حججت ذات سنةٍ فإذا أنا برجلٍ عند البيت وهو يقول: اللهمَّ اغفر لي وما أراك تفعل ..
قال: فقلت: يا هذا ما أعجب يأسك من عفو الله ..
قال: إنَّ لي ذنباً عظيماً ..
قال: فقلت: أخبرني ..
قال كنت مع يحيى بن محمدٍ بالموصل فأمرنا يوم جمعةٍ فاعترضنا المسجد، فنرى أنا قتلنا ثلاثين ألفاً ثمَّ نادى مناديه من علَّقَ سوطه على دارٍ فالدار وما فيها له، فعلقت سوطي على دار ودخلتها فإذا فيها رجلٌ وامرأةٌ وابنان لهما، فقدمت الرجل فقتلته، ثمَّ قلت: للمرأة هاتي ما عندك وإلا ألحقت ابنيك به، فجاءتني بسبعة دنانير ومتيعٍ، قال: فقلت: هاتي ما عندك فقالت ما عندي غيرها، فقدمت أحد ابنيها فقتلته ثم قلت: هاتي ما عندك وإلا ألحقت الآخر به فلما رأت الجدَّ مني.. قالت: أرفق فإنَّ عندي شيئاً كان أودعنيه أبوهما، فجاءتني بدرعٍ مذهبةٍ لم أر مثلها في حسنها فجعلت أقلبها فإذا عليها مكتوبٌ بالذهب:
إذا جار الأمير وحاجباه ** وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فويلٌ ثمَّ ويلٌ ثمَّ ويلٌ ** لقاضي الأرض من قاضي السماء
فسقط السيف من يدي وارتعدت، وخرجت من وجهي إلى حيث ترى ..