتقدم من كلام ابن القيم .. بشئ من التصرف في الترتيب فقط }




التوقيع :
    رد مع اقتباس