عرض مشاركة واحدة
قديم 18-10-06, 02:47 AM   #1
إداري سابق

 










 

سالم الفريدي غير متواجد حالياً

سالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of light

افتراضي وكان أجود ما يكون في رمضان

وكان أجود ما يكون في رمضان
الشيخ : عمر عبيد حسنه

لعل من أبرز المقاصد ، التي تهدف إليها العبادة في الإسلام ، تحقيق الوقاية والحماية للشخصية المسلمة ، من السقوط والانكسار ، والوصول بالمجتمع الإسلامي ، ليكون مجتمع المتقين ، والتقوى جماع الأمر كله ، والتحقق بملكة التقوى ، يمنح الإنسان البصيرة النافذة ، والقدرة على التمييز ، بين الحق والباطل ، وبين الخير والشر ، قال تعالى : { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً } [ الأنفال : 29 ] هذا الفرقان هو الذي يميز الإنسان الرباني ، الذي ينظر بنور الله وهدايته.

وقد تكون مشروعية عبادة الصوم ، بما يمارس فيها الإنسان من رياضات نفسية ، وتدريبات عملية ، وما ينمو فيها من أحساسيس تكافلية مع الآخرين ، حيث تتغلب دوافع الخير ، على نوازع الشر ، طيلة شهر كامل من شهور السنة ، ليصبح ذلك طبعاً له ، وسجية يصدر عنها ، لعل مشروعية عبادة الصوم ، تتمخض من بين غيرها من أركان البناء الإسلامي ، بتحقيق ملكة التقوى ، يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة : 183] فليست الغاية من الصوم إعنات النفس ، وإرهاق الجسم ، بدليل السماح بالفطر للشيخ والمرضع ، والمريض والمسافر ، وإنما الغاية التحلي بالتقوى ، التي من أهم شروطها الانفطام عن الطعام والشراب ، وتصعيد الشهوات ، والانعتاق من أش البطن والفرج ، والارتقاء إلى أهداف ومعان ، تتناسب مع إنسانية الإنسان ، تجعله يستعيد إنسانيته ، ويدرك بشريته ، ويرتفع إلى أهدافه الكبرى في تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى.

ولقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم مردود الصيام ومفهومه ومقصده بقوله : (والصوم جنة) [ رواه النسائي ] والجنة : الوقاية والوقاية من السقوط في الآثام ، سبيل التقوى.
ولعل أولى ثمرات هذه التقوى ، أو الوقاية هي وقاية النفس من الشح والبخل كنوازع بشرية مهلكة ، يقول تعالى : { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ الحشر : 9 ] ووقايتها من الأثرة ، والاستغناء بحيازة المال ، والتأله به على عباد الله ، وممارسة الظلم والطغيان ، { إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى } [ العلق : 6-7 ].

ولعل فقدان حالة التوازن الاجتماعي ، بين الفقر والغنى ، والعدل والظلم ، وما تفرزه من الصراع والاقتتال ، هو الآفة الاجتماعية ، التي تجعل الحياة قاسية، والمعيشة ظنكاً.
لذلك نرى أن الصيام وما يمنحه للفرد المسلم من التقوى ، يعيد للإنسان حالة التوازن الاجتماعي ويقضي على أسباب الاستبداد السياسي ، والصراع والتقاتل ، والطغيان الاجتماعي ، إنه دواء الكثير من الأدواء النفسية ، والمادية والاجتماعية.
فالصائم بما يمتلك من التقوى ، ويبصر من الخير والثواب ، ينطلق للعطاء غير المحدود ، والكرم غير المألوف ؛ حيث ينمو عنده الحس الاجتماعي ، ويدرك أهمية وقيمة النعم بشيء من فقدها ولو لساعات بسيطة فيهرع إلى الشكر ، ليضمن دوامها واستمرارها ، والاستزادة منها ، والله سبحانه يقول : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] والشكر : وضع النعمة حيث أراد المنعم ، والمنعم ندب إلى البذل والعطاء مهما كان الأمر بسيطاً حتى ولو كان إفطار صائم ، على شربة ماء ، أو مذقة لبن ، فقد يدرك الإنسان في أيامه العادية ، بعض الكفران بالنعمة وعدم الالتزام ، بآدابها الاجتماعية ، وحدودها الشرعية ، فيأتي الصوم كعملية تصحيحية ، ترمم النفس مما يكمن أن يكون لحق بها من الإصابات.

ولا شك أن الجود والكرم ، يتناسبان زيادة مع ازدياد التقوى ، حتى لنكاد نقول : إن التقوى من شروط الكرم والجود ومقدماتهما.
فالله سبحان وتعالى يقول : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [ الحجرات : 13] فالأكرم هو الأتقى ، والأتقى هو الأكرم ، والكرم هنا لا تحده حدود ، ولا تحكمه ساحة عطاء واحدة.
لذلك فالرسول القدوة عليه الصلاة والسلام ، كان أجود الناس وأكرمهم ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، إذ يلقاه جبريل فيدارسه القرآن ... فلعل التهيؤ بالصيام والتصويب النفسي والعقلي بالقرآن ، واسترجاع معانيه ، وأحكامه ، يمنحان الفرد آفاقاً من العطاء ، لا تحدها حدود بحيث يجود الإنسان ، ويجود ، لعله بذلك يحسن التأسي بالرسول القدوة صلى الله عليه وسلم ، الذي كان أجود بالخير من الريح المرسلة ، أي المندفعة دون عقبات ، أو معوقات ، إنها الريح المرسلة المعطاء التي تحمل البشر والخير ، بلا عوائق ولا حدود ، والتي هي خير مثال لحالات العطاء غير المحدود ، الذي يمحنه الصيام للمسلم ليكون شهر رمضان حقيقة ، شهر التكامل الاجتماعي ، فيحس المسلمون بطعمه ، وثمرته ، ويعيشون معانيه حقيقة ، ويدركون أنه شهر الشبع والعطاء ، وليس شهر الجوع والحرمان ، ويتحققون بالتأسي والاقتداء برسولهم الذي كان أجود الناس ، فكان أجود ما يكون في رمضان ، حتى أنه أجود بالخير من الريح المرسلة ، فميدان الخير يتسع ، وحواجز الشر تقصر ، ويستمر قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذي يمثل النداء الرمضاني العظيم طيلة الشهر الكريم.
يا باغي الخير أقبل . ويا باغي الشر أقصر. [ رواه الترمذي وابن حبان والحاكم ]. والحمد لله رب العالمين.




التوقيع :
    رد مع اقتباس