عند استعراض نصوص الكتاب والسنة وحياة الصحابة ، فإننا نجد العديد من النصوص والوقائع التي تبين قدرات المرأة العقلية وتبرزها .
• فقد تحدث القرآن الكريم عن ذكاء امرأة العزيز حاكم مصر وتخطيطها المتقن ، عندما جَمعت النسوة ، وتوقعت ما يمكن أن يحصل لهن عندما يرين سيدنا يوسف وينبهرن بجماله .
• وكذلك الحال مع حاكمة سبأ وحنكتها وحسن تدبيرها .
• ومع بنات شعيب عليه السلام عندما أشارت إحداهن عليه أن يستخدم سيدنا موسى ، ثم كان أن تزوج بإحداهن ، ففي هذا تخطيط وبعد نظر ولفت انتباه يدل على توافر القدرات العقلية .
• ولا تخفى مواقف السيدة خديجة رضي الله عنها مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة , حيث هدأت من روعه وذكرته بما هو عليه من الصفات الحميدة , وطمأنت نفسه ، ثم أخذته عند ورقة بن نوفل . ثم مواقفها العديدة معه فيما بعد .
• واخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أم سلمة يوم الحديبية وأشارت عليه بان يحلق رأسه ويخرج للناس ، فكان أن تبعه الناس كلهم بعدما امتنعوا عن الاستجابة لأمره . وهذه القصة موجودة عند البخاري بتمامها في باب الشروط في الجهاد .
• واستشار عمر رضي الله عنه ابنته حفصة واخذ برأيها في مدة غياب الزوج عن زوجته . كما ناقشته امرأته فأنكر عليها أن تناقشه ، وأعلمته أن نساء الرسول يناقشنه باستمرار ، حتى يظل يومه غضبان . وهذا عند البخاري في باب النكاح .
فهذه مجرد أمثلة على واقع مقرر وليست حالات شاذة كما يتوهم بعضهم .
النصوص الشرعية المثيرة للإشكاليات
أما النصوص التي يمكن أن تثير إشكاليات حول هذا الموضوع فقد استعرضها الإمام ابن حزم رحمه الله ، وهو من أئمة الظاهرية ، وقام بالرد على الشبهات القائمة حولها . وسوف اذكر فيما يلي أهم هذه النصوص وردود ابن حزم بتصرف ، مع بيان درجة صحة الأحاديث التي فيها .
• قوله تعالى: (وليس الذكرُ كالأنثى) . ليس فيه مفاضلة فالذكر ليس كالأنثى من حيث الخِلقة كما أن الخضرة ليست كالحمرة وليس هذا من باب الفضل . ومن قال انه من باب الفضل فانه يقول انه افضل من عائشة ومريم وفاطمة .
• قوله تعالى: ( وللرِّجال عَلَيهِن درجة ) . إنما هو في الحقوق الزوجية ، وإذا حملت الآية على ظاهرها فيكون كل فاسق ويهودي وكافر افضل من أم موسى وأم عيسى وأم إسحاق ونساء النبي وبناته لان هؤلاء رجال وهؤلاء نساء .
• قوله تعالى : ( أوَ مَن يُنشَّأُ في الحِليةِ وهو في الخصام غيرُ مُبين ) . إنما ذلك في تقصيرهن في المحاجة في الأغلب ، ولا يحط هذا من قدرهن .
• قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما رأيتُ ناقصاتِ عقل ودين أسلبَ لِلُب الرجل العاقل من إحداكن ). مرد ذلك إلى كون شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في أمور الرجال , وأنها لا تصلي ولا تصوم في الحيض . وهذا الحديث صحيح عند البخاري ومسلم .
• قوله صلى الله عليه وسلم : (كَمُلَ من الرجال كثير ولم يَكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران وامرأة فرعون) . الكمال إنما هو في الرسالة والنبوة التي انفرد بها الرجال وشاركهم بعض النساء في النبوة . والحديث صحيح عند البخاري .
• قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يُفلِح قومٌ أسنَدوا أمرَهم إلى امرأة ) . خاص بالولاية والحكم ، ولا يعني هذا نقص في الفضل فان ابن مسعود وبلال وزيد ابن حارثة لم يكن لهم حظ في الخلافة وليس غيرهم افضل منهم ممن تولوها . كما أن من الصحابة من ولي عليهم من الخلفاء من لا يجزم أحد انهم أي هؤلاء الصحابة افضل من هؤلاء الخلفاء من نواحي كثيرة . والحديث صحيح عند البخاري وغيره .
من هنا نخلص إلى أن النصوص تشير إلى وقائع شرعية معينة يجب الالتزام بها , وهذه الوقائع ليست مبنية على أساس فروق في التفكير أو مفاضلة معينة . فالمرأة والرجل لا يختلفان من حيث الفطرة وتكوين الدماغ عن بعضهما ، وبالتالي لا يختلفان من هذه الناحية في التفكير إلا في نطاق الفروق الفردية ، إنما الاختلاف في العوامل الأخرى التي أشرتُ إليها وهي الخبرة والدافع إلى التفكير والأشياء التي يمكن أن تمنع التفكير وتحول دونه . وعليه فان المرأة تفكر مثل الرجل ، وينبغي أن نترك الأوهام والتأويلات الباطلة التي ليس لها أساس . كما على المرأة أن لا تتقاعس عن التفكير والإبداع فيما يخدم الدين والمسلمين وإلا تكبت مواهبها بحجة نقصان عقلها ، فليس على ذلك دليل يمكن الاستناد إليه .
تظل المرأة النصف الأجمل للحياة00
يعطيك العافية على طرحك المفيد
دمت بخير