|
النبي صلى الله عليه وسلم يضحك (1)
تعريف الضحك وأنواعه:
الضحك في اللغة: مصدر ضَحِكَ، وتعريفه : انبساط الوجه وبدوّ الأسنان، والفرق بينه وبين التبسم أن التبسم هو مبادئ الضحك، فأول الضحك التبسم، ويكون غالباً للسرور، كما قال الله سبحانه وتعالى في الضحك :
(( وجوه يومئذٍ مسفرة. ضاحكةٌ مستبشرة) (عبس:38،39)
والضحك أعمُّ من التبسم، فكل تبسم ضحك وليس كل ضحك تبسم.
وللضحك ثلاث مراتب :
الأولى: وهي التبسم وهي ما كان بلا صوت، بل مجرد إنفراج الفم.
الثانية: الضحك وهو التبسم المصحوب بصوت خفيف.
الثالثة: الضحك بصوت عالٍ بحيث يسمعه هو وجيرانه ومن بَعدُ فهو القهقهة.
ويُطلق على التبسم ضحك كما ورد في حديث: ( ما كان ضحك النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ تبسماً ) ، وبذلك يكون الضحك أعمُّ من التبسم، وهو نوع منه.
والضحك من خلق الله سبحانه وتعالى الذي جبل الله عليه فطرة النفس البشريّة، فقال الله عزوجل:
((وأنه هو أضحك وأبكى)) (النجم: 43)
وقال معمر عن قتادة : سئل ابن عمر هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل.
صفة ضحك النبي صلى الله عليه وسلم :
كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر متصلا قلبه بربه، فكان لا يكثر من الضحك ولايقهقه، ولا يرفع صوته به حتى ينقلب كمايفعل كثير من الناس، بل كان عليه الصلاة والسلام وقوراً متزناً هادئاً
وقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت، قليل الضحك )
وهاتان الصفتان ينبغي أن يتخلق بهما المسلم الجاد: طول الصمت .. وقلة الضحك ...ولاشك أن هذا يعود إلى تقدير عاقبة الدنيا وتذكّر ما خُلق الإنسان من أجله :
((أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون)) [المؤمنون:115].
وتصف عائشة رضي الله عنها ضحك النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح الإمام البخاري ، قالت : ( مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم ) . " حتى ترى لهواته " (؟؟)، واللهاة: ما يظهر من الفم إذا أغرق الإنسان في الضحك حتى ينفتح فمه من شدة الضحك فتظهر هذه اللهوات. ولذا فإن السنة الإقلال منه والإقتصاد فيه وجعل أكثره تبسماً .
جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن الحارث أنه قال : (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن طريق أخرى عنه قال :( ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ تبسماً )
وعن جابر بن عبد الله قال :(ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ، ولا رآني إلاّ ضحك ( يعني تبسم)، لأن تبسمك في وجه أخيك صدقه .
وقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله لساناً، وأعذبهم كلاماً، وأسرعهم أداءً وأحلاهم منطقاً .
كان ضحكه صلى الله عليه وسلم مشتملاً على كل المعاني الجميلة، والمقاصد النبيلة، فصار من شمائله الحسنة، وصفاته الطيبة، لقد كان ضحكه تربية وتوجيهاً، ودعوة ومداعبة، ومواساة وتأليفاً.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّث حديثاً إلا تبَسَّم وكان مِن أضحك الناس وأطيَبَهم نَفسًا
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته، وكان الغالب من أحواله التَّبَسُّم
يقول خارجة بن زيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئاً من أطرافه ، وكان كثير السكوت ، لا يتكلم في غير حاجة ، يعرض عمن تكلم بغير جميل ، كان ضحكه تبسمًا ، وكلامه فصلاً، لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم ، توقيراً له واقتداءً به .
قال أبو هريرة رضي الله عنه :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضحك كاد يتلألأ في الجدر ) (أخرجه عبد الرزاق في مصنفه)
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ألا يُكثر الإنسان من الضحك، ولا يبالغ فيه،
فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا هريرة:... أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) ( رواه ابن ماجه وصححه الألباني)
وكان من صفته صلى الله عليه وسلم أنّ جل ضحكه كان تبسماً.
:
|