الموضوع: من مروج الذهب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-17, 03:11 AM   #25
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

قدم رجل على بعض السلاطين، وكان معه حاكم أرمينية منصرفًا إلى منزله، فمر في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبة مبنية مكتوب عليها: هذا قبر الكلب، فمن أحب أن يعلم خبره فليمض إلى قرية كذا فإن فيها من يخبره.
فسأل الرجل عن القرية فدلوه عليها، فقصدها وسأل أهلها فدلوه على شيخ، فبعث إليه وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله فقال: نعم كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن، وكان مشهورًا بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد رباه، وسماه باسم، وكان لا يفارقه حيث كان، فإذ كان وقت غدائه وعشائه أطعمه مما يأكل.
فخرج يومًا إلى بعض متنزهاته، وأمر بربط الكلب لئلا يذهب معه، وقال لبعض غلمانه: قل للطباخ يصلح لنا ثريدة لبن، فقد اشتهيتها فأصلحوها، ومضى إلى متنزهاته، فتوجه الطباخ وجاء بلبن وصنع له ثريدة عظيمة، ونسي أن يغطيها بشيء، واشتغل بطبخ شيء آخر، فخرجت من بعض الشقوق أفعى فكرعت من ذلك اللبن ومجته في الثريدة من سمها، والكلب رابض مربوط يرى ذلك كله، ولو كان له في الأفعى حيلة لمنعها ولكن لا حيلة له فيها.
وكان عند الملك جارية خرساء زمناء قد رأت ما صنع الأفعى، ووافى الملك من الصيد في آخر النهار، فقال: يا غلمان أول ما تقدمون إليّ الثريدة، ولما وضعت بين يديه، أومأت الخرساء إليهم، فلم يفهموا ما تقول، ونبح الكلب وصاح، فلم يلتفتوا إليه، وألح في الصياح، فلم يعلم مراده، ثم رُمي إليه بما كان يُرمى إليه في كل يوم فلم يقربه، ولجّ في الصياح.
فقال لغلمانه: نحّوه عنّا، فإن له قصة، وفك رباطه، ومده يده إلى اللبن، فلما رآه الكلب يريد أن يأكل وثب إلى وسط المائدة، فأدخل رأسه في اللبن، وكرع منه فسقط ميتاً وتناثر لحمه.
وبقي الملك متعجبًا منه ومن فعله، فأومأت الخرساء إليهم، فعرفوا مرادها بما صنع الكلب، فقال الملك لندمائه وحاشيته: إن من قد فداني بنفسه لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، ودفنه بين أبيه وأمه، وبنى عليه قبة، وكتب عليها ما قرأت، وهذا ما كان خبره.
[تفضيل الكلاب على كثير ممن جرّ الثياب ص:82].




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس