كتابات - بهاء الدين الخاقاني
ان السنين التى تمر على العراق من حيث الجانب الثقافي عموما والاعلامي قد دلت عبر احداثها على ظواهر تؤكد المؤثر الخارجي الشديد عليها في الفعل ورد الفعل . ان ما يتاكد للعراقيين في هذه التجربة بان كل شيء في العالم يتاسس على اسس من التغيير والتحولات , ولا شيء يرى اكثر واقعية من التحول والتغيير . ان فلسفة الموت وانعدام الحياة وانتهاء الوجود , الى جانب الثقافة الذاتية وماهية الطبيعة البشرية والدنيوية تتكرر وبشكل مطرد في اغلب الثقافات والتراثيات الثقافية والدينية والمذهبية وعموم الثقافة العقائدية ,لتنبه البشرية والانسان العراقي الى فناء الدنيا . والحاضر يظهر قبل اى مشهد في أي وقت مضى على ساحة الاحداث , وقبل أي تحليل ثقافي ان كان اعلاميا او سياسيا فانه يظهر بشكل ملفت للانتباه على افواه الناس على شكل استهزاء او نكات او اضحوكة لاتخلو احيانا من الحكمة او الفلسفة وربما فيها الكثير من البكاء والرثاء على الحال والوطن والانسان والدين , لتكون حكايات شعبية وافكار لروايات عظيمة وقصائد فريدة ان التقط فكرتها المبدعون من الشعراء والروائيين والكتاب , ولتكون حكمة للسياسيين والمجاهدين ولكن مع الاسف بعد فوات الاوان, واقول بعد فوات الاوان لانهم في واد والحكمة اليوم في واد, فدعهم يتقاتلون على فتاة الدنيا وليس العقيدة والرسالة , وليقول القائل القريب والبعيد وهو يخاطب مريديه ومقلديه واتباعه هل تريدون لنا كما حدث للعراق , او ان يقول نحن لسنا كالعراقيين ليحدث لنا ما حدث لهم, وهذه عبارات قالها الصديق قبل العدو , على رغم ان العدو شامت بنا .فكيف اذن يمكن مواجهة هذا الواقع وهذه الظواهر وهذه المؤثرات .ان الحاضر العراقي وانسانه الجريح وايضا العظيم والفريد من نوعه والتاريخي , والذي في منهجيته اليوم وظاهره وباطنه وكأنه في سكرة من خمرة اريد له كي لايستوعب أي رواية او قصة او قصيدة او نص قراني او حديث او حكمة وعبر او رسالة سماوية او مبدأ ارضي حكيم حدث له عبر تاريخه القديم والجديد مخمورا بين قنابل ذرية الشائعات وبذرة صواريخ الكراهية والجمرة الخبيثة من الطائفية والضياع خلف اكذوبة القناع الاسود المسمى بالنفط واقتصاد العراق المنهوب وكيمياوي التجزءة التدريجية نعوذ بالله منها ومتفجرات عنقوديات الحقد , والله يحفظنا مما تخبئه لنا هيدروجينية الغرف السرية والتى تتعامل مع العراقي والعراق كانه طفل يتيم يحتاج لوصاية وتربية وتعليم. ولهذا ياتي انين مؤلم كهديل الحمام متسائلا اذن كيف ندرك انفسنا وكيف نستوعب افكارنا , لكي نحيل الدمعة الاسطورية الى اسطورة وملحمة الانسان العراقي الواعي المثقف امام جهل الادعياء . فمثلما المواطن العراقي وهو انساننا المحبب عربيا واسلاميا وعالميا والاحداث تؤكد ذلك , وهو في حالة استهزاء لما يحدث له كرقصة ذلك العصفور الجريح المدمى على الشجرة وهو يرى نفسه في حافة السقوط الى فم القطة الشرسة بعد ان اصابه الصياد بحصاه , ويعيش ما بين الغمز واللمز على كل حدث وهو يعي ما يحدث ولكن يفتقد لبلاغة طالما كان معروفا بها نحرتها سياسات ما سمي بالفرصة العراقية الذهبية بالتحرر والحرية , وكأن العراق وهذا العراقي امام مراة لاتعكس سوى نفسه النازفة دون ان يمسك بمظهر من خلف المرايا لان هناك من يمسكها له ربما يكون شبحا وهي افكار تتصارع ما بين نظرية المؤامرة ,ونظرية الصداقة والتحالف استنادا على واقعية من التغيير والتحول , لتكون العقيدة الدينية الجديدة كرسالة سماوية الى الانسان العراقي وان جندت المذاهب لذلك بكذبة وان ضمنت الديمقراطية والحرية حق الابن ان يشرب الخمرة امام ابيه فضلا عن السكارة وفضلا عن دعوة ابنته لحفلة عيد ميلاد صديقها الى الصباح, بعد ان يتم تطويع الشعب على حقوق الانسان والحرية الشخصية وقانون الاقتصاص بالقضاء ان خالف الاب او الام هذا القانون, ليفصل الاهل عن الابناء .وهنا ليس على العراقي الا ان يكون المرايا المقابلة كي يفهم الانسان في انعكاس المرايا من هو خلفه ان جهل من هو امامه يتستر بالمرايا . هذا هو الحاضر الذي في كل ملاعبه وما يفهم من صناعة الدمى وصراع الانسان ما بين الحب والكراهية , وذات التشكيل الداخلي لكيانه بين الامل والياس. فس معركة الدماء ومعارك القصيدة , يوحي برسالة ان هناك انسان هو العراقي نفسه يقاتل بكل ما اوتي من قوة والهام عبر يديه واسنانه وما اشتمل عليه كيانه من الروح والعقل والقلب والنفس والعاطفة , لكي يحافظ على وجود هذا العراق وهذا الانسان وهذا التنوع الحضاري الذي لم يمس بكرامته في يوم من الايام اكثر مما مسه اليوم بتهمة انه غير قادر لحكم نفسه ولابد من وصاية عليه , لانه يدرك ان الموت حكمة وحق ان جاء يومه او مازال هناك وقت لحياته فالاهم ان يهيء كيف يقابل ربه وكيف يؤسس لذكرى , مثما فعلها كلكامش في رحلته عندما وجد ماء الحياة الابدية ففضل ان يعيش الحياة الحالية ويموت من اجل تجربة جديدة وهي معرفة الموت , ويقال انه كان احد الانبياء في ارض العراق ليقابله اخنوخ الحاصل على الماء الابدية كيما يتواصل مع المؤمنين من ارض العراق الى ساعة ظهور المنقذ وعاصمته العراق الكوفة ويقال انه نبي يعرف بالخضر وهناك الياس وهو ايضا من انبياء الارض العراقية وكان اميرا او ملكا او او , تلك الذكرى المهمة لحياة الانسان كيما لايتهمه الجيل القادم قبل ربه يوم المعشر انه كان في سكرة الموت والتبعية وهو في عز عقله وقلبه. هذا هو المشهد الذي يبدأ دوما بصرخة امراة وهي تشق ثوبها الابيض ليتحول الى اسود في الفاتحة , وان هذا الحاضر الذي يتكرر يشكل ظاهرة لميلاد ماساة واضمحلال الموجودات في الحياة ولكنه في نفس الوقت مولد ضوء ضد تهالك الكون والعراق , هذه هي دوما مجاري الحياة ودورتها في الفلك الجاري .انه حاضر انحلال البشرية ومن الافضل ان اقول انحلال الموجودات التي من اجل الحفاظ على بقاءها تقاتل باليد والاسنان وبقايا الضمير عله يستيقض الضمير في كل انسان نائم , وعلى رغم ذلك فان الفناء سياسة تجري في العراق وعلى الانسان العراقي. ولكن العراق عبر ماساته وجراح الطفل اليتيم بات سرير ذلك المريض الذي انعشته ضربات امراة يائسة على صدره ليفيق من الموت الوهمي بعد ان فقد جهاز انعاش , ليكون بجسمه المتهالك المريض ساحة مناسبة لافكار واراء واسالة اساسية ومصيرية تطرح من قبل ذهنية الناظر والمنظور اليه وهي راسخة في الاذهان والتفكير لتجعل الانسان والعراق وحتى العالم ان يلتفت الى اهم ملاحظة في هذه الجراح واستمرارية العنوان العراقي دون فناء والتى تحاول بكل عنفوانها الاصيل وبفروسية التاريخ واصالة الرسالات ان يحتفظ بالحياة لنبؤة قادمة , اليس كذلك , وهذا تسائل اخر .
ان هذا الجهد والسعي هو خصوصية هذا الانسان الذي لايمل عن الفضول حتى في الموت وفي كل الاحوال , في اية حالة او وضعية او عمر وتاريخ يكون فيه , حتى ولو يتحول هذا الوجود المتهالك له الى اجساد نتنة . ان هذا الجهد العبثي الفوضوي الى الوجود ولامر ما.. وقدر ما.. كان وما زال مستمرا وسيستمر لاجل حكمة نبؤة مجهولة عند كثير من الجهلة بعلم سنن الكونية التى العراق وانسانه وعصائبه احد اعمدتها , وان كانت المذابح والمجازر والمقابر الجماعية الوطنية والاممية , المكتشفة منها والسرية منها وغير المكتشفة القديمة لعصور الظلام ولعصور الحاضر , وسيل النزيف وهول الصراخ .ان في صدور هذه الحقائق من النفس البشرية وبيانات الضمائر واثار تحفيرات لاطفال يتاما ستكون اثرا بابليا جديدا يخبر العالم عن فراعنة وهامانات ونماردة , تظهر اما م المشاهد ادوات تثير الحافظة والذكريات لتؤثر في الانسانية والتاريخ وحتى العقيدة واولها مظاهر سيل الدماء من بشر هم اول من كتب القانون والحقوق واول من انزل عليهم نبي ومصحف وليكون ادم ونوح وابراهيم وعيسى ومحمد عليهم السلام جميعا من عشائرهم المسماة بعنوان العراق دون ان ينكر الحقائق السماوية باحث مهما جحد و وطني مهما خان وقائد مهما بنى اسوار على الاحياء ومحرر مهما زيف حقائق عنوان الاحتلال ومتدين مهما افتعل الزهد والديانة وسياسي مهما لقب بابي جهل وثوري مهما عبث بالفلسفة ومقاتل مهما ادعى الجهاد ومنظمات مهما حرفت صيانة الحقوق والانسانية واسست لزدواجية القيم وقوى عظمى مهما عزز وهمها ابليس احفادا وابناء ومتزلفين وعالم دين مهما فرض الاعلمية لتلقين الانسان بجهله واستصغار عقله ...ان هذا البلد وانسانه ومشهده في جوار احداثه المهمة يطرح خصوصية للمطالبة بتأويل نبؤته , من اجل ان تدرك البشرية الوحي وانقطاعه وكيف التعبير عنه في زمن الانقطاع والغيبة ومن ثم ان يتقبل الانسان في عموم الكون هذه الحقيقة التى ظهرت من جراح ونزيف العراقيين .فما بين الانسان الحقيقي مهما بلغت امكانياته يبقى حقيقيا ان كان انتهج التقية او العجلة الى رحمة الله بالمجاهرة وما بين الدمى وعرائس المسرحيات وابعاد رجالات الخشب , تنقسم البدعة ما بين المعروف والمنكر ولا مجال للشبهات مهما بلغ عصر الفتنة يبقى عصرا تزدحم به الفتنة والجور , لتكون اقنعة الوجوه المزيفة مفروزة عن الوجوه الناصعة كختم في الجبين عنوان أي منهم معروف ولتكون الاسرّة لكل منهما عنوان طهارته ووحي التأويل ان كان سماويا او بدعة عقل ناقص مجنون يحب العظمة او يستسلم لذل التبعية , وبعبارة اخرى هو انعكاس صراع مرير ما بين الامنيات والروح التى لابد من التعبير عنها انها الطاقة لاحياء المادة ما بين ان تكون وسيلة يستعبدها البشر او بين ان تكون اله يستعبد الانسان , لتصاغ على اساس ذلك بدع النظريات والتبريرات لتطويع العالم , فكان العراق بمرارته والامه مرايا لكل عاقل وجاهل كيما يرى , وليس ليختار ما يريد ان يرى , وفي ظل الصراع يسمع للضحكات او البكائيات مغزاها ان كانت خطبة او قصيدة او فاتحة او عرسا او عبثا للقاء فضوي او ما عرف من مقالات جنسية, يفتخر كتابها بالتحليل النفسي ولايدرون انهم يجانبون الحقيقةعندما يثيرون الغرائز لتهيئة جيل يشعر بالنقصان وليس بالحرية , او مقالات ملاكمات العصر الحديث او بث الظنون الاثمة بهذا او ذاك وكأن المرء يعيش ابدية دون حساب على ما يسبب من ذاك من قطرة دم تسفك بسبب تهمة او موقف اوانتماء معارض او تسابق في رجولة او نضالية مزيفة . ليرتسم الواقع الذي طالما تفلسف المتفلسفون حوله بتنظير الواقعية والمثالية وغيرهما , فيكون واقع نقطة العطف لمفهوم العراق في ايجاد الاصرة والرابط الذي قل مثيله والساحر ايضا للالباب ما بين البشرية والعراق وما بين الدمى والانسان الحق وما بين المسرحيات والحياة الحقيقية . فيكون الانسان ما بين صمت بمنزلة الذهب وما بين صمت بمنزلة الميت الحي , ويبقى الميزان هو ادراك الانسانية وانطباعها ما بين هذا وذاك, ومن المؤكد تكون لمن تكلم لان المر ءكما يقولها حكيم العرب مخبؤ تحت لسانه , فلا تهتم البشرية لمن يصمت ان كان حكيما او كان ثرثارا . ولكن الخالق عزوجل وبما اعطى الانسان من ادوات والات وايحاءات يجعل الانسان نفسه مبرزا ما بين ان يكون حكيما او ثرثارا , ولتكون حكمته حتى ولو بات صامت يسير في كل العالم يكون صمته لغة عالمية يدركها الحكماء في الدنيا مهما كانت لغتهم انكليزية او صينية او فرنسية او روسية او ان تكون غير لغات الدول العظمى ومن لغات العالم الثاني او الثالث او الرابع او أي عالم مستضعف في الارض , الجميع يدرك بلغة الاهية لماذا يعاني العراق وانسانه من دون كل الاوطان والبشرية , انه سر الحكماء لديهم ويخشون الكشف عنه. ولهذا يكون العراق وانسانه العظيم النازف فرصة دعوة لتناوب فلسفة الموت والهلاك امام الحياة والخلود لكل البشرية حتى اعداء العراق , ولتكون الذاكرة لهم تعيد العراق بمشاهده المجزءة كيما يبعث الجنون في العقل لكل من ساهم بالماساة , ولكي يكون العراق نتيجة المصير لدى المحب المفكر الحكيم مهما كانت لغته وجنسيته , لان هذا العراق هو اهم نتائج التاريخ التى تضع الانسان والبشرية وجه لوجه مع فلسفة الهلاك والموت وثم الانبعاث وذلك ينطبق حتى على الحيوانات وكل كائن حي لانه سيدرك بالغريزة فكيف بمن يملك عقلا , ليظهر العراق ضمير العالم ونوعية ذاته وما تطبّع عليه ومن ذلك الانانية . ان العراق حدث لتداعي الزمان ولحظة الموت ومرايا جرائم البشرية , كيما يعلِّم العراق العالم ساعة الانبعاث , هكذا ينهض الانسان الطاهر والوطن المقدس من نزيف جراحه, على رغم انف ابليس وعشائره الانسية والجنية والشيطانية .