عرض مشاركة واحدة
قديم 18-10-06, 02:37 AM   #1
إداري سابق

 










 

سالم الفريدي غير متواجد حالياً

سالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of lightسالم الفريدي is a glorious beacon of light

افتراضي تحية من الأستاذ الأكبر إلى جميع المسلمين في شهر رمضان

تحية من الأستاذ الأكبر إلى جميع المسلمين في شهر رمضان
للشيخ محمود شلتوت

قال الأستاذ :
إخواني وأبنائي المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها سلام الله عليكم ورحمته وبركاته :
وبالسلام أحييكم أصدق تحية ، تحية من عند الله طيبة مباركة ، أوجهها إليكم عنواناً على ما بيننا من الأخوة المشتركة ، والمحبة الصادق والإيمان بالله ورسوله .

أيها السادة :
إن الله في عمله الخلق والاصطفاء ، فهو يخلق ما يشاء لما يشاء ، ويصطفي من يشاء لما يشاء ، يخلق البشر، ويصطفي منهم للقيادة من شاء ، يصطفي الأنبياء والمرسلين ، ويصطفي العلماء والفلاسفة ، ويصطفي الأنبياء والمرسلين ، ويصطفي القواد والمصلحين ، ويخلق الأمكنة ، ويصطفي منها مهابط الوحي ، ومنابت الذكريات ، ومثابة التقديس والعبادة ، يصطفي منها على سائر الأماكن ، ويجعل أفئدة من الناس تهوي إليها ، ويخلق الأزمنة ويصطفي منها مواسم لرحمته ، وأياماً وليالي لنعمه وأفضاله.
ومصداق الخلق والاصطفاء في القرآن على وجه عام قوله تعالى : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ }
وفي الاصطفاء الإنساني يقول سبحانه : { اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }
ويقول : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } .
ويقول : { يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي } .
ويقول : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ }
وفي الاصطفاء المكاني يقول تعالى : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ }
ويقول : { يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى *‏ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } .
وفي الاصطفاء الزماني يقول : { إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }
ويقول : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } .
على هذه السنة – سنة الاصطفاء في الزمان والمكان والخلق – اصطفى شهر رمضان ، وكان هو الشهر الذي تهتز له قلوب المؤمنين ، ويذكرون به نعم الله وأفضاله ، ويرقبون فيه رحمته ورضوانه .

وكان مظهر اصطفاء رمضان جملة أمور :
أولاً : أنه الشهر الوحيد الذي صرح القرآن باسمه
ثانياً : أنه الشهر الوحيد الذي ظهرت فيه أكبر نعم الله على عباده وهي كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
ثالثاً : أنه فرض صومه وجعل صومه فريضة محكمة من أنكرها فقد خرج عن دائرة الإسلام واستحق اللعنة الأبدية ، وحرم جميع خصائص المسلمين ، فهو لا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يرثهم ولا يرثونه ، وتبين منه زوجته ، وتنقطع ما بينه وبين أبنائه صلات النبوة والحفادة ، وكذلك تنقطع بينه وبين سائر المسلمين صلات المحبة والإخاء والولاية.
وصوم رمضان عبادة تلتقي في هدفها مع أهداف القرآن كلاهما يربي العقول ويسمو بالأرواح.
ولرمضان في صومه مظهر خاص ، فهو يوحد بين المسلمين في أوقات الفراغ والعمل ، وأوقات الطعام والشراب ، ويفرغ عليهم جمعياً صبغة الإنابة والرجوع إلى الله ، ويرطب ألسنتهم بالتسبيح والتقديس ، ويعفها عن الإيذاء ، والتجريح ، ويسد عليهم منافذ الشر ، والتفكير فيه ، ويملأ قلوبهم بمحبة الخير والبر لعباد الله ، ويغرس في نفوسهم خلق الصبر الذي هو عدة الحياة.
وشهر رمضان بعد هذا كله هو شهر الذكريات الإسلامية الأولى ، ففيه يذكر المسلمون نزول القرآن الكريم : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } .
وفيه يذكر المسلمون تركيز الإسلام بالقوة على أساس من كبح جماح الشرك والوثنية وذلك كما نراه في غزوة بدر الكبرى.
ويذكرنا بعودة المسلمين من المدينة إلى مكة المكرمة ، بعد أن أخرجوا منها لا لشيء سوى أنهم قالوا : { ربنا الله } وبذلك تم على أيديهم الفتح المبين ، وفي ذلك يقول الله تعالى : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } .

أيها السادة :
إن الصوم حرمان من الطعام والشراب وما ألفه الإنسان من شهوات ، ويجب أن نتنبه إلى أن هذا الحرمان ليس هو مقصود الله من الصوم ، وإنما مقصوده الذي يريده من عباده هو إعداد نفوسهم بالصوم للخير والتقوى ، واذكروا في ذلك قوله تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
عني القرآن عناية خاصة بفريضة الصيام ، وجعل منه مظهر وحدة للمسلمين ، لا يؤثر على هذه الوحدة تباين أمكنتهم ، ولا اختلاف ألسنتهم ، ولا تعدد جنسياتهم ، فالإسلام وحد بينهم في العقيدة وفي والعبادات ، وفي المعاملات ، وفي الأخلاق وفي المسؤولية ، فالكل يؤمنون برب واحد ، وإله واحد ، ويتجهون إلى قبلة واحدة ، ويصومون شهراً واحداً ويرقبون هدفاً واحداً ، ويرتبطون بالصالح العام.
أمام هذه الوحدة التي يرسمها الإسلام للمسلمين ، ويمد خطوطها شهر رمضان ، أمام هذه كله أهنئكم بشهر رمضان وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق المسلمين في جميع الأقطار للتكاتف والتعاون ، وسد منافذ الشر التي تفد إليهم من الاستعمار والاستغلال ، والإلحادية :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
وفقنا الله جميعاً ، ووفق أولي الأمر منا في أنحاء الأرض إلى خيري الدين والدنيا ، والله المستعان ، وكل عام وأنتم بخير .




التوقيع :
    رد مع اقتباس