ملتقى قبيلة حرب الرسمي

ملتقى قبيلة حرب الرسمي (http://www.m-harb.net/vb/index.php)
-   ملتقى المقتطفات الشعريه والشعر الفصيح والزواميل واالقصائد المنقولة (http://www.m-harb.net/vb/forumdisplay.php?f=99)
-   -   عيون المراثي ( لأبي الحسن التهامي) (http://www.m-harb.net/vb/showthread.php?t=36220)

فهد بن عيد 14-12-08 05:43 AM

عيون المراثي ( لأبي الحسن التهامي)
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد :-

قبل أن أورد القصيدة سأذكر شيئاً من سيرة الشاعر أبو الحسن التهامي

هوعلي بن محمد بن فهد، أبو الحسن التهامي الشاعر. وهو من الشعراء المحسنين المجيدين، أصحاب الغوص. مولده ومنشؤه باليمن، وطرأ على الشام وسافر منها، إلى العراق والى الجبل، ولقي الصاحب بن عبَّاد، وقرأ عليه، وانتحل مذهب الاعتزال، وأقام ببغداد، وروى بها شعره، ثمَّ عاد إلى الشام، وتنقَّل في بلادها، وتقلَّد الخطابة بالرّملة، وتزوَّج بها. وكانت نفسه تحدّثه بمعالي الأمور، وكان يكتم نَسَبَه، فيقول تارةً إنَّه من الطالبيِّين، وتارةً من بني أميَّة، ولا يتظاهر بشيءٍ من الأَمرين. وكان متورِّعاً، صَلِفَ النفس، متقشِّفاً، يطلب الشيء من وجهه، ولا يريده إلاَّ من حِلِّه. نسخ شعر البحتري، فلما بلغ أبياتاً فيها هجوٌ امتنع من كتبها، وقال: لا أُسطِّر بخطِّي مثالبَ الناس. وكان قد وصل إلى الديار المصرية مستخفياً، ومعه كتبٌ كثيرة من حسَّان بن مفرّج بن دغفل البدوي، وهو متوجِّه إلى بني قُرَّة، فظفروا به، فقال: أنا من تميم؛ فلمَّا انكشف حاله عُلم أنه التهامي الشاعر، فاعتُقل بخزانة البنود بالقاهرة لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وأربع مائة. ثمَّ إنَّه قُتل سرًّا في سجنه، تاسع جمادى الأولى من السنة المذكورة. وكان أصفر اللون .
ورُئيَ بعد موته في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قيل له: بأيِّ الأَعمال؟ قال: بقولي في مرثية ولدٍ لي صغير، وهو: جاورتُ أعدائي وجاور ربَّهُ ... شتَّانَ بين جوارِهِ وجواري وهذه القصيدة قالها في رثاء ابنه وقد عُدت من عيون قصائد الرثاء والحكمه




حكمُ المنيَّـةِ فـي البريَّـةِ جـارِ=مـا هـذه الدُّنيـا بـدار قــرارِ
بينا يُرى الإنسـانُ فيهـا مُخبـراً=حتَّى يُـرى خبـراً مـن الأَخبـارِ
طُبِعَتْ على كَـدَرٍ وأنـت تريدهـا=صفـواً مـن الأقـذاءِ والأكــدارِ
ومكلِّـفُ الأيَّـامِ ضـدَّ طباعـهـا=متطلِّبٌ فـي المـاءِ جَـذوةَ نـارِ
وإذا رجـوتَ المستحيـلَ فإنَّـمـا=تبني الرجاءَ علـى شفيـرٍ هـارِ
فالعيـشُ نـومٌ والمنيَّـةُ يقـظـةٌ=والمـرءُ بينهمـا خيـالٌ ســارِ
فاقْضـوا مآربكـم عِجـالاً إنَّمـا=أعمارُكـم سَفَـرٌ مـن الأسفـارِ
وتراكضوا خيلَ الشبـابِ وبـادروا=أن تُسْـتَـرَدَّ فإنَّـهـنَّ عَــوارِ
فالدهر يخدع بالمنـى ويُغِـصَّ إن=هَنَّـا ويهـدم مـا بنـى بـبَـوارِ
ليس الزمانُ وإن حرصتَ مسالمـاً=خُلُـقُ الزمـانِ عـداوَةُ الأحـرارِ
إنِّـي وُتِـرْتُ بصـارمٍ ذي رَوْنَـقٍ=أعـددتُـه لطـلابـةِ الأوتـــارِ
أُثنـي عليـه بأثـرِهِ ولـو أنَّــهُ=لـو يُغْتَـبَـط أثنـيـتُ بـالآثـارِ
يا كوكباً ما كـانَ أقصـرَ عمـرَهُ=وكـذا تكـون كواكـبُ الأسحـارِ
وهلالَ أيَّـامٍ مضـى لـم يستـدرْ=بدراً ولـم يُمْهَـلْ لوقـتِ سِـرارِ
عَجِلَ الخُسوفُ عليه قبـل أوانِـهِ=فغطَّـاهُ قبـل مَظِـنَّـةِ الإبــدارِ
واستُـلَّ مـن لأقرانِـهِ ولـداتِـهِ=كالمُقلَـةِ استُلَّـتْ مـن الأشفـارِ
فكـأنَّ قلـبـي قـبـرُهُ وكـأنَّـهُ=فـي طيِّـهِ سِـرٌ مـن الأسـرارِ
إنْ تَحْتَقِـرْ صغـراً فـربَّ مُفخَّـمٍ=يبـدو ضئيـلَ الشخـص للنُّظَّـارِ
إنَّ الكواكـبَ فـي علـوِّ محلِّهـا=لَتُرى صِغاراً وهـي غيـرُ صغـارِ
وَلَدُ المعزَّى بعضُـهُ فـإذا مضـى=بعضُ الفتـى فالكـلُّ فـي الآثـارِ
أبكيـهِ ثـمَّ أقـولُ معتـذراً لــهُ=وُفِّقْـتَ حـيـنَ تـركـتَ ألأم دارِ
جـاورتُ أعدائـي وجـاورَ ربَّـهُ=شتَّـانَ بيـن جـوارهِ وجـواري
أشكو بعادك لـي وأنـت بموضـعٍ=لولا الرَّدى لسمعتَ فيـه سِـراري
ما الشرقُ نحو الغرب أبعـدَ شُقَّـةً=من بُعد تلـك الخمسـةِ الأشبـارِ
هيهاتَ قد علِقتكَ أسبـابُ الـرَّدى=وأبـادَ عمـرَك قاصـمُ الأعمـارِ
ولقد جريتَ كمـا جريـتُ لغايـةٍ=فبلغتَهـا وأبـوكَ فـي المِضمـارِ
فـإذا نطقـتُ فأنـتَ أوَّلُ مَنطقـي=وإذا سكتُّ فأنـت فـي إضمـاري
أُخفي من البُرَحاءِ ناراً مثـلَ مـا=يُخفي من النـارِ الزنـادُ الـواري
وأُخفِّضُ الزَّفَراتِ وهـي صواعـدٌ=وأُكفكـفُ العَبَـراتِ وهـي جَـوارِ
وأكُـفُّ نيـرانَ الأسـر ولربَّمـا=غُلِـبَ التصبُّـرُ فارتمـتْ بشَـرارِ
وشهاب زَند الحـزن إن طاوعتـهُ=وارٍ وإن عاصـيـتـهُ مـتــوارِ
ثوبُ الرئـاءِ يشِـفُّ عمَّـا تحتـهُ=فـإذا التحفـتَ بـهِ فإنَّـكَ عـارِ
قصُرَتْ جفونـي أم تباعـد بينهـا=أمْ صُـوِّرَتْ عينـي بـلا أشفـارِ
جَفَتِ الكرى حتَّـى كـأنَّ غِـرارهُ=عند اغتماضِ الطرف حـدُّ غِـرارِ
ولوِ استعـارتْ رقـدةً لدحـا بهـا=مـا بيـن أجفانـي مـن التيَّـارِ
أُحيي ليالي التِّـمِّ وهـي تُميتُنـي=ويُميتـهـنَّ تبـلُّـجُ الأسـحـارِ
والصبحُ قد غمـرَ النجـومَ كأنَّـهُ=سيـلٌ كمـا فطفـا علـى النُـوَّارِ
لو كنتَ تُمنعُ خاض دونـك فتيـةٌ=منَّـا بُحُـرَ عـوامـلٍ وشِـفـارِ
فدَحَوْا فُويقَ الأرضِ أرضاً مـن دمٍ=ثمَّ انثنَـوا فبنَـوا سمـاء غُبـارِ
قومٌ إِذا لبسـوا الـدروع حسبتَهـا=سُحُبـاً مُـزَرَّرةً علـى أقـمـارِ
وترى سيـوفَ الدارعيـنَ كأنَّهـا=خُلُـجٌ تُمَـدُّ بهـا أكـفُّ بـحـارِ
لو أشرعوا أيمانهم مـن طولهـا=طعنوا بها عِـوَضَ القنـا الخطَّـارِ
شُوسٌ إِذا عدِموا الوغى انتجعوا لها=فـي كـلِّ آنٍ نُجعَـةَ الأمـطـارِ
جنبوا الجيادَ إلى المطيِّ فراوحـوا=بيـن السـروج هنـاك والأكـوارِ
وكأنَّهم مـلأوا عِيـابَ دروعهـمْ=وغُمـودَ أنصُلِهـم سـرابَ قفـارِ
وكأنَّمـا صَنَـعُ السوابـغِ غَـرَّهُ=ماءُ الحديـدِ فصـاغَ مـاءَ قَـرارِ
زَرَداً وأحكم كـلَّ مَوْصِـلِ حلقـةٍ=بحَبابـةٍ فـي موضـع المسمـارِ
فتدرَّعـوا بمتـون مـاءٍ راكــدٍ=وتقنَّعـوا بحَبـاب مــاءٍ جــارِ
أُسْـدٌ ولكـن يؤثـرون بـزادهـمْ=والأُسـدُ ليـس تديـن بالإيـثـارِ
يتعطَّفونَ علـى المُجـاورِ فيهـمُ=بالمُنْفِسـات تعـطُّـفَ الآظــارِ
يتزيَّنُ النـادي بحُسـن وجوههـمْ=كتـزيُّـنِ الـهـالات بالأقـمـارِ
من كلِّ مَن جعل الظُّبـى أنصـارَهُ=وكَرُمْنَ فاستغنـى عـنِ الأنصـارِ
والليـثُ إن ساورْتَـهُ لـم يَتِّكِـل=إلاَّ علـى الأنـيـابِ والأظـفـارِ
وإذا هو اعتقـل القنـاةَ حسبتَهـا=صِـلاًّ تأبَّطَـهُ هِـزَبْـرٌ ضــارِ
زَرَدُ الدِّلاصِ من الطِّعـان برمحـهِ=مثل الأسـاور فـي يـد الإسـوارِ
ويجرُّ ثـمَّ يجـرُّ صعـدَةَ رمحِـهِ=في الجحفـلِ المتضايـقِ الجـرَّارِ
ما بيـن ثـوبٍ بالدمـاء مُضَمَّـخٍ=خَلَـقٍ ونقـعٍ بالـطِّـراد مُـثـارِ
والهُونُ في ظِـلِّ الهُوَيْنـا كامـنٌ=وجلالـةُ الأخطـارِ فـي الإخطـارِ
تنـدى أسِـرَّةُ وجهـهِ ويميـنـهُ=فـي حالـةِ الإعسـارِ والإيسـارِ
يحوي المعالـيَ خالِبـاً أو غالبـاً=أَبـداً يُـدارى دونهـا ويُــداري
ويمـدُّ نحـو المكرُمـاتِ أنامـلاً=للـرزقِ فـي أثنائهـنَّ مـجـارِ
قد لاحَ في ليـل الشبـاب كواكـبٌ=إن أُمهلـتْ آلـتْ إلـى الإسفـارِ
وتلَهُّبُ الأحشـاءِ شيَّـبَ مَفْرقـي=هذا الضيـاءُ شُـواظُ تلـك النـارِ
شابَ القَذالُ وكـلُّ غصـنٍ صائـرٌ=فَينانـهُ الأحـوى إلـى الأزهـارِ
والشبه منجذبٌ فلِمْ بيـضُ الدُّمـى=عـن بيـضِ مفرقـهِ ذواتُ نفـارِ
وتوَدُّ لـو جعلـتْ سـوادَ قلوبهـا=وسوادَ أعينهـا خِضـابَ عِـذاري
لا تنفر الظَّبيـات منـهُ فقـد رأت=كيف اختلافُ النبت فـي الأطـوارِ
شيئـان ينقشعـان أوَّلَ وهـلـةٍ=ظلُّ الشبـاب وصُحبـةُ الأشـرارِ
لا حبَّـذا الشيـبُ الوفـيُّ وحبَّـذا=شـرخُ الشبـابِ الخائـنِ الغـدَّارِ
وَطَري من الدُّنيا الشبـاب ورَوقـهُ=فإذا انقضى فقد انقضـتْ أوطـاري
قَصُرَتْ مسافتُـهُ ومـا حسناتُـهُ=عـنــدي ولا آلاؤُهُ بـقـصـارِ
نزداد همًّـا كلَّمـا ازددنـا غنًـى=فالفقر كـلُّ الفقـرِ فـي الإكثـارِ
ما زاد فوق الـزادِ خُلِّـفَ ضائعـاً=فـي حـادثٍ أو وارثٍ أو عــارِ
إنِّي لأرحـم حاسـدِيَّ لحـرِّ مـا=ضمَّت صدورهـمُ مـن الأوغـارِ
نظروا صنيـع الله بـي فعيونُهـمْ=فـي جنَّـةٍ وقلوبهـم فـي نـارِ
لا ذنبَ لي قد رمتُ كتـمَ فضائلـي=فكأنَّنـي بَرْقَعْـتُ وجـهَ نـهـارِ
وسترتهـا بتواضعـي فتطلَّـعَـت=أعناقهـا تعلـو علـى الأسـتـارِ
ومـن الرجـال مجاهـلٌ ومعالـمٌ=ومن النجـوم غوامـضٌ ودراري
والناسُ مشتبهـون فـي إيرادهـمْ=وتبايـنُ الأقـوام فـي الإصـدارِ
عَمْري لقد أوطأتُهم طُـرُقَ العُلـى=فعمُوا ولم يطـأوا علـى آثـاري
لو أبصروا بعيونهـم لاستبصـروا=لكنَّهـا عميـتْ عـن الإبـصـارِ
أَلا سعَوا سعـيَ الكـرام فأدركـوا=أو سلّمـوا لمـواقـع الأقــدارِ
ذهبَ التكرُّمُ والوفاءُ مـن الـوَرَى=وتصرَّمـا إلاَّ مــن الأشـعـارِ
وفشتْ جنايات الثقـات وغيرهـمْ=حتَّـى اتَّهمنـا رؤيـةَ الأبـصـارِ
ولربَّما اعتضـد الحليـمُ بجاهـلٍ=لا خير فـي يُمنـى بغيـر يسـارِ



لم ارى في الحياه شي اقوى واقسى من الفراق الأبدي
لذلك هي لا تستحق أي شي

هزاع الحربي 15-12-08 01:44 PM

اي والله الفراق الابدي صعب ولا يوصف ..... لكن عزائنا اننا سنقابل من افترقنا عنه

في جنات النعيم وهذ يبعث على الطمئنينه والتسليم ..... وهي للمسلم فقط .



مشكور يا بن العم على هذه الرائعه

راشد بن علي 05-01-09 04:59 PM

مشكور على هذه الرائعه الادبيه



الساعة الآن 10:40 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi