عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-10, 02:20 AM   #1
مستشار ملتقيات القبيلة

 










 

مريع العييل غير متواجد حالياً

مريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond reputeمريع العييل has a reputation beyond repute

افتراضي من مجالس عالم الجزيرة الشيخ ( حمد الجاسر ).

من مجالس عالم الجزيرة الشيخ ( حمد الجاسر ).

*بقلم الشيخ : أبي أحمد عبد الله الهدلق.
المصدر : مجلة الإسلام اليوم ، عدد (57 ) ، شهر رجب ، صفحة 26


نص المقال



لو لم أسكن سنة 1415هـ بجوار منزل العلامة حمد الجاسر رحمه الله لكنت الساعة شيئا آخر على غير ما أنا عليه، لو لم أسكن بجوار منزله لكنت شيئا آخر في جميع شؤون حياتي ... وهكذا القدر كثيرا ما يتأرجح بنا على خيط رقيق فاصل....
لهذا الاسم " حمد الجاسر " وقع يبتدئ في نفس سامعه بالجلال ثم لا يلبث أن ينتهي به إليه ..
ولأن محل الجاسر من نفسي كمحل الشافعي من نفس العلامة أحمد شاكر فإني أقول في الجاسر ما قاله شاكر في صدر تحقيقه للرسالة : " وليس الشافعي ممن يترجم له في أوراق أو كراريس "
خبر الجاسر عندي لا يستوفيه مجلدان كبيران لكن لما ألحف علي بعض الأخوة بأن أقيد "شيئا" مما كنت سمعته من شيخنا العلامة في مجالسه من الفوائد استجبت فكتبت ما هنا.
لم يكن شيخنا حمد الجاسر قد صيغ من النحاس حتى آخذه وأضعه على قاعدة تمثال ثم أقول فيه ما يقوله كتاب التراجم عندنا فيمن يترجمون لهم : " وبعد فهذا هو التمثال فلان .. ".
لا..
لم يكن حمد الجاسر تمثالا من نحاس وإنما كان إنسانا من لحم ودم ، فيه من ضعف الناس ما في الناس
لكنه كان إنسانا عظيما ، وليس كل الناس فيه من معنى العظمة ما في الجاسر وهذا هو الفرق بين الجاسر وكثيرا من الناس.
وأنا فكنت سألت أستاذا -ممن خالط العلامة محمود شاكر وخبر سواده وبياضه سألته- سؤالا فهم منه أني أريد أن أستبطن من خاصة أمر أبي فهر ما لا يعرفه كل أحد ، فقال لي– فيما يشبه العتاب– كلمة ما زال صداها يتردد في أذني: "لقد أقدرني شيخنا محمود شاكر بتقريبه إياي على أن أرى مواطن ضعفه فمن اللؤم أن أقوى عليه به "!
وهكذا فليس الذي يصرفني عن تصوير شخصية الشيخ هنا إلا هذا "اللؤم" الذي لا أريد أن أوصم به لأني إن تحدثت عنه تحدثت عنه على ما كان عليه بما هو إنسان لا على ما في كتب التراجم عندنا من هذه الغثاثات.
كنت سكنت قريبا من منزل الشيخ فشجعني ذلك على أن كتبت له رسالة أدبية ثم ذهبت وطرقت باب منزله في ليلة من الليالي وسلمت الخادم الرسالة بعد كتبت في آخرها رقم هاتفي ، وما هي إلا أيام حتى اتصل بي موظف من مكتب الشيخ يستفسر مني إن كنت صاحب الرسالة ، فلما أجبته قال لي: هذا الشيخ يريد أن يتحدث إليك..
كان الشيخ في السابعة والثمانين من عمره عضوا في ستة مجامع علمية مع جملة من الألقاب ربما فاقت سنيْ حياتي ، فلما سمعت صوته وثناءه وطلبه أن أزوره ، تأثرت تأثرا شديدا وذهلت عن نفسي حتى صرت أسمع صوتي يتهدج ويقول له شيئا لا أدري ما هو!
زرته بعدها بقليل ، ثم إنه فتح لي صدره ومكتبه ومجلته فكان من أمن الناس علي ، استصبحت بزيته ، ودرجت من عشه ، و أصبحت ولي من العلم والحياة والناس ما لم يكن لي من قبل.
وما هنا تقييد "يسير لشيء" مما سمعته من مجالسه من اللطائف والفوائد إذ ترددت على مجالسه عدة سنوات كنت ربما جالسته منفردا أو في جملة من الضيوف
وكان الشيخ موسوعة من العلوم والمعارف والتجارب... لم أرى -فيمن العلماء - أقوى حافظة منه ولا أكثر تقلبا في الحياة ، لا ولا أشد انقطاعا إلى العلم وتمحضا له ...
1-قال لي الشيخ رحمه الله : لما ذهبت إلى الدراسة في مصر كان يزورني محمود أبو رية ويكثر من التردد علي وكان يكاد يعبد مصطفى صادق الرافعي لكثرة ما يثني عليه...
قال الشيخ : وكانت عندي مشاغل واهتمامات يصرفني عنها أبو رية بكثرة تردده وحديثه فقلت له يوما بعد أن أكثر من الثناء على الرافعي كعادته: اسمع يا مولانا: أنا وهابي والرافعي يقول يستغيث بالسيد البدوي:
صريع على أعـتاب أحمد مكنب == فـيا سيـد الفتيان أنت له طب
قال: فغضب علي أبو رية غضبا شديدا وقام ينفض يديه وثوبه في وجهي ولم أره بعدها ...
2-قال لي الشيخ: حضر عندي قبل أيام صحفي يعمل في إحدى المجلات الشعبية وذكر لي أنهم يوزعون من مجلتهم خمسين ألف نسخة وأنا لا أوزع من العرب عُشر هذه الكمية .... فقلت للشيخ : نعم هو صادق لأن التافهين كثر. فقال الشيخ في انفعال : هذا كثير لا يوجد خمسون ألف تافه !
3-قال الشيخ : بعض المؤلفين يكون لقاؤك سببا في ترك قراءة ما يكتب .... كنت أقرأ لمصطفى جواد وأود أن أراه ، فلما قابلته وجدته شخصية كزة مظلمة ..فكانت رؤيتي له سببا في الإعراض عما يكتب . قلت: لعله وقع بين الشيخ ومصطفى جواد ما يقع بين أهل العصر ، وإلا فإن مصطفى جواد ليس كما وصفه الشيخ ، ثم هو كان من أكبر الشخصيات العلمية العراقية في زمنه .
4-قال لي الشيخ: كانت عندي في شبابي أوقات فراغ ولم أندم على شيء ندمي على أني لم أستغلها في تعلم اللغة الانجليزية فاحرص على تعلمها قبل أن تزحمك الأشغال .
5-قال لي الشيخ: كان المستشرق الألماني (وستنفلد) وضع فهرسا دقيقا لنشرته في معجم البلدان وكنت علقت عليه واستدركت بعض الأسقاط ثم إن نسختي من هذا المعجم ذهبت مع ما ذهب من مكتبتي في أحداث لبنان .
6-دخلت على الشيخ صباحا في مكتبة فوجدت امرأة بين يديها أوراق فلما خرجت قال لي الشيخ: هذه صحفية في إحدى المجلات النسائية أجرت معي مقابلة عن المرأة وقد وافقت على إعطائها الحوار حتى توفق في مجال عملها ثم قال الشيخ : نريدهن أديبات نفس لا أديبات درس .
7-قال الشيخ: وداد قاضي صنعت فهرسا لأحد كتبي أظنه قال: "كتاب المناسك" قال الشيخ: هي جيدة لكن قل إنتاجها هكذا إخواننا أهل الشام إذا بلغوا شيئا من المكانة العلمية والمادية فإنهم يفترون عن العلم .
8-زرت الشيخ صباح أحد الأيام ، فلما رآني طلب من الموظف عنده أن يحضر كتابا ثم قال وهو يناولنيه: هذا كتاب ألفته عني مكتبة الملك فهد الوطنية جزاهم الله خيرا، هم ألفوه ولم أطلب ذلك منهم فقلت للشيخ قد رأيت الكتاب. فابتسم وقال : أنا صرت كقاضي "جَبُّل" أروج نفسي ، هل تعرف خبر قاضي "جَبُّل" فقلت : لا .قال: ذكر ياقوت في معجم البلدان أن المأمون ركب سفينة على النهر ومعه القاضي يحيى بن أكثم فلما حاذوا جَبُّل إذا رجل يجري على الشاطئ ويشير بيديه ويصيح : يا أمير المؤمنين نعم القاضي قاضينا نعم القاضي قاضي جَبُّل ، فضحك يحيى بن أكثم فسأله المأمون: ما الذي يضحكك فقال : هذا الرجل هو قاضي جَبُّل يثني على نفسه ! فضحك المأمون وأمر بصل وعزله !.
9-كتبت في إحدى المقالات التي نشرت فيما بعدد في مجلة العرب: " أفضل علي عالم الجزيرة الشيخ حمد الجاسر "... ثم عرضت المقالة على الشيخ تمهيدا لنشرها فقال لي الشيخ : جزيرة أنا عالمها جزيرة جاهلة لا أحذف هذا الوصف يكفي أن تكتب "الشيخ حمد ".. هذا يكفي.
10- قال لي الشيخ: كنت إذا حضرت جلسات مجمع اللغة في أيام رئاسة طه حسين ، وجرى ذكر جزيرة العرب ، يقول طه حسين : إذا قال الشيخ حمد الجاسر قولا في موضع من مواضع الجزيرة العربية فالقول قوله فهو أعلم بها منا ... قال الشيخ: وهذا الكلام مثبت في محاضر عنده الجلسات قال : وكنت إذا دخلت على طه حسين يقول : مرحبا بعالم الجزيرة أو جاء عالم الجزيرة .
11- قال الشيخ : لما زرت طه حسين في منزله سألته : يا دكتور: ما كنتم ذكرتموه في كتابكم ( في الشعر الجاهلي ) هل مازلتم تقولون به؟ قال الشيخ : فقال لي طه حسين: كان ذلك من عبث الشباب ....
12- فقلت للشيخ حمد: إن محمود شاكر ذكر في حاشية أحد كتبه أنه حدث أن طه حسين قد رجع عما كان يقوله وأن محمود شاكر علق على ذلك بقوله : هكذا الكبار دائما يخطئون في العلن ويتوبون في السر .
13- قلت للشيخ : سمعت أنكم أخذتم إجازة من الشيخ عبد الستار الدهلوي قال: نعم لكني مزقتها .
14- قال الشيخ : لما حضر الشيخ عبد الحي الكتاني إلى مكة كنت فيمن زاره وكتب لي إجازة.
15- سألت الشيخ عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي واتهامه بالكذب فقال : أهل كل فن يحملون على أصحاب الفنون الأخرى وأهل الكذب يتهمون ابن الكلبي بالكذب ولا يروون الأنساب إلا عنه .
16- كتبت مقالة وعرضتها على الشيخ فإذا فيها :"ليس في لغة العرب كلمة ..." وذكرت كلمة نسيتها فقال الشيخ : وما أدراك أنها ليست في لغة الأعراب ؟!هل أحطت بجميع اللغة ؟!إذا نفيت فقيد النفي بعلمك وقل : ليس في كذا فيما أعلم .
17- سألت الشيخ عن حدود "نجد" فقال :يصعب تحديدها بدقة لكن تحدد بالتقريب ، كتب المواضع المتقدمة ليست دقيقة وفيها صعوبة فقلت له: ولم اخترتم هذا الفن الصعب فقال رحمه الله : السهل كل أحد يحسنه .
18- قال أحد الحاضرين للشيخ في مجلس من المجالس : أسأل الله سبحانه أن يرزقنا ربع إرادتك وجلدك يا شيخ فقال الشيخ على البديهة: هي دعوة مقبولة إن أردت .
19- زرت الشيخ في آخر أيامه فسلمت عليه وجلست قبالته فأخذ يقلب الدفتر بين يديه ثم رفع رأسه وقال لي: هذا الدفتر أصبح يخيفني كلما نظرت فيه وقعت عيني على رقم صديق لي قد توفي ...
20- سألت الشيخ رحمه الله عن خير الدين الزركلي وفي مكتبة الشيخ نسخة من "الأعلام" بإهداء الزركلي فقال لي : زرته في مصر في المستشفى وكان هذا المستشفى نظيفا فخما ، فرأيته رحمه الله سعيدا يمشي متكأ على عصاه ويقول : سأخرج ... ثم زرته بعد أيام في مستشفى ضيق مظلم سيئ كان أولاده نقلوه إليه ليكون قريبا من مسكنهم .. قال الشيخ : وأولاده بخلوا عليه لأن المستشفى الأول كان ذا أجر مرتفع فنقلو ه إلى هذا المستشفى توفيرا للمال قال : فدخلت عليه في هذا المستشفى فرأيته على صورة كئيبة وكان يبكي فخرجت من عنده وبعد أيام جاءنا خبر موته.
فقلت للشيخ : إن أحد الكتاب ذكر أن الزركلي كان يوقع مقالاته بالأزرقي وأن الزركلي قال له : إنه من نسل الأزارقة من الخوارج ولا عبرة بمن قال إن المهلب أفناهم .
فقال لي الشيخ وهو يبتسم .. هو قال ذلك ؟ قلت : نعم فقال : إن الزركلي أخبرني أنه من بني زُرَيق من الأنصار قال الشيخ حمد فقلت : يا مولانا لا تبعد النجعة !
للشيخ عبد الله مرداد كتاب اسمه " نشر النور والزهر "في تراجم المكيين ، وقد اختصره الشيخ عبد الله بن محمد غازي (1291-1365) في كتابه "نظم الدرر في اختصار نشر النور والزهر"، ثم إن الشيخ عبد الله غازي نفسه ذيل على مختصره بكتاب سماه " نثر الدرر في تذييل نظم الدرر"،
و"نظم الدرر" وذيله "نثر الدرر" ما زالا مخطوطين فيما أعلم وفي هذا الذيل "نثر الدرر" ترجم الشيخ عبد الله غازي لشيخنا حمد الجاسر ترجمة أحسبها من أقدم التراجم العلمية للشيخ الجاسر ، إذ كانت قبل سبعين سنة.
وهذه هي من " نثر الدرر في تذييل نظم الدرر " ص:290 :
" (حمد بن جاسر النجدي ): حمد بن محمد بن جاسر بن علي بن جاسر العالم النجيب والفاضل الفطن الذكي ولد في سنة 1329هـ في قرية من قرى نجد تسمى البرود.
وتلقى فيها مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القران في السنة الثانية عشر من عمره
ثم ارتحل إلى الرياض لطلب العلم فقرأ هناك على المشائخ المشهورين منهم : قاضي الرياض الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ والشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف والشيخ محمد بن عبد اللطيف والشيخ سعد بن حمد بن عتيق
وفي ذي الحجة سنة ... قدم مكة ودخل مدرسة المعهد العلمي السعودي وتخرج منها في سنة 1353 واشتغل في وظائف التدريس في ينبع وفي جدة وغيرهما ثم تعين قاضيا سنة 1356 في بلدة ظبا ونواحيها ثم استعفى منها وارتحل إلى مصر وزار كثيرا من مدارسها كالأزهر والجامعة وغيرها ثم عاد من مصر في شهر شعبان سنة 1359 والآن هو مشتغل في كتابة بعض مباحث تاريخية أكمل منها : مختصر معجم البلدان ولخص فيه المواضع النجدية وأضاف إلى ما ذكره ياقوت بعض زيادات من المعاجم المشهورة وكتاب أمراء نجد من قديم العهد إلى عهدنا الحالي وتاريخ نجد يحتوي على ثلاثة أقسام كل قسم يقع في مجلد ".
رحم الله شيخنا العلامة وجزاه عن العلم وأهله خير ما يجزي عالما ولله در الدكتور عبد الرزاق السنهوري الذي قال :" وإن شيئا يشترك فيه أكثر العظماء: حياة الشظف والفاقة التي عاشوها أول حياتهم فنفخت في أخلاقهم روح الصلابة فأذاقوا الحياة بأسهم بعد أن أذاقتهم بأساءها...".


http://www.harb-tribe.org/vb/showthread.php?t=4245




التوقيع :
    رد مع اقتباس