تمهيد
المسجد مأرز الإيمان، ومنبع النور والتقى، ومنارة الأمن والسلام والهدى، ومركز التنظيم الإسلامي، ودورُه في حياة المجتمع المسلم واضح لا يخفى، وراسخ لا يُنسى، فهو الدعامة الأولى، والركيزة الكبرى لتحقيق الأمن الاجتماعي، وتعميق الوحدة ونبذ الفرقة، وتغذية الأمة بالتوجيه الروحي والفكري.
ولئن كانت تلكم المعاني ثابتة لمن تأمَّل رسالة المسجد، إلا أنها لن تكون ذات أثر فاعل إن لم يعن إمامه وخطيبه بإبراز تلك المعاني، وإظهار القيم السامية لدور المسجد المؤثر في حياة الفرد والمجتمع.
فالمسجد يتردد عليه كل يوم أعداد كبيرة لأداء الصلوات الخمس، وتزداد جموعهم في نهاية الأسبوع لأداء صلاة الجمعة، وتتباين أفهام المصلين، وتتفاوت ثقافتهم، لذلك فهم يحتاجون إلى التذكير والتنبيه، واستغلال حضورهم للإرشاد والتوجيه، ومعالجة مشكلات المجتمع، والإسهام في إصلاح الحياة العامة، وإعادة الفرد إلى قواعد الدين ومبادئه، وإشاعة روح المودة والإصلاح بين الناس.
وإن خطيب المسجد وإمامه أشد فاعلية، وأكثر وقعاً في نفوس الجماهير، من أي وسيلة أخرى يمكن أن تؤثر في المجتمع( )، فهو يقتلع جذور الشر في نفس المجرم، ويبعث في نفسه خشية الله تعالى، وحب الحق، وقبول العدل ومعاونة الناس، وإصلاح الضمائر، وإيقاظ العواطف النبيلة في نفوس الأمة، وبناء الضمائر الحية، وتربية الروح على الآداب الفاضلة والأخلاق الحميدة، وتسكين الفتن، وتهدئة النفوس.
ولا يمكن أن ينجح الخطيب في أداء مهمته على الوجه المطلوب، إلا إذا استطاع الأخذ بألباب سامعيه، واستدراجه اللبق لأفهامهم، بالأسلوب البليغ، والكلمة الساحرة، والحجة الظاهرة، والصوت العذب، والخطبة الباهرة، والإثارة والتشويق، والشعور والوجدان.
وأنى للخطيب أن يفيد إن لم يراعِ مقتضى الحال، فلكل مقام مقال، فيجدر به مواكبة الأحدث، ومسايرة الوقائع، وملاءمة موضوع الخطبة للأحداث الجارية، والملابسات الواقعة، فالكلام في حال الأمن، يختلف عنه في حال القلق، واختلاف الظروف وتقلبات الأحوال تتطلب من الخطيب أن يكون فطناً مسايراً لما يحدث حوله، وأن لا يكون في وادٍ، وحال المجتمع في وادٍ آخر، إن خطبة الجمعة من شعائر الإسلام الكبرى، ومعانيها ينبغي أن تنساب إلى النفوس في تلك اللحظات الإيمانية، وموضوعاتها يجدر أن تهدف إلى تحقيق الأغراض الآتية( ):
1- الوعظ والتذكير بالله تعالى، وبحسابه وجزائه في الآخرة، وبالمعاني الربانية، التي تحيا بها القلوب، وتعود إلى خالقها.
2- تفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم من الكتاب والسنة، مع العناية بسلامة العقيدة والعبادة والأخلاق والآداب.
3- تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ورد الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه لبلبلة الأذهان، بأسلوب مقنع حكيم، بعيد عن المهاترة والسباب، ومواجهة الأفكار الهدامة والمضللة، بتقديم الإسلام الصحيح، وإبراز خصائصه من السماحة والشمول والتوازن والعمق والإيجابية.
4- ربط الخطبة بأحداث المجتمع، وبالواقع الذي يعيشه الناس، والتركيز على علاج أمراض المجتمع، وتقديم الحلول لمشكلاته.
5- تثبيت معنى الأخوة الإسلامية، ومقاومة النـزعات والعصبيات العنصرية والإقليمية والمذهبية، المفرقة للأمة، المشتتة لشملها، والمثيرة للأحقاد والبغضاء.
وبالإضافة إلى ما تقدم فإن هناك أسساً ينبغي لأئمة المساجد وخطبائها التركيز عليها في خطبهم، وكلماتهم للمصلين، مما تمس الحياة العامة للناس، وتؤدي إلى أمن المجتمع واستقراره، وإشاعة السلام والطمأنينة في سائر أرجائه، وتخليصه من أسباب الفرقة، وبواعث الشر والخلاف، ومن أهم ما ينبغي طرقه وتذكير الناس به، والتعرض له بين الفينة والأخرى وبالأخص في أوقات المحن والشدائد، ما يأتي:
المبحث الأول
تقوية الوازع الديني
الإيمانُ العميق ركيزةٌ مهمية، ودعامةٌ أساسية، ترسخ في النفس الإنسانية معاني العبودية الحقة، وتنمي فيها الشعور بالخشية من الرب، والخوف من عقابه، ودوام الصلة به ومراقبته، والالتزام بتقواه وطاعته، ويدفع الإيمانُ بالله تعالى المسلمَ إلى العناية بالضرورات التي أَكَّد الإسلام على حفظها، ويحول بين الفرد وبين الوقوع في المحظورات، ويحجزه عن التعدي على حقوق الآخرين وانتهاكها، وينشأ في ضميره وازعٌ داخلي قوي، يهديه إلى الفضائل، ويحميه من مقارفة الجرائم والرذائل، ويسمو بإنسانيته عن التردي إلى الحضيض، أو الوقوع في الهاوية، فينتج عن تشبع النفس بالإيمان، وتغذيها بمعانيه العميقة آثارٌ إيجابية تبرز في حياة الفرد حيث يصبح مرهف الحس، رقيق الشعور، مرتاح النفس، مطمئن القلب، مستشعراً للمراقبة الإلهية، فيسلك المنهج القويم، ويلزم جادة الصواب والصراط المستقيم، ولا يحيد عنها،أو ينجرف عن مسارها، ولايتقبل الأفكار النشاز، ولا المؤثرات الوافدة، ولا يلتفت إلى غير ما حكم به التشريع أو قضى به، وتبرز علامات الإيمان الصادق، ودلالاته الواضحة على الفرد بشعور الآخرين بالاطمئنان للتعامل معه، والثقة به، وأمن جانبه، فلا يخشون من تعدّيه أو ضرره، أو ظلمه أو حيفه، فينعكس أثر إيمانه على أفراد المجتمع، وينعم الجميع بالاستقرار، ويعيشون أخوة متحابين، متراحمين متعاطفين، ويتمكن كلُّ واحد منهم من التمتع بحقوقه الكاملة التي قررها له الإسلام، ويحتفظ بكرامته الإنسانية، ويحس برفعته وعزته، ويأمن على حياته الشخصية التي حفظها وكفلها له.
ومما يوضح أن قوة الإيمان أصلٌ لكل خير وفضيلة، ودرعٌ واقٍ من كل شر وجريمة، وأنه سياج حاجز دون الوقوع في المحظور والرذيلة، ومصدر ثقة للآخرين بصاحبه، ، حيث أخبرت الآية بأسلوب يستبعد احتمال وقوع جريمة القتل من المؤمن على أخيه المؤمن، إلا أن يحدث ذلك عن طريق الخطأ وعدم القصد، لأن جريمة القتل من أبشع الممارسات المنافية للإيمان الصادق، والمخالفة لمنهج الإسلام الداعي إلى ترسيخ الإيمان في القلوب، وتربية ضمير المسلم على التشبع به، والارتواء بفيض نبعه، فجريمة القتل هي التي لا ترتكب وقلب القاتل محشو بكمال الإيمان، وصدق اليقين إذ لا يوجد سبب يبلغ من ضخامته أن يعلو على رابطة العقيدة الإيمانية، التي تجمع المسلم مع أخيه، وهكذا كلُّ محظور في الإسلام، أو اعتداء على الضرورات لا يصدر إلا من قلبٍ فارغ من الإيمان، روى أبو هريرة أن رسول الله ‘ قال: >لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينهبها وهو مؤمن<( ).
إن إمام المسجد وخطيبه حين يحفز المصلين على تقوية إيمانهم، وترسيخه في قلوبهم، يثمر الشعور بمراقبة الله تعالى، وخوفَهم من عذابه، وأليم عقابه، ويدعوهم إلى الاستقامة السلوكية، وتصحيح المواقف، وتحصيل مصالح الدنيا والآخرة، ودفع الشرور والمفاسد، وصفاء الأرواح، وطهارة القلوب، والاستقرار النفسي، والاطمئنان القلبي.
** ** **
المبحث الثاني
الالتفاف حول ولاة الأمر
من أبرز الضمانات الأمنية الرشيدة للمجتمع المسلم، وأهم الوسائل الكفيلة بترسيخ أمنه، والمحافظة عليه، طاعةُ ولاة الأمر، فهي أصلٌ مهم، وقاعدة كبرى، ومنهج واضح، وأساسٌ قوي لتحقيق الأمن الاجتماعي، واستقرار البلاد، واطمئنان الرعية.
والمتأمل للنصوص الشرعية، يجد أنها متواترة وقطعية الدلالة في التأكيد على وجوب طاعة ولي الأمر، وتحريم عصيانه أو الخروج عليه، ففي الطاعة اجتماع لكلمة المسلمين، وفي العصيان فسادٌ للأحوال في الدارين، وما نزعت يد من طاعة إلا وصافحها الشيطان، وعرّضها لفتن عمياء، ونزاعات وأهواء، واضطرابات هوجاء، والعاقل يدرك خطورة عصيان ولاة الأمر، وما يجلبه من شرور عظمى، وأخطار ومفاسد كبرى، ويعلم ما في الطاعة من الخير والهدى، وتحقيق السعادة، واستتباب الأمن، وترابط المجتمع وتماسكه، ونصرة المظلوم، ودحر الباطل والجور، والعناية بمصالح العباد والبلاد، وحماية الحياة الاجتماعية من الفوضى والاضطراب، والأخذ على أيدي السفهاء والعابثين، وردع البغاة والمجرمين.
إن طاعة ولي الأمر، واحترام شخصيته وهيبته، مما هو واجب على الرعية لما في مخالفة ذلك من نشر المفاسد، وإثارة الفتن والقلاقل، مما لا يمكن رده ولا دفعه، فذوو العقول السليمة، والفطر المستقيمة، يدركون أهمية الطاعة، ويقدرون العواقب، طريقهم طريق الحق والهدى، ويلتقون على الخير والرشاد والتقوى، وينأون بأنفسهم عن مواطن الشر والأذى، ويحذرون من مزالق الرذيلة والهوى، وطريق المؤمنين حفظ ألسنتهم، والاحتكام إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم ‘، كما أمرهم الخالق جل وعز بذلك، أي ردوا الحكم في ذلك إلى الكتاب والسنة، لأن الحكماء يدعون إلى الخير، وينشرون الفضيلة، ويحضون على الاجتماع والوفاق، ويحذرون من التنازع والافتراق، فهذا فهمُ المؤمنين، لما أمرهم الله به ورسوله، يسمعون لولاة أمرهم، ويطيعون حكامهم، ويناصحونهم وفق آداب النصيحة، وضوابطها المبينة.
إنَّ طَرْقَ موضوع وجوب طاعة ولاة الأمر، من أهم ما يجب أن يذكر به الخطيبُ المصلين بين الحين والآخر، وأن يؤكد عليهم الالتزام بالطاعة، وأن التفاف الأمة حول قيادتها دليلُ وحدتها، وطريق فلاحها، وسبيل رقيها ونهضتها ونجاحها، ومصدر عزتها ومنعتها، ومعاونة ولاة الأمر في أداء مهمتهم، ومساعدتهم في حماية المجتمع من المفاسد والشرور، من أهم ما يلزم الرعية، والإبلاغ عن المشبوهين الذين يتربصون لإحداث الفوضى، واجب كل مسلم حماية للبلاد من السفهاء والمفسدين، وتجنيباً لها من القلق والفوضى، وقطعاً لطمع الطامعين، ودحراً للسفلة والمعتدين.
إن الالتزام بطاعة ولاة الأمر سبيلٌ لنصرة الحق، وإقامة العدل، ورفع الظلم، وردع الظالم، وطريق لاستقرار المجتمع وأمنه، وحفظ لنفوس أفراده، وصيانة لأموالهم وأعراضهم، ورعاية لمقدسات المسلمين، وتوفير لوسائل الطمأنينة والأمان.
المبحث الثالث
وحدة المجتمع وتماسكه
تهدف تعاليم الإسلام إلى بناء مجتمع متماسك، تقوم علاقات أفراده على المودة والالتئام، والمحبة والانسجام، وتنحسر فيه دواعي الفرقة والشتات، والتمزق والاختلاف، والشحناء والعداوة، فوحدةُ المجتمع المسلم لا يقاس بها وحدةُ أي مجتمع آخر، فرابطة الإيمان تجمع بين أفراده، على اختلاف ألوانهم وأجناسهم، وهي أشرف الروابط وأوثقها، وأفضل الوشائج وأكرمها، وقد أكدت النصوص الشرعية أهمية الالتزام بمضامين الروابط الإيمانية، وحذرت من الانقسام والتنازع، فالإسلام يجمع ولا يفرق، ويؤلف ولا ينفر، ويقرب ولا يباعد، فالاجتماع قوة ومنعة، والافتراق ضعف وَخَوَرٌ وفتنة.
لقد أقام الإسلام المجتمع المدني على أساس المحبة والتواصل، والتعاون والتكافل، وألفَّ رسول الله ‘ بين فئات المجتمع المدني كلها، وقارب بينها، وأبعد عنها أسباب الفرقة والتمزق، وما يثير الخلاف والنعرات في أوساطه، وأوضح سمو علاقة المسلم بأخيه، والتي ترتكز على الود والتآلف، وتحمل الأخطاء والزلات، والصفح عن المثالب والهفوات، وذلك من أهم وسائل تعميق الأمن في النفوس، وترسيخه في المجتمع.
إن الإسلام يؤكد مبدأ القوة والترابط بين أفراد المجتمع، وتحقيق معاني الأخوة الإيمانية،
وعندها يشعر الجميع بوحدة الأمة، وترابط مصالحها، وتلك ركيزة عظمى في توفير الأمن للمجتمع، إذ يدرك كلُّ فرد مسؤوليته، ويقوم بواجبه، فتسهر الجماعة على راحة الفرد، ويقوم الفرد بخدمة الجماعة، فيتكاتف الجميع، ويعلمون على احترام أنظمة مجتمعهم، والتزام بتعاليمه، واحترام حقوق الآخرين، ويتعاون الجميع على مكافحة الفساد، وحماية المجتمع من الجريمة، ومكافحة دواعيها، ووقايته من كل ما يؤدي إلى زرع بذور الشر والفتنة، وسَدّ المنافذ التي قد يتسلل منها الأشرار والمفسدون، والبغاة والمرجفون.
والمجتمع المسلم يعتمد في بناء أفراده على قوة الرابطة التي أسسها الإسلام منذ بزوغ فجره، والمتأمل لحقيقة تلك الرابطة يتضح لـه أن العقيدة تحرم الأذى والعدوان، وتمنع الظلم والبغي والإجرام، وتحفظ الحقوق، بحيث يجد المسلم نفسه أمام حدودٍ يجب التوقف عندها، وعدم تجاوزها، ويردعه وازعه الديني عن الوقوع في شيء مما منع منه، ويحس بشعور قوي يربطه بأفراد مجتمعه، ويحجزه من التعدي عليهم، ويدفع به إلى الترابط والتماسك معه.
وخطيب الجامع، وإمام المسجد، عليه أن يعنى بترسيخ معنى الوحدة في نفوس المصلين، وتعميق أواصر المحبة بينهم، ويذكرهم بأن الإسلام اعتمد الأخوة دعامةً لوحدة المجتمع، وركيزة للترابط بين أفراده، فلا يسمح الإسلام بقيام أحزاب أو تجمعات من شأنها تمزيق وحدة المجتمع، وتبديد قوته، وتفريق كلمته، أو بروز خلافات ينتج عنها التناحر، أو تسفر عن القطيعة والتناحر، فذلك شرٌّ عظيم، وخطر جسيم، ينتج عنه الكثير من الأحداث المروعة، والمآسي المفجعة، ويزعزع أمن المجتمع، ويؤدي إلى قلقه واضطرابه، وإن مسارعة الخطيب أو الإمام إلى إزالة أي خلاف قد تظهر بوادره من أبرز ما يجب أن يضطلع به، فيبادر إلى الإصلاح بين الناس في خصوماتهم، وإزالة خلافاتهم، وتوطيد علاقاتهم الأخوية، وترسيخ دواعي الألفة والانسجام، لأن ذلك من أقوى دعائم ترسيخ أمن المجتمع، وضمان الاطمئنان والحياة السعيدة، وعليه أن يذكرهم بأنهم وحدة قائمة، متشابكة متآلفة، كل عضو منه يعمل في سبيل مصلحة الجميع، على نحو قول المصطفى ‘: >مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى<( ).
المبحث الرابع
الاعتدال والوسطية
التوازن والاعتدال من خصائص التشريع الإسلامي، والوسطية من أبرز مزاياه، فلا جفاء ولا غلو فيه،
فالإسلام يمقت كل اتجاه يهدف إلى الغلو في الدين، وينكر المبالغة في التقشف مبالغة تقود إلى التنطع وتجاوز الخطوط المحددة، حيث حَضَّ على الاعتدال، وحّثَّ على التوفيق بين حق العبادة وحق النفس في الحياة، فالغلو والتنطع يتعارضان مع تشريعات الإسلام الداعية على التيسير ورفع الحرج والبعد على المشقة، والمتتبع لما وجد من انحرافات عقدية أو عملية من بعض الأفراد والطوائف عبر العصور، وما أفرزته تلك المعتقدات المخالفة لمنهج الحق من أثرٍ سيءٍ على الأمة، ونكبات أصيبت بها، يدرك أن ذلك حصل بسبب الغلو في الدين، وتجاوز الحدود، والفهم السيئ لنصوص الشريعة الإسلامية، مما أدى إلى إحداث الفتن بين المسلمين عبر العصور، وزرع بذور الفرقة والشقاق، فالإسلام يدعو إلى الاستقامة، وسلوك المنهج الوسط، دون انحراف أو تقصير، ويحرم الغلو ويمقته، سواء كان في الاعتقاد أو العبادة أو المعاملة، وكل تصرف صادر من المغالين والمتنطعين يرده الإسلام، مما يخالف أصول دعوته الصحيحة، ومنهج شريعته القويمة، ويؤكد على وجوب إزالة كافة الأسباب المؤدية إلى الغلو، وسدِّ جميع المنافذ الموصلة إلى العنف.
إن دعوة الإسلام إلى الوسطية والاعتدال من أهم ما يجب أن يتحدث عنه الإمام والخطيب في المسجد، ومن أبرز ما يجب أن يوضحه للناس، وأن يكشف لهم وسطية الإسلام واضحة في سائر تشريعاته، وأن على جميع أفراد المجتمع أن يستشعروا منهج الإسلام الرصين في دعوته إلى التوازن والاعتدال، والواقع يشهد أن المغالين والمتنطعين أضيق الناس صدراً، وأشدهم قلقاً واضطراباً، وأكثرهم غضباً وغلياناً، وربما عمدوا إلى استخدام القوة لحمل الآخرين على موافقتهم في آرائهم، وسلوك منهجهم، وقد انزلق البعض في هذا المسلك، حيث سرى في أوساط فئة من الشباب الحكم بكفر فلان، أو وصفه بالفسق أو العلمنة أو نحو ذلك، وهذا له آثار سيئة تجرع المجتمع آلامها وغصصها، وعاشت الأمة محنها وشرورها، فقد زاغت قلوب تلك الفتن، وطاشت عقولهم، وانحرفت أفهامهم ورغبت أنفسهم عن سلوك المنهج الحق، وأطلقوا لألسنتهم العنان في الحكم على الآخرين بما يرونه، وإخراجهم عن دائرة الإسلام اعتماداً على الأقاويل والشائعات، والشكوك والظنون، والأخبار الكاذبة، والمصادر الواهية.
فلزوم منهج الوسط الذي بنيت عليه الشريعة الإسلامية، هو طريق السعادة الحقة، وأصحابه هم أهل العدل والرحمة، والرفق والتيسير، والتسامح والتعاون، وأحرصهم على تحقيق الأمن والاطمئنان، ونشر الاستقرار والسلام، وأبعدُهم عن إثارة الفتن والفرقة، وهم أهل القرآن وخاصته، الأمة الوسط، الشهداء على الناس، وهم أهل القرآن ومن شرح الله صدره لهذا الدين،
المبحث الخامس
الحماية من الانحراف والجريمة
يواجه الشباب العديد من المخاطر والمستجدات والتغيرات السريعة، والتي بدأت تؤثر في سلوك البعض منهم، وانجرفت بآخرين إلى الانسياق وراء الأفكار المخالفة للإسلام، وأدت إلى انحراف البعض عن جادة الصواب، بسبب بواعث الفساد ونوازع الشر التي أحاطت بالمجتمعات، واكتنفتها من كافة جوانبها. والإسلام وضع القواعد الشرعية التي تحمي الفكر من الانحراف، وتصونه من الزيغ والضلال، وترسّخ في نفس المسلم الثوابت الإيمانية، والاستقامة السلوكية، وتبعده عن الانجراف وراء الأهواء والتقاليد المنافية للدين.
وللخطيب أثر فاعل في توجيه الناس – وبالأخص الشباب - للزوم المنهج الحق، والاستقامة على شرع الله وأمره وصراطه المستقيم، وتقوية الوازع الديني، وإيقاظ الضمير، وتزكية النفس، وبيان محاسن الاستقامة، ومساوئ الانحراف، والتنفير من الإقدام على الجريمة، وإيراد النصوص الشرعية المحذّرة من ارتكابها، المبعدة حتى عن مجرد التفكير فيها، وأن إفلات المجرم من العقوبة الدنيوية لا يعنى أنه سلم ونجا من العقوبة الأخروية، كما أنه لا يستطع الهروب من تأنـيب الضمير، والشعور بالخوف من الله تعالى، ومساورة القلق النفسي، والاضطراب الملازم له طوال حياته، وأَنَّ تظاهره أمام أفراد مجتمعه بالاستخفاف واللامبالاة ، لا يقلل من إحساسه الداخلي بعظم الذنب، وفداحة الجريمة.
كما أن الخطيب يستطيع أن يؤثر في نفوس المصلين، حين يردد على مسامعهم ما أعده الله تعالى من الثواب الجزيل لمن كفَّ عن الأذى والعدوان، وحفظ نفسه من نزغات الشيطان،وعليه أن يوضح لهم حفظ الإسلام للضرورات الخمس >الدين، والنفس، والعقل، والعرض والمال<، وحمايته لها، وتحذيره من العبث بها والاعتداء عليها، وأنه قرر عقوبات جزائية رادعة للنفوس المريضة المعتدية، تمنع تصرفاتها الطائشة التي تتحكم بها الأهواء الفاسدة، والأفكار المنحرفة، والنفس الأمارة بالسوء، وأن تلك العقوبات شرّعت لسدّ منافذ الجريمة، وإغلاق أبواب العدوان، والقضاء على العصابات الإرهابية الباغية، التي تعمل على تخويف الآمنين، وتسعى إلى نشر الخوف في نفوس المسلمين، وبث الرعب والقلق في أوساط المطمئنين، وتعتدي على النفوس البريئة، وتسلبها حقها في الحياة، وتعبث في الأرض فساداً وإفساداً.
إنَّ على الخطيب مسؤولية كبرى في توعية الناس بالضوابط الأمنية المحكمة التي قررها التشريع الإسلامي لحفظ المجتمع من الجريمة، ووقايته من الانحراف، ومحاربة الأعمال الإرهابية، والتصرفات الشاذة التي تسعى إلى الخروج على النظام العام، والإخلال بالأمن، وسفك الدماء، وسلب الأموال، وتدمير الممتلكات، وإثارة الفتن، وتفريق جماعة المسلمين، والعبث بأمن المجتمع واستقراره، وإن كل مخالفة لما جاء في أحكام الشريعة الإسلامية، يعتبر تعدياً، وتصرفاً مقتبساً، وانتهاكاً صارخاً لقدسيتها، يستوجب العقوبة الحاسمة التي قررتها، حتى تستأصل مِن المجتمع دواعي الإجرام، ومسببات الفتنة، وبواعث القلق، ويعيش الجميع في ظلال الإسلام، في أمن وأمان، واستقراره وراحة واطمئنان.
المبحث السادس
التكافل الاجتماعي
تتبوأ العلاقات الاجتماعية في الإسلام مكانة عظيمة، ومركزاً متقدماً واهتماماً واسعاً، لتحقيق معاني التكافل الاجتماعي، ومبادئ الترابط الأخوي، ودعم أجواء الأمن والسلامة، وصيانة المجتمع المسلم من أخطار التعسف والنـزاع، ودواعي الأنانية وحب الذات.
لقد قرر الإسلام التكافل بمجالاته المتعددة، المعنوية والمادية، لإيجاد مجتمع فاضل متعاون، فالأفراد، فيه ليسوا على نسق واحد في الفهم والمستوى المعيشي، بل يتفاوتون في أحوالهم وأوضاعهم، فيحتاجون إلى تنظيم دقيق يضبط أحوالهم، ويرعى شؤونهم، ويحقق التوازن والانسجام بين مختلف الفئات، حتى يشعر كل فرد بعضويته الكاملة في المجتمع، ويشارك في واجباته وينهض بأعبائه، ليتحول المجتمع كله إلى أسرة واحدة، إخاء ومودة، وتعاون ورحمة، ومناصرة وقوة، كما قال ‘: >المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً<( ).
ويمكن لإمام المسجد وخطيبه أن يقوم بدورٍ حيوي لتحقيق تلك المعاني، من خلال حثّه المصلين على القيام بتوطيد العلاقة بينهم، و تجسيد نظام التكافل الاجتماعي، وشعور كل مسلم بمسؤوليته نحو مجتمعه، فيعمل كل فرد على تعميق معاني الأخوة الإيمانية، بتبادل مشاعر المحبة والود، وتصفية النفوس من الشحناء، وتنقيتها من العداوة والبغضاء، وسعي كل عضو لدفع مظاهر السخرية والاحتقار، والعمل على فك الضائقات وتفريج الكربات، بالبذل والإنفاق، وتفقد المحتاجين من أبناء الحي والتبرع لهم، والعطف على المعوزين والمعدمين، والنظر في أحوال المرضى والمعاقين، والرحمة بهم، ومدّ يد العون لأولئك الذين عضتهم أنياب الفقر، وأصابتهم الفاقة، والعناية بمن يحتاجون إلى رعاية مادية ومعنوية.
كما أن إمام المسجد يستطيع –بما يحظى به من ثقة- أن يستقطب الأثرياء وذوي اليسار من أبناء الحي، ليكونوا مصدر تمويلٍ لإخوانهم المحتاجين، للتخفيف من معاناتهم، ومساعدتهم بما أنعم الله عليهم من المال، وسدّ حاجات الفقراء، وبسط أيديهم للإنفاق على العجزة والأيامى، والمكلومين واليتامى، والعاجزين عن التكسب والعمل، والتخفيف من آلامهم، كلُّ ذلك من أجل إقامة جسور من الرحمة والرأفة مع أفراد المجتمع، الذين أدت بهم الظروف المعيشية إلى الوصول إلى هذه الحالة، وإشباعهم وإكفائهم وانتشالهم من مذلة السؤال ومهانته.
إن التكافل الاجتماعي حين يطبق بين أفراد المجتمع، تبرز آثاره التربوية النافعة، في معالجة النفوس، وإصلاح القلوب، وتهذيب السلوك والطباع، والإحساس بالشعور الأخوي بين الجميع، وترسيخ التآلف والتعايش الودي الآمن، والمعالجة العملية لحالات من الفقر والحرمان، والعجز والإعسار.
إنَّ العناية بالتكافل الاجتماعي، وتطبيقه عملياً، يحفظ المجتمع وينقذه من لجوء البعض إلى طريق الإجرام، والوقوع في مزالق الانحراف، ومحاضن الرذيلة، وسلوك السبل الملتوية للوصول إلى تحقيق الهدف، مما يؤدي إلى خلخلة أمن المجتمع، وتفككه واضطرابه، وارتفاع نسبة الجريمة، فالتكافل الاجتماعي لـه دور مهم وفعال في انضباط الأفراد، وتحقيق الأمن الاجتماعي، وترسيخ الاستقرار والاطمئنان، وغرس القيم الإيمانية بين جميع فئات المجتمع، وهي القيم التي تحفظ على المجتمع أمنه وسلامه، وتبث فيه روح الإخاء، وتبعده عن الاستغلال والعدوان، وتنقي النفوس من الأحقاد والعداوات.
المبحث السابع
العلاقة مع غير المسلمين
يقوم المجتمع الإسلامي على عقيدة واضحة، وأحكام ثابتة، تنبثق منها قواعده ونظمه، وآدابه وقيمه، فقد اعتمد الإسلام منهجاً ودستور حياة، ومصدراً لأحكامه وتشريعاته، وحرص على تقوية الوحدة الاجتماعية داخل الوطن الواحد، وأكد على ضرورة تماسكها، دون إثارة حساسات، أو افتعال خلافات.
ومن سمات المجتمع الإسلامي إقراره للتعايش وفق منهجه السمح في تعامله مع المخالفين، والمسالمة مع المسالمين، وقد أولى رسول الله ‘ هذا الجانب عناية فائقة، وجعله من أولى اهتماماته عند تأسيسه الدولة الإسلامية الأولى في المدينة، ليقيم نظاماً أمنياً مشتركاً مع الفئات الأخرى، حيث اعتبر توفير الأمن من أهم المطالب، ولم يكن المجتمع -إذ ذاك- مقصوراً على المسلمين فحسب، بل ضمَّ فئات مختلفة من أصحاب الديانات الأخرى، لذلك وضع الإسلام قواعد وأحكاماً تنظم علاقة المسلمين معهم، وتبرز التعايش بينهم وبين المسلمين في المجتمعات الإسلامية على مر العصور، وفي مختلف الأزمان.
لقد قرر الإسلام التعايش الاجتماعي الآمن من المخالفين والمسالمين المقيمين في كنف الدولة الإسلامية، وأباح أكل طعامهم، وأحَلَّ ذبائحهم، وجَوَّزَ مصاهرتهم،
وأوصى رسول الله ‘، بحفظ حقوق أهل الكتاب، ورعايتها، وصيانة دمائهم وأموالهم، وعدم الاعتداء عليهم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ‘: >من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً<( ).
وهذا يظهر روح الإسلام السمحة، وعدالته القائمة، وأنها مبذولة للبشرية كلها، لنشر الرحمة، وإشاعة الأجواء الآمنة وتوثيق العلاقات الإنسانية.
إن الإسلام لا يحكم بالفناء على جميع العناصر التي تعيش داخل مجتمعه ممن لا تدين به، بل يوطّد العلاقة بينها وبين المسلمين، ويحترم المواثيق، ويعنى بالعهود، ولا يقبل الغدر والخيانة.
وقرأت كلمة رائعة سطّرها الحافظ ابن الصلاح (ت 643ه(، تتصل بالتعامل مع غير المسلمين في المجتمع المسلم، قال رحمه الله:
((إن الأصل إبقاء الكفار وتقريرهم، لأن الله تعالى ما أراد إفناء الخلق، ولا خلقهم ليقتلوا، وإنما أبيح قتلهم لعارض ضرر وجد منهم، لا أنَّ ذلك جزاء على كفرهم، فإن دار الدنيا ليست دار جزاء، بل الجزاء في الآخرة، فإذا دخلوا في الذمة والتزموا أحكامنا، انتفعنا بهم في المعاش في الدنيا وعمارتها، فلم يبق لنا أرب في قتلهم، وحسابهم على الله تعالى، ولأنهم إذا مكنوا من المقام في دار لإسلام، ربما شاهدوا بدائع صنع الله في فطرته، وروائع حكمته في خلقه، وإذا كان الأمر بهذه المثابة لم يجز أن يقال: إن القتل أصلهم))( ).
إنَّ الخطيب عليه أن يبرز مِن على منبر المسجد، ويوضح للناس تلك القيم الإسلامية السامية، والمواقف الحكيمة والعادلة، في نظرة الإسلام إلى غير المسلمين في المجتمع المسلم، وأن وجود جماعات وطوائف عديدة متعايشة مع المسلمين دليل على التزام ظاهرة التسامح، وتجنب الفرقة والاضطهاد، وأن المجتمع الإسلامي لا يعرف النعرات، بل يحرص على إضفاء روح المودة، ونشر الأمن والاطمئنان، والتعايش مع الآخرين لإشاعة أجواء السلام والأمان، وتجنب الخصومات والمنازعات، والبعد عن إثارة الفتن والمنغصات، وما يعصف بأمن المجتمع واستقراره، أو بجلب الضرر لجميع فئاته، أو يزرع الأحقاد والعداوة في صفوفه.
الخاتمة
بعد هذه الرحلة الإيمانية في رحاب المسجد، وإيضاح شيء من الوظائف الأمنية التي يضطلع بها، وبيان الدور المهم الذي يقوم به المسجد لترسيخ الأمن الاجتماعي، وتوطيد دعائمه وأركانه، وإيجاد مجتمع متماسك آمن مستقر، تتضح مكانة المسجد في المجتمع وأهميته.
وإنه لتحقيق الأهداف الأمنية، والأدوار الرئيسة لـه في تحقيق أمن المجتمع، وأداء المسجد لرسالته السامية، فإن الباحث يرى أنه متى تم تفعيل تلك الوظائف على الوجه المطلوب، وقام الإمام والخطيب بدوره على الوجه الأمثل، فإن المجتمع سيبقى –بإذن الله آمناً- وسيجد الفرد في ظلاله الاستقرار والاطمئنان، ولا بد من مراعاة الوسائل الناجعة لقيام المسجد برسالته العظمى،وذلك بمراعاة الآتي:
أولاً: إعداد الإمام والخطيب الصالح، حتى يكون قدوة حسنة ومثالاً يحتذي به الآخرون، بحيث يكون ملتزماً بالحكمة والموعظة الحسنة، ويسير على المنهج الوسط، بعيداً على الغلو والتقصير، والإفراط والتفريط، متحلياً بالإخلاص والصدق والأمانة.
ثانياً: أن يكون الخطيب واعياً لما يدور حوله من أحداث، عارفاً بالمذاهب الفكرية، وملماً بالقضايا العصرية، التي تشغل أفراد المجتمع، قادراً على فهمها والإعداد للحديث عنها، وإيضاحها للناس، ورد الباطل منها، وكشف زيف الأفكار المضللة المخالفة للمنهج الإسلامي القويم.
ثالثاً: أن يقوم الإمام والخطيب بأداء رسالة المسجد الضافية، بحيث يعمل على تبصير أهل الحي، وتثقيفهم وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، وتوجيههم للالتزام بآداب الإسلام الفاضلة، وأخلاقه الحميدة، وغرس المعاني الإيمانية في نفوسهم.
رابعاً: استثمار الخطيب لخطبة الجمعة، بعرض الموضوعات المهمة، وطرح المسائل التي تمس المجتمع بأسره، ويتعلق بها مصيره، كالالتفاف حول ولاة الأمر وطاعتهم، والثقة بعلماء الأمة، والتحذير من الخروج على الجماعة.
خامساً: على الخطيب أن يذكّر أفراد المجتمع بين الحين والآخر، بأهمية وحدة المجتمع، وتماسكه وترابطه، وبيان الآثار الإيجابية الناتجة عن التآلف والتقارب، وأنها طريق رقي المجتمع وازدهاره، وترسيخ أمنه واستقراره، وإيضاح العواقب الوخيمة للفرقة والتنافر، وأنها سبيل تمزق المجتمع وانقسامه، فالأخوة الصادقة مفتاح كل خير ومغلاق كل شر، وصمَّام الأمان.
سادساًً: ضرورة إبراز أهمية الأمن في حياة الأفراد والمجتمعات، وأنه مطلب مهم وضروري لاستقرار الحياة الاجتماعية، وأساس في سعادة الإنسان، إذ لا تستقيم حياته إذا فقد الأمن، ولا يهنأ بالعيش وراحة البال إذا عدم الطمأنينة والاستقرار.
سابعاًً: أن يعمل إمام المسجد على تلمس حاجات أفراد الحي، والنظر في مشكلاتهم، والتعرف عليها، وعرض الحلول المناسبة لها والتوفيق بين المتنازعين،والمصالحة بينهم، ودفع كل الأسباب المؤدية إلى إيجاد الخلاف والفرقة.
ثامناًً: حث أفراد المجتمع على الاستقامة على منهج الله تعالى، ولزوم جادة الصواب، والتحذير من الانحراف عن الصراط المستقيم، وأهمية الاستقامة السلوكية، وبيان مساوئ الانحراف والتنفير من الإقدام على الجريمة،وإيضاح العواقب الوخيمة المترتبة على البعد عن المنهج السوي.
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المصادر والمراجع والدوريات
• أبحاث مؤتمر رسالة المسجد: رابطة العالم الإسلامي (1395ه) الطبعة الأولى.
• أبحاث الندوة العالمية للشباب الإسلامي (الإسلام والحضارة) (1399ه) الطبعة الثانية.
• الإسلام وأثره في الحضارة: لأبي الحسن الندوي، الطبعة الأولى (1420ه).
• دور المسجد في التربية: د. عبد الله الأهدل، الطبعة الأولى (1407ه).
• العبادة: لشيخ الإسلام ابن تيمية، الطبعة الأولى.
• عوامل التطرف والغلو والإرهاب: خالد العك، الطبعة الأولى (1418ه).
• مجلة البحوث الإسلامية (العدد الثاني).
• المنهج الأمثل لخطبة الجمعة: د. صالح بن حميد.
• الهداية الربانية إلى الضوابط الأمنية: د. أحمد كرزون، الطبعة الأولى (1420ه).
ملحوظة مهمة جدا: تضمن البحث ايات جليلة من كتاب الله، ولكن ولظروف فنية بحتة صعب اظهار الايات حيث كانت تظهر كمربعات ولم نستطع الاستدلال علي تلك الايات لكتابتها يدويا، ولذلك لم نجد بدا من حذفها صيانة لها وتعظيما لشأنها، وان كان هذا سيحدث خللا بهذا البحث القيم ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، ولعل في فطنة القارئ الكريم ما يغنى عن ذلك وبامكان من يريد الرجوع الى النسخة المكتوبة لمعرفة اي خلل او قصور قد صاحب البحث نتيجة نشره هنا.