عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-08, 05:02 PM   #4
شـــــاعر

 










 

الأستاذ غير متواجد حالياً

الأستاذ is an unknown quantity at this pointالأستاذ is an unknown quantity at this pointالأستاذ is an unknown quantity at this point

افتراضي

( 4 )
باب ما جاء في بيان أحكام القضاء للصيام

من أفطر في رمضان بسبب مباح ، كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر ، أو بسبب محرك ، كمن أبطل صومه بجماع أو غيره ، وجب عليه القضاء ، لقوله تعالى : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .

ويستحب له المبادرة بالقضاء ، لإبراء ذمته ، ويستحب أن يكون القضاء متتابعا ؛ لأن القضاء يحكي الأداء ، وإن لم يقض على الفور ، وجب العزم عليه ، ويجوز له التأخير ؛ لأن وقته موسع ، وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه ، كما يجوز تفرقته ، بأن يصومه متفرقا ، لكن إذا لم يبق من شعبان إلا قدر ما عليه ، فإنه يجب عليه التتابع إجماعا ، لضيق الوقت ، ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر ، لقول عائشة رضي الله عنها : كان يكون علي الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ، لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ، فدل هذا على أن وقت القضاء موسع ، إلى أن لا يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه ، فيجب عليه صيامها قبل دخول رمضان الجديد .

فإن أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد ، فإنه يصوم رمضان الحاضر ، ويقضي ما عليه بعده ، ثم إن كان تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفترة ، فإنه ليس عليه إلا القضاء ، وإن كان لغير عذر ، وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد .

وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد ، فلا شيء عليه ؛ لأن له تأخيره في تلك الفترة التي مات فيها ، وإن مات بعد رمضان الجديد : فإن كان تأخيره القضاء لعذر - كالمرض والسفر - حتى أدركه رمضان الجديد ، فلا شيء عليه أيضا ، وإن كان تأخيره لغير عذر ، وجبت الكفارة في تركته ، بأن يخرج عنه إطعام مسكين عن كل يوم .

وإن مات من عليه صوم كفارة كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج ، فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينا ، ولا يصام عنه ، ويكون الإطعام من تركته ؛ لأنه صيام لا تدخله النيابة في الحياة ، فكذا بعد الموت ، وهذا هو قول أكثر أهل العلم .

وإن مات من عليه صوم نذر ، استحب لوليه أن يصوم عنه ، لما ثبت في " الصحيحين " ، أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن أمي ماتت وعليها صيام نذر ، أفأصوم عنها ، قال : نعم والولي هو الوارث .

قال ابن القيم رحمه الله : يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي ، وهذا مذهب أحمد وغيره ، والمنصوص عن ابن عباس وعائشة ، وهو مقتضى الدليل والقياس ؛ لأن النذر ليس واجبا بأصل الشرع ، وإنما أوجبه العبد على نفسه ، فصار بمنزلة الدين ، ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين ، وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء ، فهو أحد أركان الإسلام ، فلا تدخله النيابة بحال ، كما لا تدخل الصلاة والشهادتين ، فإن المقصود منهما طاعة العبد بنفسه ، وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها ، وهذا لا يؤديه عنه غيره ، ولا يصلي عنه غيره .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يطعم عنه كل يوم مسكين ، وبذلك أخذ أحمد وإسحاق وغيرهما ، وهو مقتضى النظر كما هو موجب الأثر ، فإن النذر كان ثابتا في الذمة فيفعل بعد الموت ، وأما صوم رمضان ، فإن الله لم يوجبه على العاجز عنه ، بل أمر العاجز بالفدية طعام مسكين ، والقضاء إنما على من قدر عليه لا على من عجز عنه ، فلا يحتاج إلى أن يقضي أحد عن أحد ، وأما الصوم لنذر وغيره من المنذورات ، فيفعل عنه بلا خلاف ، للأحاديث الصحيحة .




التوقيع :
دمعك رسمني على خدك=صورة حزينة ومكسورة
لا تخاف باقي على ودك=ماشفتني كيف فالصورة
    رد مع اقتباس