عرض مشاركة واحدة
قديم 22-02-10, 07:03 PM   #19
عضو شرف

 










 

سعد الجحدلي غير متواجد حالياً

سعد الجحدلي is an unknown quantity at this pointسعد الجحدلي is an unknown quantity at this pointسعد الجحدلي is an unknown quantity at this pointسعد الجحدلي is an unknown quantity at this pointسعد الجحدلي is an unknown quantity at this point

افتراضي تاريخ الكسرة كيف نحدده؟

ويتواصل الحديث

تاريخ الكسرة كيف نحدده؟
هل من المعقول أن لا نستطيع أن نحدد تاريخ ولو تقريبي لشعر الكسرة ؟

هذا سؤال عقيم ! إذا ضل يتردد على أفكار الناس ويسيطر على اعتقادهم فمن الممكن أن يضعنا في موقف لا نحسد عليه , إذ أن الكسرة تعبر عن تاريخنا العريق الذي فيه تجلى أخلاقنا وعاداتنا وهو جزء لا يتجزأ من آدابنا ومورثنا , فكيف ندافع عنه ولا نعرف تاريخه , وأين المحققون والباحثون وخصوصا أهل الأدب والثقافة والمهتمون بالإرث الشعبي,إن كثير من الأساطير والحكايات الشعبية تمت دراستها وتحليلها من قبل بعض الأدباء و الباحثين وتوصلوا إلى أصلها وكيف وصلت وأين قيلت ؟ فلماذا نصّعِب السؤال ونجعله من المستحيلات الأربع بعد الغول والعنقاء والخل الوفي ,أو الثمان بعد السبع التي جاءت بها الأمثال من سابع المستحيلا بل ثامنها بإضافة شعر الكسرة .
والحقيقة غير ذلك فبإمكاننا تحديد التاريخ ولو كان تقريبيا لشعر الكسرة , ولكننا تجاهلنا أهم تلك العناصر في تحديد ذلك التاريخ , وأهما على الإطلاق عنصر المفردة الشعبية وهذا العنصر من شأنه أن يحل هذه المعضلة ويتمثل في دراسة المفردة نفسها وإشاراتها ودلالاتها , والمفردات في تجدد مستمر ولو تتبعنا تطور المفردة لتعرفنا على ذلك التاريخ ولكن انعدام تلك الدراسات و الاشارت لشعرنا الشعبي هي التي تسببت في ذلك الجهل بهذا التاريخ , وهنا أود أن أشير إلى ما جاء في كتاب الأستاذ المتميز عبد الرحيم قابل الأحمدي المعنون بـ( ألف كسرة وكسرة – الجزء الأول ) وفيه عنوان حمل اسم ( إشارات لقراء شعر الكسرة ) هذه الإشارات المهمة التي لم يتنبه لها احد وكل احد ربما قرأها لتسهيل فهم الكسرة فقط دون دراستها أي المفردة دراسة متعمقة والتأمل فيها بعيد عن المجانية الزائفة , ولو درسناها الدراسة الحقيقية لتوصلنا لأشياء عن هذا التاريخ أو ما قبله لان المفردة المستخدمة قديما تكاد تكون قد انقرضت وجاء ما ينوب عنها ويأخذ معناها وكذلك الإشارات المبثوثة داخل النص الشعري للكسرة والوقائع و الإحداث التي كانت الكسرة تنؤ بها ثم قارناها بغيرها من الشعر الشعبي لتبين شيئا من هذه الخصوصية وهذا التاريخ اذ ان لكل منطقة وقبيلة لهجة ولكنة تختلف عن غيرها ومسميات لا يمكن ان يشاركها فيها غيرها ,فمثلا لو قرآنا هذه الكسرة مثلا :

واسقي سليته مطر جود = اللي عليه الودايا تفيض
وتحققنا من ذلك الاسم لوجدنا انه منطقة زراعية في وادي ثول بقربها بئر يطلق عليها نفس المسمى , زلا يوجد اسم مشابها لها قريبا منها او في منطقتها ولذلك نجد اننا بدراستنا للمفردة عثرنا على مكان ومن ثم نستطيع ان نتبين التاريخ اليس كذلك , إذا في بحثنا عن هذه الحقائق نعرف مكان الكسرة , ونعرف ما فيها من أشارلت .ولا اضرب لك مثلا آخر فلو جئنا لهذه الكسرة القديمة نوعا ما :
ما احد تشفع لابن ثابت = ولا احد دخل قالته باصلاح
في هذا البيت المتكون من شطرين بإمكاننا ان نتعرف على الشخص المذكور في الكسرة بعد مقارنة تلك بغيرها وملاحظة الأسماء في الوثائق التاريخية والشعر الشعبي الآخر وسؤال من يهتم بالشعر وحفظه فلا بد لذلك من قصة وإذا تحققنا من هذه القصة من خلال الشعر فإنه بإمكاننا أن نعرف شيئا عن هذا الرجل وقضيته وتاريخ وفاته ومن ثم نحدد تاريخ هذه الكسرة وربما توصلنا إلى قائلها , هذا مجرد مثال بسيط على البحث عن التاريخ , فلو تتبعنا المفردات التي وردت في كثير من الكسرات لربما توصلنا على تحديد ولو تاريخ تقريبي لنشوء هذه الكسرات , والمفردات كما قلنا تتطور ويهجر القديم منها ويستجد جديدا ولكن الشعر يحتفظ دائما بهذه المفردات كما هي ومن خلال دراستها يمكننا تحديد زمنها فمثلا يقول الشاعر
يا أبو علي خط لي بكتاب = عن ديرتي وايش جرى فيها
عهدي بها للضبا مهكاب = والفاغية نبت واديها
وانظر إلى كلمة مهكاب وهي كلمة قديمة جدا ومعناها المكان الذي يعود إليه الرعاة بعد اكتمال عملية الرعي ولا يكون مهكابا إلا بعد العصر أي متجه للراحة في الليل, ولو تمعنا هذا النص الجميل لرأينا فيه شواهد من أهمها هذه الكلمة القديمة التي لو تتبعنا مراحل تكوينها وحضورها في النص لتقدمنا خطوات نحو هدف التاريخ كذلك تلك الديرة التي كانت مأوى يجمع الضباء وتهفو إليه بعد التجول والرعي طوال ساعات النهار وهنا في هذه النقطة لا سبيل للمجاز فالجملة حقيقية واقعية وكذلك كلمة الفاغية وهي ثمار أو زهرة الحناء فأين هو الوادي الذي كان ينبت فيه الحناء بكثرة ف‘ذا تعرفنا عليه تعرفنا على تفاصيل اخرى وعليه فإننا نعضد بعض مما جاء في هذه النص بغيره من الكتابات فهناك بعض الرحالة في بعض دروب الحاج حيث ذكر ابن رشد في القرن الثامن الهجري عندما ذكر رابغ قال ( فلما وافينا رابغ رأينا أمرا عجبا من تخلل الوحش والغزال والأرانب بين الجمال والرحال ) ويقول شاعر شعبي اخر:
عهدي بشوف الجوازي عام الاول ما هو العام =يوم ان شوفي جديد ولا توجعني عيوني
والجوازي هي الضبا , ويوم تعني عندما وجديد يعني قوي وحاد .
وهنا نسأل اليست هذه المنطقة تقارب تلك المنطقة التي ذكر فيها الشاعر القديم الضباء في كسرته ,
وهكب ايضا أي مال للمغيب يقول الشاعر الاخر

طلع علينا نجم اسهيل =والنجم ابو ذيل وايش جابه
واللي مضى مشتهر بالحيل = اليوم هكب لمغيابه
وهذه الكسرة وردت في كتاب الازهارالنادية من اشعار البادية ولو اننا تحققنا من دراسة المفردة بعناية تامة وتأملناها تأمل المحقق المستكشف بلا شك سنصل الى حقائق علمية بهذا التاريخ .
وكذلك هناك كسرة قديمة يقال انها وردت على لسان احد الجان حيث قال :

يا راقد في القيف بسك من النوم = وقوم ونشنش عن مراقد عيال
ولو لاحظنا كلمة القيف لو جدناها كلمة تكاد تكون منقرضة هذه الكلمات لها دلالتها في النص الشعري ولها وقتها وزمانها وقابئلها التي تستعملها وهي قديمة جدأ كما إننا لو تتبعنا إبدال الحروف والمخارج وبحثنا عنها في الشعر لتبين لنا ولتم لنا فصل القصائد القديمة وإعادتها إلى قبائلها فمثلا كثير من البدو يبدلون السين صادا فيقال في المريسيع ( المريصيع ) وفي خسارة ( خصارة ) وكذلك الألف تبدل ياءً كما في ( بدأت ) يقولون بديت , (واتكأت ) تصبح (اتكيت ) وقد أورد البلادي في كتاب الأدب الشعبي في الحجاز الكثير من هذه المفردات , على كل حال هناك إشارات وإضاءات لو تتبعناها بجد في شعر الكسرة وغيرها من الشعر لأمكننا أن نحدد زمن القصيدة أو الكسرة ولو بالتقريب إننا بالتأكيد سنحدد المرحلة الزمنية لكل نص من خلال تلك الكلمات وتتبعها ودراستها دراسية واعية مستفيضة ولعرفنا النصوص القديمة من الحديثة ,
وقد قمت مؤخرا بكتابة المعجم الشعبي لمدينة ثول وأوردت فيه بحمد الله أكثر من 1500كلمة قديمة بعضها منقرض وبعضها على وشك الانقراض ودعمته بالصور وأتمنى أن يتم طباعته قريبا وارج وان يساهم ولو بشيئ بسيط في تحديد تاريخ وزمن بعض الكلمات مما سوف يكون له اثر في تحديد زمن الكسرة وتاريخها .
والى حديث آخر وتواصل اخر استودعكم الله




التوقيع :
    رد مع اقتباس