عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-10, 11:49 AM   #14
عضو شرف

 










 

فائز موسى البدراني غير متواجد حالياً

فائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond reputeفائز موسى البدراني has a reputation beyond repute

افتراضي

الأخوة الأعزاء سبق وأن وعدتكم بنشر بحثي المنشور في مجلة المها قبل عشر سنوات حول القصيدة التي منها: (إما رميت الشيخ والا رماني) ويسرني تزويدكم بهذا البحث كما نشر ساباقً وهو كما يلي:
[center]إمّا رميت الشيخ والاّ رماني[/center]
هذا الشطر من قصيدة مشهورة، لكن الروايات حولها متضاربة جداً، وقد تعجبت من كثرة ‏الرواة المدّعين لها، وكل منهم يرى أن روايته هي الصحيحة، ولذلك رأيت أن استعرض بعض ‏هذه الروايات على سبيل المثال لا الحصر، ليعرف القارئ والباحث مدى هشاشة الرواية العامية، ‏ومدى سطحية الكثير من الرواة، مما يحتم على المتلقي أن يرتقي بوعيه، وألاّ يقبل كل ما يسمع ‏دون تمحيص وتدقيق..‏
هذه القصيدة نشرها الشيخ منديل الفهيد في كتابه، ولا أظن أحداً نشرها قبله، وأوردها منسوبة ‏إلى دعيث السهلي رواية عن عقاب بن مصقال السهلي(وهما من قبيلة السهول العامرية وليس من السهلية من حرب)، قالها دعيث أمام الإمام عبدالله بن فيصل ‏يتمنى فرساً أصيلة، فأعطاه الإمام فرساً، وفيما يلي قصيدته، كما نشرها الفهيد في كتابه: "من ‏آدابنا الشعبية":‏
الله عـلـى لـو انـهـا بـالـتـمـانـي - عـز الله انـي كـان بالـخيـل ابا ختار
الله علـى صـفـرا قـصيـرة الاذانـي -‏ ‏ تشوش لا اوحت نغمة الصوت مذعار
هـي منـوتـي يا ابن عريب المجاني -‏ يا ابن الإمام اللـي لكم صيت واذكار
تكسـر بـذيـل كـنـه الـعيـسـبـانـي - ويـمنـى تطـرفهـا كـمـا لاحس الحار
والـى حرفتـه بالـرسـن والـعـنـانـي -‏ كنـه تنـاجيـنـي تـبـى مـنـي اشـوار
ان كـان مـا جـيـت المجَـوّخ وجانـي -‏ عـقـَّب دعـيـث كـان هالعـلـم مـا صـار
حلفـت ما انكس ذل والعمر فانـي -‏ احرافة الفارس من العيـب والـعـار
لكن الرواة بعد ذلك شرقوا وغربوا في رواية هذه القصيدة، ومن هؤلاء مسْلِط بن سلامة ‏الأدغم السبيعي الذي أعطانيها مكتوبةً بخطه منسوبةً إلى جده سلامة الأدغم، حيث يذكر أنه قالها ‏يخاطب جدَيْع بن هذال أثناء قتاله مع مطير في وقائع كير سنة 1195هـ، وكان سلامة الأدغم ‏السبيعي مع مطير – كما يقول - فقال القصيدة التالية بعد أن أبلغهم ابن هذال بأنه سيغير عليهم ‏في اليوم التالي:‏
يا الله يـا عـالـم بـغـيـب وبـيـانـي - يـا معتـلـي يـا عـالـم غيب الاسـرار
إنك علـى الفـعـل الـحميـد اتهداني - حيث انك أنت الواحد النافع الضار
وخلاف ذا قولوا لراعـي الحصاني - اللي يتمنى حربنا سر واجهـار
يا جديع حنا من قديم الزماني - عدونا نسقيه من كاس الامرار
حنا مروية الغلب والسناني - هل الـمليحا اللي لهم صيت واذكار
حنا وعلوى مطلقين اليماني - عاداتنا ناخذ على الخيل مشوار
و ارجي من الله في صحاح بياني - بانحورنا يا جدَيْع ترميك الاقدار
وانا على الهدبا عريضة لباني - حيث إنها مغوارة بنت مغوار
اليا لويت احنوكها بالعناني - قامت تناجيني تـبي منـي اخبار
وذيل ترده كنه القوس حاني - ويمناً تشطرها مثل لامس الحار
اما رميت جديع والا رماني - يحرم علي ركوب زلبات الامهار
أبجدعه لعيون صافِ الثماني - واترك جوابي كان ذا العلم ما صار
ولا نحاني عن الخصم العنيد امتواني - ‏ ورومي معرّضها شبا كـل بـيـطـار
ليا اقبل الكافر على الـمسلماني - ادبارة الـمسلم عن الرافضي عـار
هذه رواية الأخ مسلط السبيعي، كما أعطاني إياها مكتوبةً سنة 1416هـ، وهي رواية لا ‏أطمئن إليها لأن صاحبها قليل العناية بالتوثيق. ‏
أما رواة عتيبة فإنهم ينسبون القصيدة للشيخ تركي بن حمَيْد، ويذكرون أنه قالها يخاطب ‏الشيخ الفِرم شيخ بني علي من حرب، عندما علم أن الفرم يريد قتاله، وكان مع الفِرم حصان ‏مشهور، وقد اطلعت على هذه الرواية مكتوبة بخط ناصر بن هندي بن حمَيْد:‏
يا الفِرْم حنا من بلاوي الزماني - وعدونا نسقيه مـن كاس الامرار
وحنا عـتـيـبة مطلقيني اليماني - عاداتنا ناخذ على الخيل مشوار
وراجي من الله في صحَاح بياني -‏ بنحورنا يا الفرم ترميك الاقدار
وأنا على الصفراء عريضة لباني -‏ مع لبـَةٍ تشدى لبيـبـان نجَّـار
وتكسر بذيلٍ مثل عسوٍ لياني - ويمناً اتطرّفها مثل واطي النار
واليا شكمت اِلـْحِـيـّها بالعناني - كنها تشاورني تبـي مني اسرار
اما رميت الشيخ والا رماني - واقفاية الـمسلم عن الرافضي عار
وهذه الرواية لا تختلف كثيراً عن سابقتها، حيث لا يخفى حجم التحريف والتعديل الذي دخل ‏على هاتين الروايتين، وتأثرهما الواضح بميول الراوي، إضافة إلى افتقارهما إلى التوثيق الجيد.‏
أما رواة الدهَيْم من بني علي فيوردون القصيدة وقصتها بشكل مختلف تماماً، حيث يقول ‏راويهم: كانت قبيلة بني علي من حرب تحاذي قبيلة عتيبة، وقحطان تحاذي عتيبة من الجنوب، ‏وطلب الشيخ شرِي بن دهَيْم أحد شيوخ قبيلة بني علي من حرب العاني من عتيبة كما هي العوائد ‏عند القبائل حيث إنها أمحلت ديارهم، فأمر الشيخ شرِي بن دهَيْم قبيلته فنزلت بين قبيلة عتيبة ‏وقحطان، وأرسل مندوبه إلى محمد بن هادي شيخ قبيلة قحطان يطلب منه العاني، فرفض، وبقوا ‏بلا عاني مدة من الزمن تتوالى عليه الغارات من قحطان، ومنها الواقعة التي تسمى واقعة ‏‏(القِرْنَة) وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن هادي شيخ قبيلة قحطان:‏
الله على الحرقا كبيرة مثاني - حيث انها مغوارةٍ بنت مغوار
تكْسَر بذيلٍ كنـّه القوس حاني - وتشطح بيمنى كنها لامس الحار
ليا اعتليت قطِي بنت الحصاني - إدبارة الـمسلم عن الرافضي عار
إمَّا رميت الشيخ والاّ رماني - وترّك جوابي كان ذا الحكي ما صار
ورد عليه الشيخ شرِي بن دهَيم بقوله:‏
الله على قـبـَّا بنـات الحصـانـي - وُشِـلـْفٍ تلـَضَّـى كنها لاهب النار
أولاد عَلـْي إن رِفـّعـَن العَـوَانـي - ‏ ترعى بهم قطعانهم كل الاقـفـار
الدين دين الله ما هو بالتمانـي - والعز بيد الواحد النافع الضار
يا الشيخ ابن هادي عزيز الجنابي؟ -‏ الله يسَـلـّطنـا على كـل غـدّار
من كف أخو؟ سبـلا زبون الجباني - شفلوت خليته وُ عَـطَـيـْت مِعْـبـَار
وهذه الرواية زودني بها الأخ مقبل بن ملفي العلوي بتاريخ 28/2/1417هـ، وأعطاني ‏إياها مكتوبة ومنسوبة إلى الراوي: هزاع بن هدَيَّان العلوي الحربي.. ‏
لكن رواة الوهوب من بني السفر من حرب لهم رأي آخر، حيث ينسبون القصيدة إلى شبَاط ‏بن سعدَى، وأنه قالها بمناسبة القتال بينه وبين جمل بن لبدة، سمعتها منهم في مجلس رضيمان ‏بن يحيى بن جندل الوهبي في بريدة، وأورد منها الراوي الأبيات التالية:‏
الله على الحرقا كبيرة لباني - حيث إنها مغوارة بنت مغوار
أبي ليا جيت الـمدرع وجاني - احرافة الـمسلم عن الرافضي عار
أما رميته كان هو ما رماني - واترك جوابي كان ذا الحكي ما صار
هذه خمس روايات متناقضة ومتباينة، وهي لا تمثل كل الروايات المتداولة حول هذه القصيدة ‏ومناسبتها وأطرافها، لكنها غيض من فيض، فأنا لم أستقصِ كل ما يروى وما يقال حولها، ولم ‏اطلع على كل ما كتب عنها، وإنما اخترت هذه النماذج ليعرف القارئ الكريم مدى تضارب الرواية ‏العامية، وسهولة دخول التحريف والتغيير عليها، والأهم من ذلك أن كل راوٍ ينسبها إلى قبيلته، ‏وهذه ظاهرة عرفناها بالبحث، وخبرناها بالتجربة، وهذا ما يجعلنا ننادي دوماً بضرورة تمحيص ‏الروايات، وعدم قبولها والتسليم بها قبل التحقق من صحتها، كما أن حجم التغيير والتبديل الذي ‏لاحظناه على هذه القصيدة يمكن أن يدخل على أي قصيدة أخرى، وهذا ما يجعلنا نقول بأن الشعر ‏العامي ليس دليلاً قوياً ولا حجةً فاصلة في إثبات القصص والبطولات، لقد رأينا كيف أن كل راوٍ ‏يستطيع أن يورد القصيدة بلهجة قبيلته، فضلاً عن قدرته على تغيير الأسماء والمعلومات الواردة ‏فيها، لتناسب ميوله، وتحقق أهداف روايته.. هذا والله أعلم بالصواب..‏




التوقيع :