وأبو الطيب المتنبي في فضله المشهور وأخذه بزمام الكلام، وقوته على رقائق المعاني وعلى ما في شعره من الحكم والأمثال السائرة يقول:
وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ... إذا رأى غير شيء ظنّه رجلا
وغير شيء معناه المعدوم، والمعدوم لا يرى فهذا سقط فاحش. ومما يستهجن من قوله وتكاد أن تمجه الأسماع قوله:
تقلقلت بالهمّ الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيش كلّهن قلاقل
وقوله وقد جمع بين قبح اللفظ وبرودة المعنى:
إن كان مثلك كان أو هو كائن ... فبرئت حينئذ من الإسلام
ومن معانيه المسروقة قوله:
ونهب نفوس أهل النهب أولى ... بأهل المجد من نهب القماش
أخذه من قول أبي تمام:
إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب