|
قـلـبٌ طـاهـر


يــا هــــذا ... طهر قلبك من الشــوائب ، فالمحبة لا تُلقى إلا في قلبٍ طـــاهــر
أما رايتَ الـزارع يتخير الأرض الطيبـة ويُسقيها ويرويها ، ثـم يُثيرُها ويُقلبها ، وكلما رأى حجراً ألقاه ، وكلما شاهد ما يُؤذي نحاه ، ثـم يُلقي فيها البذر ، ويتعاهدُها من طوارق الأذى.
وكــذلك الحق عزَّ وجلَّ ، إذا أراد عبداً لوداده ، حصد من قلبه شـوك الشرك ، وطهرهُ من أوسـاخ الرياء والشـك ، ثـم يُسقيه مـاء التــوبـة والأنــابـة ، ويُثيرهُ بمسحـاة الخـوف والإخــلاص ، فيستوي بـاطـنـه وظـاهـره في التقـوى ، ثـم يُلقي قيه بــذر الهـدى فيُثمر حبّ المَحَبة ، فحينئذ تجـد المعرفة وطناً ظـاهراً ، وقُوتاً طـاهـراً ، فيسكن لُبْ القلب ، ويثبت به سلطانها في رُستـاق البذر ، فيسري من بركاتها إلى العين ما يغُضها عن سـوى المحبوب ، وإلى الكف مـا يكفها عن سوى المطلوب ، وإلى اللسـان ما يحبسه عن فضـول الكــلام ، وإلى القـدم ما يمنعهُ من سرعة الإقـدام.
فمــا زالـت تـلك النـفـس الطــاهــره رائضُها العلم ، ونديمها الحلم ، وسجنُها الخــوف ، وميدانها الرجـاء ، وبُستانها الخلـوة ، وكنزهـا القنــاعـة ، وبضاعتها الـيـقـيـن ، ومركزها الزهــد.
وهــي مشغولةٌ بتـوطئة رحلهـا لرحيلهـا ، وعين أملها ناظـرةٌ إلى سبيلها ، فإن صعد حافظاها فالصحيفة نقـيـة ، وإن جاء البلاء فالنفس صــابرةٌ تقيــه ، وأن أقبـل المــوت وجدها من الغش خلية.
فـيــا طــوبــى لهـا إذا نُـوديت يوم الـقـيـامـة : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً )

.
.
.
|