لتكن حادثة الضرب البداية
فارس بن حزام الحربي
شريط فيديو يدين أصحابه بالصوت وبالصورة، ربما يكون بداية لعمل جاد وحازم يوقف مسلسل سوء معاملة العمالة الوافدة في البلاد، مثلما أصبحت حادثة الاعتداء على المواطن السعودي في مركز أمني في البحرين، بداية متوقعة لوقف مسلسل الاعتداء على المواطنين هناك.
التسجيل المرئي، الذي يُظهر أحد العمالة الوافدة وسط مجلس يتعرض للضرب وللشتم، ربما لم ينتشر كثيراً، وربما لم يطلع عليه معظم القراء، عندما ظهر على شبكة الإنترنت قبل أقل من أسبوع.
في التسجيل، يظهر شابان يتناوبان على ضرب عامل آسيوي في آخر الأربعين من عمره، بحضور رجلين آخرين من أسرتيهما، أحدهما، لا شك أنه شارف على عقده السابع، وإضافة إلى الشتائم كان الضرب المبرح، بالركل والرفس، مع اللجوء إلى "العقال"، السلاح السعودي التقليدي.
يتضح من التسجيل أن العامل ارتكب خطأ جوهرياً في العلاقة مع أرباب العمل، إذ، حسب الحديث الدائر في ال 145 ثانية، فالعامل "بصبص" على نساء البيت، وقد أقر بفعلته خلال الضرب، وهو إقرار دفع أحد الشابين المعتديين إلى تفعيل السلاح التقليدي "العقال" على جسد العامل الغلبان.
ما يبدو حسب التسجيل، أن الشابين ومن معهما في المجلس، حيث الحادثة، لجأوا، كالعادة مع العمالة المنزلية، إلى القانون الداخلي، الذي سيعقبه ترحيل من البلاد، بعيداً عن مؤسسات الدولة.
الأكيد، أن سوء سلوك العامل مع أرباب عمله، لا يبرر الاعتداء على إنسانيته، حتى وإن أقر فعلته وخطأه، فهناك نظام، وجهات رسمية تتولى تطبيقه، ولسنا في غابة.
ودائماً، لابد أن نقول شكراً للتقنية، التي تعالج أخطاء المجتمع، وتقوّم سلوك أفراده السلبيين، وتعيد وضعهم على الصراط المستقيم، لتبعثهم من جديد إلى إنسانيتهم المفقودة. فلا يجب أن نمنح المنظمات الدولية فرصة لتشويه صورة بلد بأكمله من خلال سلوكيات بعض أفراده، وواجبنا الوقوف بحزم أمني واجتماعي.
فربما تفتح الحادثة ملف القضايا المرصودة عند السفارات الآسيوية، عندها لا يجب أن نغرس رؤوسنا في التراب، ونتغافل عن القضايا، حتى لو صنفت ضمن الحوادث الفردية. وعلينا الاتفاق على ما ترتكبه الحالات الفردية من إساءة إلى صورة نحاول رسمها عن مجتمع كريم ومتسامح، ويعتز بمكارم الأخلاق، التي نادى بها الإسلام.
كما علينا أن نتذكر جميعاً، النعمة التي نعيشها، حتى أصبح في بلد السبعة عشر مليون مواطن، أكثر من ثمانية ملايين مقيم، ونتذكر أن النعم لو لم تصلنا، لكان منا عمالة وافدة تخدم في دول آسيوية يتعرض مواطنوها لسوء في بلادنا.
أتمنى أن أسمع، أو أقرأ، أن الجناة في هذه الحادثة قد نالوا جزاء فعلتهم.