قوارب النجاة: التي أعَدَّها الله لعبادِه المتقِين:
قوارب النجاة: التي أعَدَّها الله لعبادِه المتقِين:
للشيخ:عبد الله بن جار الله آل جار الله, رحمه الله
قارب النجاة السادس: الإخلاص لله:
وهو قارب النجاة من الغرَق في بحر النِّفاق، والشرك، والرِّياء، وحب الظهور، وبوار الأعمال:
والمؤمن في عمله ونشاطه، وفي كتابته وخطابته، في جهاده وجلاده، أحوج ما يكون إلى الإخلاص؛ حِفاظًا على أعماله من البوار، وحتى لا يكون معنيًّا بقوله تعالى:﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]. فلا بدَّ للمؤمن بين يدي كل عمل من تصحيح النية، وتقويم القصد، وتصفية النفس، وليكن ذكراه في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إنما الأعمال بالنِّيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى) فالإخلاصُ لله تعالى هو صِمام الأمان في حياة المؤمنين، به تزكو أعمالُهم، وتضاعف أجورهم، وترفع درجاتهم.
فبالإخلاص تكون الأعمالُ والأقوال، تكون العبادة، والتعليم والتعلم، يكون الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يكون الإنفاق والإحسان، يكون الجهادُ والبذل والتضحية، يكون كل ذلك في ميزان العبد يوم القيامة. فالمسلمون العاملون مدعوُّون للخروج من ذواتهم، وحظوظ أنفسهم، مدعوُّون إلى تنْقية السرائر قبل الظواهر، فكَمْ من أعمال كبيرة أفسدتها خواطِر صغيرة وحقيرة! وكم من مكابدة ومجاهدة، ضيعتها رغبات مشوبة فاسدة! روى البيهقي عن أبي الدرداء رصي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( إن الاتقاء على العمل أشد من العمل، وإن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول به من السر، يضاعف أجره سبعين ضعفًا، فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ويعلنه، فيكتب علانية، ويُمحى تضعيف أجره كله، ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ثانية ويعلنه، فيكتب علانية فيمحى من العلانية ويكتب رِياء، فاتَّقى الله امرؤ صان دينه، وإن الرياء شرْك).