![]() |
![]() |
![]() |
روائع شعريه |
روائع الكسرات |
![]() |
|
![]() |
||||||||
![]() |
|
![]() |
||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
![]() |
|
![]() |
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 |
![]() أعمال العشر الأواخر من شهر رمضان وفضلها ها نحن على عتاب العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك مشعل بن عبد العزيز الفلاحي أخي الحبيب : نلتقي وإياك هذا اليوم على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان ! نلتقي ونحن نتذكّر ذلك الفرح الذي عم قلوبنا بالأمس بلقاء هذا الشهر ، واليوم نقف على أعتابه عشره الأخيرة ، وهو ماضٍ بصفحاتنا ، راحل بأعمالنا ، فماذا يا ترى لدينا في أيام الوداع ؟ إن المتأمّل في هذا الشهر يجد دون تروٍّ أن هناك حكمة عظيمة من وراء شرعيته ، لقد جعله الله تعالى على قسمين ، عشرون من أيامه جعلها الله تعالى فرصة لأخذ مزيد من الطاعة ، وترقى بنا خلال هذه العشرين في فضائل الأعمال التي جاءت في لحاف البشائر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جعل الله تعالى هناك فرصة مضاعفة من فاته شيء من الفضل ، جعل الله تعالى هذه العشر الأخيرة بمثابة مسك الختام للوداع ، واختصها الله تعالى بليلة القدر ، تلك الليلة التي تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر في تاريخ الإنسان . أخي الحبيب : دعني أبارك لك هذا اللقاء ، أهنئك أيها المسلم وأنت تصافح أعظم ليالي العام ، إنني أشعر أيها الحبيب وأنا أحدثك على أعتاب هذه العشر أن ثمة فرصة تعاود الكرة عليك من جديد ، ثمة فرصة هذه المرة تفتح لك أبواب النعيم ، ثمة فرصة تغسل أدرانك ، وتذيب أخطاءك ، وتحيلك إلى أعظم مخلوق بين يدي ربك . أيها المسلم إن الفرص تلوح لكنها قد لا تعود ، والمؤمن الصادق هو من يستغل الفرص حين ما يرى بريقها ، فهيا أخي الفاضل نكتب بعض مآثر الرجال في عشر رمضان ! أخي الحبيب : أخبر الله تعالى في الحديث القدسي خبراً يشنّف الأسماع حين قال : وما تقرّب إلى عبدي بأحب شيء مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ( رواه البخاري ) وأخبر خبراً آخر فقال : من تقرّب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة . ( رواه مسلم ) تأمّل يارعاك الله هذا الخبر الوجداني الكريم ، إن مساحة الأمل في رحاب الله تعالى أعظم من أن توصف ! إنها مساحة لا تشترط شرطاً معيناً على المقبل إليه ، فقط حين يصدق في إقباله فإن الله تعالى يمن عليه بالفضائل . أخي الحبيب : ما أحوجني وإياك اليوم في ظل هذه العشر وقبل الوداع أن نحسن الإقبال على الله تعالى ، وأن نستدرك أيام التفريط ، وأن نعوّض ما فات ، أتراني أخي الحبيب أطلب منك مستحيلاً حين أقول من الواجب على الفطن العاقل اليوم في ظل هذه العشر أن يحسن ملازمة الطاعة ، وأن يتكرّم على نفسه بالورود إلى حياض المكارم ولو لهذه اللحظات الغالية ، وكيف أطلب من نفسي وإياك مستحيلاً وهذه العشر لا تأتي في العام إلا وهله . إنني أريد من نفسي ومنك أن نتشبه بحال السابقين ، وأولى هؤلاء السابقين نبيك صلى الله عليه وسلم حين تخبر زوجه عائشة رضي الله تعالى عنها فتقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ( متفق عله ) زاد مسلم : وجد وشد المئزر . وكانت تقول رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره ( رواه مسلم ) وكان علي رضي الله عنه يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان . ( رواه الترمذي وصححه الألباني ) فهاهو رسولك أيها الحبيب يعلم ما في هذه العشر فيتعبّد فيها ما لا يتعبّد في غيرها . إن أول صورة تتراءى في الذهن لاجتهاد هذا النبي الكريم هي صورة إقباله صلى الله عليه وسلم على الصلاة ، واهتمامه وتعلقه بها تلك صورة من حافظ عليها واهتم بها لقي في قلبه عوالم الأرواح الحقيقية ، ولما لا تكون كذلك وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ليعجب من الصلاة في الجميع . ( رواه الإمام أحمد وصححه أحمد شاكر والألباني ) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : لا يتوضأ أحدكم فيحسن الوضوء ويسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا تبشبش الله إليه كما يبشبش أهل الغائب بطلعته . ( رواه ابن خزيمه وصححه الألباني ) بوب ابن خزيمة على هذا الحديث فقال : باب ذكر فرح الرب تعالى بمشي عبده متوضأ . وفي حديث ميثم رجل من أصحاب النبي صلى الله علي وسلم قال : بلغني أن الملك يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد ، فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل إلى منزله . رواه ابن أبي عاصم ، وأبو نعيم والمنذري وصححه الألباني . فأي مواقف تقفها أيها الحبيب في هذه العشر . وإذا كان الله تعالى يعجب منك ، ويتبشبش إليك ، والملك يصحبك برايته فماذا تنتظر غير النعيم العظيم جعلك الله تعالى من أهله . إن الفرصة تبدو كبيرة في ملازمة محراب المسجد اليوم بالذات في مثل هذه العشر ، حرصك على صلاة الجماعة مع الإمام ، وكثرة النافلة المقيدة والمطلقة ، سر من أسرار الموفقين في هذه الأيام ، أما الليل فحدث عنه حديث المحبين ، وصدق من قال : دقائق الليل غالية فلا ترخصوها بالغفلة ! يكفي أن الله تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه ينزل في ثلثه الأخير إلى السماء الدنيا فيقول : هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ متفق عليه . أخي الحبيب : بين يديك في ليالي هذه العشر ليلة عظيمة القدر والشأن ، قال الله تعالى فيها : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر ) وقال صلى الله عليه وسلم : من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه ( متفق عليه ) وأهل العلم على أن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كل ليلة تحقق له شهود ليلة القدر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة . لقد تحدث نبيك صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر حديث المعظّم لها فقال صلى الله عليه وسلم : التمسوها في العشر الأواخر في الوتر . متفق عليه . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقي ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى . رواه البخاري . وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال : خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فَرُفعت ، وعسى أن يكون خيراً لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . رواه البخاري . وقال صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها ، فليتحرها في السبع الأواخر . متفق عليه . وقد قرر أهل العلم رحمهم الله تعالى أنها في الأوتار آكد كما هو ظاهر حديث النبي صلى الله علي وسلم . أخي الحبيب : الصدقة سر من أسرار رمضان بالذات ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ، وأهل العلم رحمهم الله تعالى على أن الطاعات تعظم في الأزمان الفاضلة ، والصدقة في هذه العشر من ميراث الصالحين ، لقد كان صلى الله عليه وسلم جواداً كريماً في كل حياته ، وكان في رمضان صورة أكثر جوداً وعطاءً ، وهكذا كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى في أزمان الطاعة . إن بإمكانك أخي الصائم أن تجعل لعشرك بعض نفحات البر والإحسان إلى الأرامل والمساكين ، والفقراء والأيتام ، وأنت تعلم أن للصدقة تأثيراً كبيراً في دفع البلاء عن المؤمن ، وتعلم أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامه ، وتعلم أن ممن يظله الله تعالى بظله يوم القيامة متصدق تصدّق بصدقته فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه . والصدقة وإن كانت يسيرة إلا أنها بين يدي الله تعالى عظيمة ، فلا تبخل بشيء من العطاء وقد بلغك أن الملك يدعو صباح كل يوم بقوله : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ولا تنسى رعاك الله تعالى في هذا المقام أن تفطير الصائمين فرصة خاصة في ظلال هذه العشر وقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم : من فطّر صائماً كان له مثل أجره ، ومثل ذلك في الأجر وأعظم فكاك الأسير بدينه ، وإغاثة المنكوبين ، وإطعام الأيتام ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . واعلم أن الابتسامة صدقة من الصدقات ، ومثلها الرحمة بالآخرين ، والعفو عنهم ، والصفح عن أصحاب الزلات ، وقد غفر الله تعالى لامرأة زانية بغي بسبب سقيها لكلب وقد أرهقه العطش ، فقال الغزالي رحمه الله تعالى : لئن كانت الرحمة بالبهائم تغفر ذنوب البغايا فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب . واعلم أن أولى الصدقات بك في هذا المقام نبذ الفرقة ، وترك الخصام ، فإن الواقع فيها في مثل هذا العشر قد يكون محروماً من آثار هذه الفضائل . إن مثلك لا يخفى عليه أن ليلة القدر رُفع علمها عن الأمة بسبب الشجار والخصام ، وأي حرمان أيها الحبيب لرجل في عشره الأخيرة من رمضان وهو لا زال يكابر في هذه الفضائل ، ويقع فريسة لعدو الله تعالى ، ويصر على هجر إخوانه حتى في مواسم الطاعات ؟ ولئن كانت أعمال العباد تُعرض على الله تعالى كل اثنين وخميس فإن أعمال المتخاصمين يحرمها النزاع ثمرتها ، ويكتب عليها الشقاق آثار الجرمان . أخي الحبيب : ذكر الله تعالى الغنيمة الباردة ، والزاد اليسير ، أعظم سلاح يتزوّد به المتقربين في هذه العشر ، يكفي في ذلك حديث نبيك صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ؟ وأرفعها في درجاتكم ؟ وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ؟ وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ " قالوا : بلى قال : ذكر الله . رواه الترمذي وصححه الألباني . ذكر الله تعالى أيها المسلم في هذه الأيام زاد المتقين ، وقربة المؤمنين ، وهو الباب الذي يزدلف الإنسان منه إلى ربه تبارك وتعالى . واعلم أن حفظك للأذكار المقيّدة كالأذكار بعد الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم والاستيقاظ ، والأكل والشرب ، ودخول المسجد ، والخلاء ونحو ذلك ، ودوامك على الأذكار المطلقة في كل حين طريق لنيل رضى ربك ، وتحقيق لسبق غيرك ، وطريق للفوز والكرامة بين يدي ربك يوم القيامة أخي الحبيب : الدعاء ، الدعاء أيها المسلم فإنك في أيام البر والخير والإحسان ، لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصائم دعوة عند فطره لا ترد ، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل فيقول : هل من داعٍ فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له . وحسن سألته عائشة رضي الله عنها فقالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني . رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني . فبين يديك مواطن الرحمة ، وقد تهيأت لك في هذه العشر أسباب المغفرة ، وقد لاح لك جواب سؤالك اليوم فاعتنم فإن الفرص قد لاتتكرر . أحوج ما نحن بحاجة إليه في هذه المسألة هي أنه حين يرانا الله تعالى ونحن ندعوه أن يرانا وقد لبسنا ثوب الخشية ، والذلة ، والضعف ، والمسكنة ، والانكسار بين يديه فإن ذلك من أعظم أسباب إجابة الدعاء . ومتى ما رآك الله تعالى ذليلاً منكسراً من عليك ، ورأف بحالك ، وأعظم لك المثوبة . فأقبل في تلك الساعات فإنها من الفرص التي لا تعوّض . أخي الحبيب : الاعتكاف طريقك إلى سمو الروح ، وعالمَ ٌإلى تحقيق مقاصد القلب من الخشية والإقبال على الله تعالى ، فهو طريق للم شعث القلب ، ولم فرقته ، ولما كان الطعام والشراب ، والخلطة تؤثّر على صفاء الروح ، وتسلب القلب من مقامات الأولياء شرع الله تعالى الصوم والاعتكاف ، فإن الصوم يذهب بكير التخفة وأثرها على القلب ، والاعتكاف يذهب بكير الخلطة ، فيحدث صفاء الروح ، فيسمو الإنسان بين يدي الله تعالى . وهو سنّة ماضية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد اعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأول ، ثم اعتكف العشر الأوسط ، ثم اعتكف العشر الأخيرة واستقر اعتكافه في هذه العشر .وعلى هذا كانت حياة السلف الصالح رحمهم الله تعالى . أخي الحبيب : قد لا أنجح في تصوير فضل القرآن لك ، خاصة في مثل هذه العشر ، لك يمكن أن أقول لك إنك تقرأ كلام الله تعالى ، وتلهج بحديثه وذكره ، وتكرر كلامه ، فيا لله أي كلام تردده ؟ وأي حديث تلفظ به شفاك ؟ وأي وقت تستقطعه في تكرار هذا الحديث ؟ كان جبريل عليه السلام يعارض رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل عام مرة ، وعارضه في العام الذي توفي فيه مرتين ، ولا تنسى أن الحرف الواحد بعشر حسنات إلى أضعاف كثيرة ، ويكفي أن الله تعالى قال : ( وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) فقط آمل أن تقرأه وأنت تتصوّر من تحدّث به ، تقرأه قراءة المتشافي به من المرض ، الباحث به عن الصحة ، المؤمّل فيه الراحة والسعادة والترقي في منازل الإيمان . أخي الحبيب : مهما كنت حريصاً في هذا المقام على رفع مقامك بين يدي الله تعالى إلا أنك أوعب للقضية ، وتعلم مقدار ما بين يديك من فرصة ، وتدرك تماماً أنه قد تهيأ لك من أسباب الخير مالم يتهيأ لغيرك ، لئن كنت تشهد هذه العشر وأنت تلبس ثوب العافية فغيرك يشهدها لكنه أسير على الأسرّة البيض لا يملك من الفرحة التي تعيشها سوى دمعة تذرف على خديه . ولئن كنت تشهدها حقيقة فغيرك تجرّع غصص ورحل وكم كان يتمنّى أن يشهد شهودك أخي الحبيب . أخي الحبيب : أدعوك دعاء المحب لحبيبه ، دعاء الناصح لأخيه ، أدعوك أن تعتبر هذه العشر الفرصة التي قد لا تعود ، والحياة التي قد لاتتكرر مرة أخرى .. كن إيجابياً ، وانظر إلى الفرص بعين المتسابق التي يتمنى أن تلوح له . سائلاً الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد . |
|
![]() |
![]() |
#2 |
![]() خصائص عشر الأواخر من رمضان د. عبدالعزيز الفوزان تأملْ أيها المسلم في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني، سواء كنت قائماً أو نائماً، عاملاً أو عاطلاً، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك. وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه. ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم- فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها، لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله. روى الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره". وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر". فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم- على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها –والله- أيام معدودة، ما أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على عملك فيها، وأنت –والله- لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بينك وبينها الموت، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر، وتُوفّق لإتمام هذا الشهر، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة. ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله. وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد. قال سفيان الثوري: أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيراً من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية. وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً ، لعله لا يدركه في عام آخر. ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة. وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: ما أعلم – صلى الله عليه وسلم- قام ليلة حتى الصباح" ولا تنافي بين هذين الحديثين، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذي نفته، هو إحياء الليل بالقيام فقط. ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر، التي قال الله عنها: (ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر). وقال فيها: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم" حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه. قال الإمام النحعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها". وقد حسب بعض العلماء "ألف شهر" فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فياله من عطاء جزيل، وأجر وافر جليل، من حُرمه فقد حُرم الخير كله. وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه" وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" متفق عليه. وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى، وفي الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: التمسوها في العشر الأواخر في الوتر" أي في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة، بل تنتقل في هذه الليالي، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين. وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم، وترتفع عند الله درجاتهم (ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون)، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل، من الكسلان المتهاون، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به، فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات، فإن المحروم من حُرم خير رمضان، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له" رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني. إن الجنة حُفّت بالمكاره، وأنها غالية نفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، واتباع هوى النفس. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "من خاف أدلج - يعني من أول الليل- ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". وقد مثل النبي – صلى الله عليه وسلم- المسافر إلى الدار الآخرة -وكلنا كذلك – بمن يسافر إلى بلد آخر لقضاء حاجة أو تحقيق مصلحة، فإن كان جاداً في سفره، تاركاً للنوم والكسل، متحملاً لمشاق السفر، فإنه يصل إلى غايته، ويحمد عاقبة سفره وتعبه، وعند الصباح يحمد القوم السرى. وأما من كان نوّاماً كسلان متبعاً لأهواء النفس وشهواتها، فإنه تنقطع به السبل، ويفوته الركب، ويسبقه الجادّون المشمّرون، والراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال إلا على جسر من التعب والمشقات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200]. ومن خصائص هذه العشر المباركة استحباب الاعتكاف فيها، والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل – وهو من السنة الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، واعتكف أزواجه وأصحابه معه وبعده. وفي صحيح البخاري عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً. والمقصود بالاعتكاف: انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله، ويجتهد في تحصيل الثواب والأجر وإدراك ليلة القدر، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والعبادة، ويتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ولا بأس أن يتحدث قليلا بحديث مباح مع أهله أو غيرهم. ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته لقوله تعالى: (...ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد...) وأما خروجه من المسجد فهو على ثلاثة أقسام: 1- الخروج لأمر لا بد منه طبعاً أو شرعاً لقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل من الجنابة، وكذا الأكل والشرب فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد. فإن أمكن فعله في المسجد فلا. مثل أن يكون في المسجد دورات مياه يمكن أن يقضي حاجته فيها، أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب، فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه. 2- الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه كعيادة مريض، وشهود جنازة ونحو ذلك، فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك في ابتداء اعتكافه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعوده أو يخشى من موته، فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به. 3- الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كالخروج للبيع والشراء ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه، فإن فعل انقطع اعتكافه ولا حرج عليه. |
|
![]() |
![]() |
#3 |
![]() همسات العشر تقول .. عبد الله بن سعيد آل يعن الله الحمد لله الكريم الوهاب ، خلق خلقه من تراب ، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، إمام الأنبياء وسيد الحنفاء، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، الذين آمنوا وهُدوا إلى الطيب من القول، وهدوا إلى صراط الحميد. نحن في شهر كثيرٌ خيره ، عظيم بره، جزيلة ُ بركته ، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، والشهر شهر القران والخير وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد ، لا نظير له ولا مثيل. وقد خص هذا الشهر العظيم بمزية ليست لغيره من الشهور وها نحن ننتظر أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار، وها نحن الآن في هذه الأيام ننتظر العشر المباركات وهمساتها تقول :- ها أنا العشر الأواخر من رمضان قد أقبلت ، ها أنا خلاصة رمضان ، و زبدة رمضان ، و تاج رمضان. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي لياليَّ بالصلاة والذكر والقيام ويوقظ أهله شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في لياليَّ ـ وكان يشدُّ مئزره من أجلي أي يعتزل نساءه في هذه الليالي لإشتغاله بالذكر والعبادة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيى ليله وأيقظ أهله وشد مئزره0 همسات العشر تقول ... ضاعفوا الإجتهاد في هذه الليالي ، أكثروا من الذكر ... أكثروا من تلاوة القرآن ... أكثروا من الصلاة ، أكثروا من الصدقات ، أكثروا من تفطير الصائمين ... ففي صحيح مسلم أن رسول الله كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها0 همسات العشر تقول ... اطلبوا تلك الليلةِ الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة العتق والمباهاة ، ليلة القرب والمناجاة ... ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر ... أطلّّي غُرّةَ الدهرِ .. أطلي ليلةَ القدرِ أطلي درّةَ الأيام مثلَ الكوكب الدرّي أطلّي في سماء العمر إشراقاً مع البدرِ سلامٌ أنتِ في الليل وحتى مطلعِ الفجرِ سلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّي الكونَ بالطهرِ وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ لأنكِ منتهى أمري فإني اليوم لا أدري فأنتِ أنتِ أمنيتي.. لأنك ليلة القدرِ فاجتهدوا لهذه الليلة التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه كما في البخاري من حديث أبي هريرة ... فيا حسرة من فاتته هذه الليلة في سنواته الماضية ، ويا أسفى على من لم يجتهد فيها في الليالي القادمة ... وحتي تضمنوا قيام ليلة القدر والفوز بها اجتهدوا وشمروا في كلِّ لياليّ ... فحبيبكم صلى الله عليه وسلم يقول : (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري ... وقد خصَّها الرسول في الأوتار فقال تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) رواه البخاري 0 قال الله ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) همسات العشر تقول ... يا أيها الراقـد كـم ترقـد *** قم يا حبيبا قد دنا الموعدُ و خذ من الليل وساعاته *** حظا إذا هــجع الـرُّقَـــُد لا تتركوني من دون القيام ... اتركوا لذيذ النوم ، وجحيم الكسل ، وانصبوا أقدامكم في جنح لياليّ ، وارفعوا هممكم ، وادفِنوا فتوركم ونافسوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا أصحاب تقىً وقيام ... قال تعالى ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ) فاغتنموني فإن ليلة القدر تستحق التضحية والإجتهاد ... . همسات العشر تقول ... ارفعوا عنكم التنازع والخصام فإنها سببٌ في منع الخير وخفائه ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى " أي تخاصم وتنازع " رجلان من المسلمين، فقال: " خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت ) رواه البخاري 0 همسات العشر تقول ... أحيوا فيَّ سنة الإعتكاف ، فإن هذه السُنَّة بلسمٌ للقلوب ، ودواءٌ لآفاته ، وقد قال ابن القيم رحمه الله ( الاعتكاف هو عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك بأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم ) فيا من هجر الإعتكاف ... أحيوا هذه السنة العظيمة في مساجدكم ... فهذه السنة سبب في تعويد وتربية النفس على الإخلاص لأنك في معتكفك لايراك أحد إلا الله جل وعلا ، فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأنت في معتكفك تصلي وتصوم وتذكر الله جل وعلا وتقرأ القرآن فبذلك تربي نفسك على الإخلاص ... وهذه السنة تربي النفس على التخلص من فضول الكلام والطعام والنوم والخلطة وتعويد النفس على ذلك ... وكذلك سبب في تربية النفس على قيام الليل وقراءة القرآن والاستغفار والذكر والمناجاة ... وتقوية الصلة بالله تعالى واللجوء إليه ومناجاته ... والتفكر والتعود على الاستخدام الأمثل لنعمة العقل وخاصة في زمن الفتن والمحن ... وكذلك سبب في مراجعة النفس ومحاسبتها في أمور الدين والدنيا في أمور العبادة وغيرها ... كذلك سبباً في تربية النفس على الاستخدام الأمثل للوقت وعدم تضييع الثواني فضلاً عن الدقائق والساعات ... وكذلك سببا مباشر في تعويد النفس على الصبر ومجاهدة النفس وتأديبها على معالي الأمور ... فالزموا هذه السنة العظيمة ، وتخلصوا من الآفات التي يتعرض لها بعض المعتكفين من فضول الكلام والأكل والشرب والنوم والخلطة ... همسات العشر تقول ... ما جئتكم لتجعلوني موسماً لملء بطونكم بأصناف الطعام والشراب .. ولا جئتكم لتجعلوا ليلي نهاراً، ونهاري ليلاً ، وتقطّعوا ساعاتي الثمينة باللهو واللعب، والنظر إلى ما حرم الله وتقطيع الوقت في المنتزهات وغيرها.. ! ... فأدركوا الحكمة من مجيئي إليكم . . همسات العشر تقول ... أيها المسلمون : إني لم أكن في يوم من الأيام وقتاً للنوم والبطالة وملء البطون والنوم والكسل إلا في هذه الأزمنة المتأخرة .. فهلا رجعتم إلى تأريخ أسلافكم العظام لتروا ما صنعوا في الأيام التي قبلي ... فلا تنسوا معركة بدر ، وفتح مكة ، واليرموك وحطين، إنها بطولات تحققت في رمضان .. ولم تكن هذه البطولات والانتصارات لتتحقق في أرض الواقع ، لو لا أنها تحققت أولاً في نفوس أولئك المؤمنين ، على أهوائهم وشهواتهم فمتى انتصرتم أيها المسلمون اليوم على أنفسكم وأهوائكم، نصركم الله على أعدائكم ، وعاد لكم عزكم ومجدكم المسلوب .. همسات العشر تقول ... لا تفسدوا صفو لياليَّ ببعضَ المعكرات التي تثيرُ الأشجان ... وتجلبُ الأحزان ... وتؤنبُ الضمائر ... وتقلقُ الخواطر ... فلقد اعتكف بعض الناس في لياليَّ في الأسواق التي قد ضاقت بها النساء وتهافتوا على المراكزِ التجارية ومسابقاتِها ... فلماذا لم يجد الناس أوقاتاً غير أوقاتي الفاضلة ... أم أن العادة فرضت نفسها على ضعفاء البشر ... فيمكنك أن تشتري ملابس العيد وأغراضه في شهر شعبان ، حيث الأسعار مناسبة ، والأعداد قليلة !! فتقضي حوائجك دون أن تخسر كثيرا أو أن تضيع وقتا فاضل ... همسات العشر تقول ... أيقظوا قلوبكم من النوم عن صلاة الظهر وصلاة العصر ... ولاتجعلوا القيام مندوحة ً لكم في ذلك ... فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ... همسات العشر تقول ... من ذهب لبيت الله الحرام فليحفظ بصره من فتن النساء التي كثرت في المسجد الحرام والله المستعان ... وإن خشيت على نفسك فالبقاء في بيتك أولى وأفضل ... وكذلك أهمس في أذن كلِّ أبٍ رءوم وأقول له اتق الله عز وجل عند ذهابك أنت وأسرتك إلى مكة ... ولا تفلت القيد لأهلك ... لأنه قد يذهب بعضهم لأغراض سيئة لا يحمد عقباها ... فكم من أبٍ قد ابتلَّ خدُّه من الدموع ، وبعض أبناءه في لجج المعاصي في أسواق مكة وما جاورها ... فالمصلحة المصلحة ابحثوا ... وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح همسات العشر تقول ... استغلوني ... فقد ذهب الكثير من رمضان ... ولا يعلم أحدٌ منكم هل سيصوم هذا الشهر في أعوامه القادمة أم سيكون في حفرة مظلمة من فوقه تراب ومن تحته تراب وعن يمينه تراب وعن شماله تراب ... همسات العشر تقول ... استودعكم الله التي لا تضيع ودائعه ... وقد لا ألتقي بكم في أزمنة قادمة ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وصلى الله وسلم على نبينا محمد ... |
|
![]() |
![]() |
#4 |
![]() أعمال العشر الأواخر من رمضان صالح مبارك دعكيك الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين وعلى آله وصحبة الغر الميامين . أيها الأخوة المسلمون : موضوع حديثنا هذا اليوم عن أعمال العشر الأواخر للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة . والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك : 1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { أحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولاقام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون أحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث . وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لاشك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه 2 ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة . فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر . 3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب. 4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر :الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة . وانما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم . وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما. قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي > صلى الله عليه وسلم <ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } . ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث ( إلا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فلماكان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله . ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا ******** ولا ترض للنفس النفسية بالردى وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه******** ويسلم دين المرء عند التوحد ويسلم من قال وقيل ومن أذى******** جليس ومن واش بغيظ وحسدِ وخير مقام قمت فيه وحلية ******** تحليتها ذكر الإله بمسجد ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى . ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين . وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال( يوتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) رواه مسلم ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله. وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هوا على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
![]() |
![]() |
#5 |
![]() العشرة الأواخر والدعاء إبراهيم بن محمد الحقيل الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد : فعندما تنزل الحاجة بالعبد فإنه ينزلها بأهلها الذين يقضونها ، وحاجات العباد لا تنتهي . يسألون قضاءها المخلوقين ؛ فيجابون تارة ويردون أخرى . وقد يعجز من أنزلت به الحاجة عن قضائها . لكن العباد يغفلون عن سؤال من يقضي الحاجات كلها؛ بل لا تقضى حاجة دونه ، ولا يعجزه شيء ، غني عن العالمين وهم مفتقرون إليه . إليه ترفع الشكوى ، وهو منتهى كل نجوى ، خزائنه ملأى ، لا تغيضها نفقه ، يقول لعباده { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} كل الخزائن عنده ، والملك بيده { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[ الملك] {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ }[ الحجر ] ، يخاطب عباده في حديث قدسي فيقول : (( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أًدخل البحر )) [ رواه مسلم 2577] ويقول سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }[ فاطر] . لا ينقص خزائنه من كثرة العطايا ، ولا ينفد ما عنده ، وهو يعطي العطاء الجزيل { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ } [ النحل : 96] قال النبي عليه الصلاة والسلام (( يدُ الله ملأى لا تغيضها نفقه سحاءُ الليل والنهار ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض ؟ فإنه لم يغض ما في يده ، وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع )) [ رواه البخاري 684 ومسلم 993] . هذا غنى الله ، وهذا عطاؤه ، وهذه خزائنه ، يعطي العطاء الكثير ، ويجود في هذا الشهر العظيم ؛ لكن أين السائلون ؟ وأين من يحولون حاجاتهم من المخلوقين إلى الخالق ؟ أين من طرقوا الأبواب فأوصدت دونهم ؟ وأين من سألوا المخلوقين فرُدوا ؟ أين هم ؟ دونكم أبواب الخالق مفتوحةً ! يحب السائلين فلماذا لا تسألون ؟ . لماذا الدعاء ؟! لا يوجد مؤمن إلا ويعلم أن النافع الضار هو الله سبحانه ، وأنه تعالى يعطي من يشاء ، ويمنع من يشاء ، ويرزق من يشاء بغير حساب ، وأن خزائن كل شيء بيده ، وأنه تعالى لو أراد نفع عبد فلن يضره أحد ولو تمالأ أهل الأرض كلهم عليه ، وأنه لو أراد الضر بعبد لما نفعه أهل الأرض ولو كانوا معه . لا يوجد مؤمن إلا وهو يؤمن بهذا كله ؛ لأن من شك في شيء من ذلك فليس بمؤمن ، قال الله تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ يونس : 107] . نعم والله لا ينفع ولا يضر إلا الله تعالى { إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } [ النحل : 53] { وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } [ الإسراء : 67] سقطت كل الآلهة ، وتلاشت كل المعبودات وما بقي إلا الله تعالى { ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ }[ الإسراء : 67] {قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً } [الفتح :11] لا يسمع دعاء الغريق في لجة البحر إلا الله . ولا يسمع تضرع الساجد في خلوته إلا . ولا يسمع نجوى الموتور المظلوم وعبرته تتردد في صدره ، وصوته يتحشرج في جوفه إلا الله . ولا يرى عبرة الخاشع في زاويته والليل قد أسدل ستاره إلا الله {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى {7} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى }[طه:8] يغضب إذا لم يُسأل ، ويحب كثرة الإلحاح والتضرع ، ويحب دعوة المضطر إذا دعاه ، ويكشف كرب المكروب إذا سأله {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }[النمل:62] . روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟)) [ رواه البخاري 7494 ومسلم 758] الله أكبر ، فضل عظيم ، وثواب جزيل من رب رحيم ، فهل يليق بعد هذا أن يسأل السائلون سواه ؟ وأن يلوذ اللائذون بغير حماه ؟ وأن يطلب العبادُ حاجاتهم من غيره ؟ أيسألون عبيداً مثلهم ، ويتركون خالقهم ؟! أيلجأون إلى ضعفاء عاجزين ، ويتحولون عن القوي القاهر القادر ؟! هذا لا يليق بمن تشرف بالعبودية لله تعالى ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسدَّ فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل )) [ رواه أبو داود 1645والترمذي وصححه 2326 ] . فضل الدعاء إن الدعاء من أجلِّ العبادات ؛ بل هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ذلك لأن فيه من ذلِّ السؤال ، وذلِّ الحاجة والافتقار لله تعالى والتضرع له ، والانكسار بين يديه ، ما يظهر حقيقة العبودية لله تعالى ؛ ولذلك كان أكرم شيء على الله تعالى كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (( ليس شيء أكرم على الله من الدعاء )) [ رواه الترمذي وحسنه 3370 وابن ماجه 3829] . وإذا دعا العبد ربه فربه أقربُ إليه من نفسه { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[ البقرة : 186] ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى : (( في ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر كما روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن للصائم عند فطره دعوةً ما ترد )) [رواه ابن ماجه 1753 ، وانظر تفسير ابن كثير 1/ 328 ] دعوةٌ عند الفطر ما ترد ، ودعاء في ثلث الآخر مستجاب ، وليلةٌ خير من ألف شهر ، فالدعاء فيها خير من الدعاء في ألف شهر . ما أعظمه من فضل ! وأجزله من عطاء في ليالٍ معدودات . فمن يملك نفسه وشهوته ، ويستزيد من الخيرات ، وينافس في الطاعات ، ويكثرُ التضرع والدعاء . ليالي الدعاء نحن نعيش أفضل الليالي ، ليالٍ تعظُم فيها الهبات ، وتنزل الرحمات ، وتقال العثرات ، وترفع الدرجات . فهل يعقل أن تقضى تلك الليالي في مجالس الجهل والزور ، وربُ العالمين ينزل فيها ليقضي الحوائج . يطلع على المصلين في محاريبهم ، قانتين خاشعين ، مستغفرين سائلين داعين مخلصين، يُلحون في المسألة ، ويرددون دعاءهم : ربنا ربنا . لانت قلوبهم من سماع القرآن ، واشرأبت نفوسهم إلى لقاء الملك العلام ، واغرورقت عيونهم من خشية الرحمن . فهل هؤلاء أقرب إلى رحمة الله وأجدر بعطاياه أم قوم قضوا ليلهم فيما حرم الله ، وغفلوا عن دعائه وسؤاله؟ كم يخسرون زمن الأرباح ؟ وساء ما عملوا ؟ ما أضعف هممهم ، وما أحط نفوسهم ، لا يستطيعون الصبر ليالي معدودات !! من يستثمر زمن الربح ؟! هذا زمن الربح ، وفي تلك الليالي تقضى الحوائج ؛ فعلق – أخي المسلم – حوائجك بالله العظيم ، فالدعاء من أجل العبادات وأشرفها ، والله لا يخيب من دعاه قال سبحانه : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر : 60] وقال تعالى : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {55} وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}[ الأعراف :56] . العلاقة بين الصيام والدعاء آيات الصيام جاء عقبها ذكرُ الدعاء { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[ البقرة : 186] قال بعض المفسرين : (( وفي هذه الآية إيماءٌ إلى أن الصائم مرجو الإجابة ، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته ، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان )) [ التحرير والتنوير 2/179] والله تعالى يغضب إذا لم يسأل قال النبي عليه الصلاة والسلام (( من لم يسأل الله يغضب عليه )) [ رواه أحمد 2/442 والترمذي 3373 ] . الله تعالى أغنى وأكرم مهما سأل العبد فالله يعطيه أكثر ، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها . قالوا : إذاً نكثر ، قال : الله أكثر )) [ رواه أحمد 3/18]. والدعاء يرد القضاء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (( لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر )) [ رواه الترمذي وحسنه 2139 والحاكم وصححه 1/493] . وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام : (( الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء )) [ رواه أحمد 5/234 والحاكم 1/493] فالله تعالى أكثر إجابة ، وأكثر عطاءً . الذل لله تعالى حال الدعاء إن الدعاء فيه ذلٌ وخضوع لله تعالى وانكسار وانطراح بين يديه ، قال ابن رجب رحمه الله تعالى : وقد كان بعض الخائفين يجلس بالليل ساكناً مطرقاً برأسه ويمد يديه كحال السائل ، وهذا من أبلغ صفات الذل وإظهار المسكنة والافتقار ، ومن افتقار القلب في الدعاء ، وانكساره لله عز وجل ، واستشعاره شدة الفاقةِ ، والحاجة لديه . وعلى قدر الحرقةِ والفاقةِ تكون إجابة الدعاء ، قال الأوزاعي : كان يقال : أفضل الدعاء الإلحاح على الله والتضرع إليه )) [ الخشوع في الصلاة ص72] . أيها الداعي : أحسن الظن بالله تعالى والله تعالى يعطي عبده على قدر ظنه به ؛ فإن ظن أن ربه غني كريم جواد ، وأيقن بأنه تعالى لا يخيب من دعاه ورجاه ، مع التزامه بآداب الدعاء أعطاء الله تعالى كل ما سأل وزيادة ، ومن ظن بالله غير ذلك فبئس ما ظن ، يقول الله تعالى في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني )) [ رواه البخاري 7505 ومسلم 2675] . الدعاء في الرخاء من أسباب الإجابة إذا أكثر العبدُ الدعاء في الرخاء فإنه مع ما يحصل له من الخير العاجل والآجل يكون أحرى بالإجابة إذا دعا في حال شدته من عبد لا يعرف الدعاء إلا في الشدائد . روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء )) [ رواه الترمذي وحسنه 3282 والحاكم وصححه 1/ 544] . ومع أن الله تعالى خلق عبده ورزقه ، وأنعم عليه وهو غني عنه ؛ فإنه تعالى يستحي أن يرده خائباً إذا دعاه ، وهذا غاية الكرم ، والله تعالى أكرم الأكرمين . روى سلمان رضي الله عنه فقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله حييٌّ كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خالتين )) [ رواه أبو داود 1488والترمذي وحسنه 3556] . العبرة بالصلاح لا بالقوة قد يوجد من لا يؤبه به لفقره وضعفه وذلته ؛ لكنه عزيز على الله تعالى لا يرد له سؤالاً ، ولا يخيب له دعوة ، كالمذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم (( رب أشعث مدفوع ٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره )) [ رواه مسلم 2622] . أيها الداعي : لا تعجل إن من الخطأ أن يترك المرء الدعاء ؛ لأنه يرى أنه لم يستجب له ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول : قد دعوت فلم يستجب لي )) [ رواه البخاري 6340 ومسلم 2735] . قال مُورِّقٌ العجلي : (( ما امتلأت غضباً قط ، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء )) [ نزهة الفضلاء ص 398] . وكان السلف يحبون الإطالة في الدعاء قال مالك : (( ربما انصرف عامر بن عبد الله بن الزبير من العتمة فيعرض له الدعاء فلا يزال يدعو إلى الفجر ))[ نزهة الفضلاء 484] . ودخل موسى بن جعفر بن محمد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل فسمع وهو يقول في سجوده : (( عظمُ الذنبُ عندي فليحسن العفو عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، فما زال يرددها حتى أصبح )) [ نزهة الفضلاء 538] . الصيغة الحسنة في الدعاء ينبغي – أيها المسلم – أن تقتفي أثر الأنبياء في الدعاء ، سئل الإمام مالك عن الداعي يقول : يا سيدي فقال : (( يعجبني دعاء الأنبياء : ربنا ربنا )) [ نزهة الفضلاء 621] . هذه أيام الدعاء هذا بعض ما يقال في الدعاء ، ونحن في أيام الدعاء وإن كان الدعاء في كل وقت ؛ لكنه في هذه الأيام آكد ؛ لشرف الزمان ، وكثرة القيام . فاجتهد في هذه الأيام الفاضلة فلقد النبي صلى الله عليه وسلم يشد فيها مئزره ، ويُحيي ليله ، ويوقظ أهله . كان يقضيها في طاعة الله تعالى ؛ إذ فيها ليلة القدر لو أحيا العبد السنة كلها من أجل إدراكها لما كان ذلك غريباً أو كثيراً لشرفها وفضلها ، فكيف لا يُصبِّر العبد نفسه ليالي معدودة . فاحرص – أخي المسلم – على اغتنام هذه العشر ، وأر ِ الله تعالى من نفسك خيراً . فلربما جاهد العبدُ نفسه في هذه الأيام القلائل فقبل الله منه ، وكتب له سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، وهي تمرُّ على المجتهدين واللاهين سواء بسواء ؛ لكن أعمالهم تختلف ، كما أن المدون في صحائفهم يختلف ، فلا يغرنك الشيطان فتضيع هذه الأيام كما ضاع مثيلاتها من قبل . أسأل الله تعالى أن يتولانا بعفوه ، وأن يرحمنا برحمته ، وأن يستعملنا في طاعته ، وأن يجعل مثوانا جنته ، وأن يتقبلنا في عباده الصالحين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . |
|
![]() |
![]() |
#6 |
![]() فضل العشر الأواخر وليلة القدر الحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ، ما لا يجتهد في غيرها مسلم(1175) عن عائشة ومن ذلك انه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها البخاري (1913) ومسلم(1169) وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره " البخاري (1920) ومسلم (1174) زاد مسلم وجَدَّ وشد مئزره . وقولها " وشد مئزره " كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد ، ومعناه التشمير في العبادات . وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع . وقولهم " أحيا الليل " أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها . وقد جاء في حديث عائشة الآخر رضي الله عنها : " لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القران كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام شهرا كاملا قط غير رمضان" سنن النسائي (1641) فيحمل قولها " أحيا الليل " على أنه يقوم أغلب الليل . أو يكون المعنى أنه يقوم الليل كله لكن يتخلل ذلك العشاء والسحور وغيرهما فيكون المراد أنه يحيي معظم الليل . وقولها : " وأيقظ أهله " أي : أيقظ أزواجه للقيام ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة ، ولكن كان يوقظهم لقيام بعض الليل ، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال : " سبحان الله ماذا أُنزل الليلة من الفتن ! ماذا أُنزل من الخزائن ! من يوقظ صواحب الحجرات ؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " البخاري (1074) وفيه كذلك أنه كان عليه السلام يوقظ عائشة رضي الله عنها إذا أراد أن يوتر البخاري (952) . لكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه في سائر السنة . وفعله صلى الله عليه وسلم هذا يدل على اهتمامه بطاعة ربه ، ومبادرته الأوقات ، واغتنامه الأزمنة الفاضلة . فينبغي على المسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه هو الأسوة والقدوة ، والجِدّ والاجتهاد في عبادة الله ، وألا يضيّع ساعات هذه الأيام والليالي ، فإن المرء لا يدري لعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هادم اللذات ومفرق الجماعات والموت الذي هو نازل بكل امرئ إذا جاء أجله ، وانتهى عمره ، فحينئذ يندم حيث لا ينفع الندم . ومن فضائل هذه العشر وخصائصها ومزاياها أن فيها ليلة القدر ، قال الله تعالى : ( حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ) سورة الدخان الآيات 1-6 أنزل الله القران الكريم في تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة وقد صح عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم أن الليلة التي أنزل فيها القران هي ليلة القدر. وقوله " فيها يفرق كل أمر حكيم " أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة . والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم - أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ ، قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات " أي انه كتب في ليلة القدر انه من الأموات . وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة . ومعنى ( القدر ) التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر ، لهذه الخصائص التي اختصت بها ، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر . وقيل : القدر التضييق ، ومعنى التضييق فيها : إخفاؤها عن العلم بتعيينها ، وقال الخليل بن أحمد : إنما سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة ، من ( القدر ) وهو التضييق ، قال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) سورة الفجر /16 ، أي ضيق عليه رزقه . وقيل : القدر بمعنى القدَر - بفتح الدال - وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) . ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها . فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ( 1910 ) ، ومسلم ( 760 ) . وقد خص الله تعالى هذه الليلة بخصائص : 1- منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . تفسير ابن كثير 4/529 . 2- وصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) سورة القدر الآية/3 3- ووصفها بأنها مباركة في قوله : ( إنا أنزلنه في ليلة مباركة ) سورة الدخان الآية 3 . 4- أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له " أنظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه . 5- ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد أنظر تفسير ابن كثير 4/531 ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل . 6- ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) الدخان /4 ، أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير انظر تفسير ابن كثير 4/137،138 وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له ، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم " شرح صحيح مسلم للنووي 8/57 . 7- أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله : ( إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . فتح الباري 4/251 . وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة ، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها ، وهي قوله تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر ) سورة القدر . فقوله تعالى : ( وما أدراك ما ليلة القدر ) تنويهاً بشأنها ، وإظهاراً لعظمتها . ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) أي : أي إحْياؤها بالعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة ، وهذا فضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى ، وفي هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير ، وهو القدوة للأمة ، فقد تحرّى ليلة القدر . ويستحب تحريها في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه خاصة جاء في صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ ( والقبة : الخيمة وكلّ بنيان مدوّر ) عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ قَالَ وَإِنِّي أُرْيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . صحيح مسلم 1167 وفي رواية قال أبو سعيد : ( مطرنا ليلة إحدى وعشرين ، فوكف المسجد في مُصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظرت إليه ، وقد انصرف من صلاة الصبح ، ووجهه مُبتل طيناً وماء ) متفق عليه ، وروى مسلم من حديث عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه نحو حديث أبي سعيد لكنه قال : ( فمطرنا ليلة ثلاثة وعشرين ) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألتمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري 4/260 وليلة القدر في العشر الأواخر كما في حديث أبي سعيد السابق وكما في حديث عائشة وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) حديث عائشة عند البخاري 4/259 ، وحديث ابن عمر عند مسلم 2/823 ، وهذا لفظ حديث عائشة . وفي أوتار العشر آكد ، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ) رواه البخاري 4/259 . وفي الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين . فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر ) رواه البخاري ( 1912 ) وانظر ( 1913 ) ورواه مسلم ( 1167 ) وانظر ( 1165 ) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري ( 1917 - 1918 ) . فهي في الأوتار أحرى وأرجى إذن . وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى ( أي تخاصم وتنازع ) رجلان من المسلمين ، فقال : ( خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت ، وعسى أن يكون خيراً لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ) البخاري ( 1919 ) . أي في الأوتار . وفي هذا الحديث دليل على شؤم الخصام والتنازع ، وبخاصة في الدِّين وأنه سبب في رفع الخير وخفائه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين ، ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لتاسعة تبقى ، لسابعة تبقى ، لخامسة تبقى ، لثالثة تبقى ) فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع وتكون الاثنان والعشرون تاسعة تبقى ، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى ، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح ، وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر ، وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه ) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله الفتاوى 25/284،285 .) وليلة القدر في السبع الأواخر أرجى ، ولذلك جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام ، في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري ( 1911 ) ومسلم ( 1165 ) . ولمسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر ، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغلبن على السبع البواقي . وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر عند أحمد ومن حديث معاوية عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) مسند أحمد وسنن أبي داود ( 1386 ) . وكونها ليلة سبع وعشرين هو مذهب أكثر الصحابة وجمهور العلماء ، حتى أبيّ بن كعب رضي الله عنه كان يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين ، قال زر ابن حبيش : فقلت : بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر ؟ قال : بالعلامة ، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها . رواه مسلم 2/268 وروي في تعيينها بهذه الليلة أحاديث مرفوعة كثيرة . وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه : ( أنها ليلة سبع وعشرين ) واستنبط ذلك استنباطاً عجيباً من عدة أمور ، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة وجمع ابن عباس معهم وكان صغيراً فقالوا : إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا ؟ فقال عمر : إنه فتى له قلب عقول ، ولسان سؤول ، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر ، فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان ، فسأل ابن عباس عنها ، فقال : إني لأظن أين هي ، إنها ليلة سبع وعشرين ، فقال عمر : وما أدراك ؟ فقال : إن الله تعالى خلق السموات سبعاً ، وخلق الأرضين سبعاً ، وجعل الأيام سبعاً ، وخلق الإنسان من سبع ، وجعل الطواف سبعاً ، والسعي سبعاً ، ورمي الجمار سبعاً . فيرى ابن عباس أنها ليلة سبع وعشرين من خلال هذه الاستنباطات ، وكأن هذا ثابت عن ابن عباس . ومن الأمور التي استنبط منها أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين : أن كلمة فيها من قوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها ) هي الكلمة السابعة والعشرون من سورة القدر . وهذا ليس عليه دليل شرعي ، فلا حاجة لمثل هذه الحسابات ، فبين أيدينا من الأدلة الشرعية ما يغنينا . لكن كونها ليلة سبع وعشرين أمر غالب والله أعلم وليس دائماً ، فقد تكون أحياناً ليلة إحدى وعشرين ، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدّم ، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه كما تقدّم ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري 4/260) . ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام ، قال النووي رحمه الله : ( وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها ) المجموع 6/450 . وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في طلبها ، ويجدّوا في العبادة ، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها . فينبغي للمؤمن أن يجتهد في أيام وليالي هذه العشر طلباً لليلة القدر ، اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح . ثالثاً : اختصاص الاعتكاف فيها بزيادة الفضل على غيرها من أيام السنة ، والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف هذه العشر كما جاء في حديث أبى سعيد السابق أنه اعتكف العشر الأول ثم الوسط ، ثم أخبرهم انه كان يلتمس ليلة القدر ، وانه أريها في العشر الأواخر ، وقال : ( من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ) وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ، ثم اعتكف أزواجه من بعده متفق عليه ولهما مثله عن ابن عمر . وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة . وقال الأئمة الأربعة وغيرهم رحمهم الله يدخل قبل غروب الشمس ، وأولوا الحديث على أن المراد أنه دخل المعتكف وانقطع وخلى بنفسه بعد صلاة الصبح ، لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف ، انظر شرح مسلم للنووي 8/68،69 ، وفتح الباري 4/277 . ويسن للمعتكف الاشتغال بالطاعات ، ويحرم عليه الجماع ومقدماته لقوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) سورة البقرة /177 . ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها . العلامات التي تعرف بها ليلة القدر : العلامة الأولى : ثبت في صحيح مسلم من حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شُعاع لها . مسلم ( 762 ) العلامة الثانية : ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ، ورواه الطيالسي في مسنده ، وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) صحيح ابن خزيمة ( 2912 ) ومسند الطيالسي . العلامة الثالثة : روى الطبراني بسند حسن من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة بلجة " أي مضيئة " ، لا حارة ولا باردة ، لا يرمى فيها بنجم " أي لا ترسل فيها الشهب " ) رواه الطبراني في الكبير انظر مجمع الزوائد 3/179 ، مسند أحمد . فهذه ثلاثة أحاديث صحيحة في بيان العلامات الدالة على ليلة القدر . ولا يلزم أن يعلم من أدرك وقامها ليلة القدر أنه أصابها ، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص ، سواء علم بها أم لم يعلم ، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم . نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته . وصلى الله على نبينا محمد . |
|
![]() |
![]() |
#7 |
![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]() |
#9 | |
عضو نشط
|
![]() الشاعر سعد بن نفاع الجابري
جزاك الله خير وبارفيك وغفر الله ذنبك |
|
![]() |
![]() |
#10 |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |