عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-07, 07:07 PM   #1
عــضــو

 










 

أنــ نجد ــوار غير متواجد حالياً

أنــ نجد ــوار has a spectacular aura aboutأنــ نجد ــوار has a spectacular aura aboutأنــ نجد ــوار has a spectacular aura about

افتراضي عرض المرأة نفسها

عرض المرأة نفسها

* خديجة تعرضُ نفسها على رسول الله - صى الله عليه و سلم - :

هذه خيرُ نساء الأرض في عصرها ، خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - تختار خير الأولين و الأخرين - صلى الله عليه و سلم - زوجاً لها ، رغبة في صلاحه و أمانته و حسن أخلاقه ، فتعرض عليه نفسها .

و في ذلك يقول ابن إسحاق : (( و قد كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ، ذات شرف و مال ، تستأجر الرجال في مالها ، و تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم ، و كانت قريش قوماً تُجاراً ، فلما بلغها عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ما بلغها : من صدق حديثه ، و عظيم أمانته ، و كرم أخلاقه ؛ بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالٍ لها إلى الشام تاجراُ ، و تُعْطِيَهُ أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلامٍ لها ، يقال له ميسرة فقبله رسول الله صلى الله عليه و سلم منها ، و خرج في مالها ذلم ، و خرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام .

و كانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة ، فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها به ؛ إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، فقالت له : يابن عم ، إنَّي رغبت ُفيك ؛ لأمانتك ؛ و حسنِ خُلقِكَ ؛ و صدقِ حديثك . ثُمَّ عرضت عليه نفسها و كانت خديجة يومئذٍ أوسط نساء قريش نسبا ، و أعظمهن شرفا ، و أكثرهن مالاً ، كل رجال قومها كان حريصاًُ على ذلك منها ، فلما قالت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - ؛ ذكر ذلك لأعمامه ، فخرج معه عمُّةُحمزةُ بنُ عبد المطلب - رضي الله عنه - حَتَّى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه ، فتزوجها ))


قال ابن هشام : (( و أصدقها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - عشرين بكْرةً ، و كانت أول امرأة تزوجها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، و لم يتزوج عليها حتى ماتت ))

و روى أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري ، في باب : " عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح " حديثين اثنين :

الأول : عن ثابت البناني قال : (( كنتُ عند أنسٍ و عنده ابنة له ، فقال أنس : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - تعرض عليه نفسها ، قالت يا رسول الله ، ألك بي حاجة ؟ قالت بنت أنس ما أقل حياءها ، و اسوءتاه ّ قال والدها أنسٌ : هي خيرٌ منك ، رغبت في النبي - صلى الله عليه و سلم - ؛ فعرضت عليه نفسها )) .

الثاني : عن سهيل بن سعيد الساعدي ، قال :((جاءت امرأةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، فقالت : يا رسول الله جئتُ اَهَبُ لك نفسي . فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فصعَّد النظر فيها ، و صوَّبه ، ثُمَّ طأطأ رسولُ الله - صلى الله عليه و سلم - رأسه ، فلما رأتِ المرأة أنه لم يقضِ فيها شيئاً ؛ جلست .

فقام رجل من أصحابه ، فقال : يا رسول الله ، إن لَم يكن لك بها حاجةٌ فزوجينها .

فقال : فهل عندك من شيء ؟
قال : لا و الله يا رسول الله
فقال اذهب إلى أهلك ، فانظر هل تجدُ شيئاً ؟ فذهب ثُمَّ رجع .
فقال : لا و الله ، ما وجدتُ شيئاً .
فقال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - انظر و لو خاتماًُ من حديد .
فذهب ثُم رجع فقال : لا و الله يا رسول الله ، و لا خاتم من حديد و لكن هذا إزاري - قال سهل : ما له رداء - فلها نصفه .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما تصنع بإزارك ؟! إن لبسَته لم يكن عليك شيء . فجلس الرجل حتى طال مجلسه ، قام فرأه رسول الله مولياً ، فأمر به فدُعي ، فلما جاء ، قال : ماذا معك من القرآن ؟

قال معي سورةُ كذا و سورةُ كذا - عدَّدّهّا - .

فقال تقرؤهن عن ظهر قلب ؟
قال نعم .
قال : اذهب فقد مُلِّكْتهَا بمِا معك من القرآن ))

و الأحاديث تدلُّ دلالة واضحة على أن اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - كن أكثر من واحدةٍ كما روى البخاري و غيره عن عائشة ، قالت : (( كنت أغار من اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، و أقول : أتهبُ المرأةُ نفسها ... )) الحديث .

غير أن النبي - صلى الله عليه و سلم - لم يستنكح امرأة و هبت نفسها ، فلم يكن عنده - صلى الله عليه و سلم - امرأة إلا بقعد نكاح أو ملك يمين ، على الراجح من أقوال أهل العلم ؛ لأن ذلك مردودٌ إلى مشيئته كما قال تعالى : (( و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين )) .

و روى ابن أبي حاتم و ابن جرير بسند حسن - كما يقول ابن حجر - عن ابن عباس ، قال : (( لم يكن عند رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إمرأة وهبت نفسها نفسها له )) .

و لعل الحكمة في ذلك - و الله أعلم - : خشية النبي - صلى الله عليه و سلم - أن يكثر اللائي يهبن أنفسهن لو استنكح امرأة منهن ، فيردَّهنَّ ؛ فيحزنَّ ، أو يقبلهن فتكثر أزواجه جداًّ ؛ فتزداد شواغله و مسئولياته ن فلا ريب أن كثرة كاثرة من الصحابيات الجليلات يردن أن يحظين بشرف الزواج منه - صلى الله عليه و سلم - / فيكنَّ أمهات للؤمنين ، و أزواجاً للنبيِّ الأمين في جنات النعيم .

مهما يكن من أمر ؛ فإن من لطائف البخاري - كما يقول ابن المنير - :

(( أنه لما عَلِمَ الخصوصية فِي قصة الواهبة ؛ استنبط من الحديث ما لا خصوصية فيه ، و هو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ؛ رغبة في صلاحه فيجوز لها ذلك )) .


على ذلك : فإن حوادث العَرْضِ هذه خلخلت بعض المقولات التي كانت في عداد المسلمات ، و في طليعتها : أن خطبة المرأة للرجل بعرض نفسها عليه ؛ عَيْبٌ ، لا يَجوز مُجرد التفكير فيه .


* الفرق بين العرضِ والهبة

على أن ثِمةَ فرقًا بين الهبةِ والعرضِ:
فالْهبةُ: تكون بغير مهر ، ودون ولي ، ولا يجوزُ لغير النبي صلى الله عليه وسلم .
بِخلاف العرضِ: فلابد فيه مهرٍ وولي ، ويجوزُ لغير النبي صلى الله عليه وسلم .

قال ابن دقيق العيد:
(( وقولُها: "وهبتُ نفسي لك" مع سكوت النَّبي صلى الله عليه وسلم: دليلٌ لجواز هبة المرأة نكاحها له صلى الله عليه وسلم كما جاء في الآية ، فإذا تزوجها على ذلك ؛ صح النكاح من غير صداقٍ: لا في الحال ، ولا في المآل ، ولا بالدخول ، ولا بالوفاة ، وهذا هو موضع الخصوصية ، فإن غيره ليس كذلك ؛ فلابد من المهر في النكاح ؛ إما مسمَّى ، أو مهر المثل )) [ إحكام شرح عمدة الأحكام: (4/74)].

فالعرض: نكاح شرعي ، تعرض المرأةُ فيه نفسها على من تراه كفئًا صالِحًا ؛ بمهرٍ ووليِّ .

* أقوال العلماء في دلالات أحاديث اللائي وهبن أنفسهن:

قال ابن حجر: (( وفي الحديثين دلالة على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل ، وتعريفه رغبتها فيه ، وأن لا غضاضة عليها في ذلك ، وأن الذي تعرض المرأةُ نفسَها عليه بالاختيار ، لكن لا ينبغي أن يصرِّح لها بالرد ، بل يكفي السكوت - أي: سكوته - ؛ لأن هذا السكوت أليّن في صرف المرأة ، وأأدب من الرد بالقول )) [ فتح الباري: (9/81)].

قال العيني: (( فيه دليلٌ على جواز عرضِ المرأة نفسها على الرجل الصالح ، وتعرف رغبتها فيه ؛ لصلاحه وفضله ، أو لعلمه وشرفه ، أو لخصلة من خصال الدين ، وأنه لا عارٌ عليها في ذلك ، بل ذلك يدلُّ على فضلها ، وبنت أنس رضي الله عنه نظرت إلى ظاهر الصورة ، ولم تدرك هذا المعنى حَتَّى قال أنس: " هي خيرٌ منك ".
وأمَّا الَّتِي تعرض نفسها على الرجل ؛ لأجل غرضٍ من الأغراضِ الدنيوية ؛ فأقبحُ ما يكون من الأمر وأفضحه )) [ عمدة القاري: (16/305)].

قال ابن دقيق العيد: (( في الحديث دليل على عرض المرأة نفسها على من تُرجى بركته )) [ إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: (4/47)].

قال القسطلاني: (( فيه جوازُ عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ، وأنه لا عار عليها في ذلك ؛ بل فيه دلالة على فضيلتها ، نعم ، إن كان لغرض دنيوي ؛ فقبيحٌ )) [ إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري: (8/44)] .

قال المهلب:
(( فيه أن على الرجل أن لا ينكحها إلاَّ إذا وجد في نفسه رغبة فيها ؛ ولذلك صعَّد النظر فيها ، وصوَّبه )) [ فتح البخاري: (9/81)] .

* حكم عرض المرأة نفسها للزواج بين الجواز والاستحباب:

وإذا كان هؤلاء صرحوا بالجواز ؛ فإن الإمام النووي قد صرح بالاستحباب .

فقال - تعليقًا على حديث سهل -:
(( فيه استحباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ؛ ليتزوجها )) [ صحيح مسلم بشرح النووي: (9/212)].

واستحسن ذلك ابن العربي والقرطبي ؛ فقالا: (( فمن الحسن عرض الرجل وليته والمرأة نفسها على الرجل الصالح ؛ اقتداءً بالسلف الصالح )) [ أحكام القرآن لابن العربي: (3/1467) ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (3/271)].

بيد أن الجواز أقرب للأدلة منها للاستحباب ؛ إذا الأخير يحتاج إلى أمر زائد عمَّا تفيده .

مهما يكن من أمر: فالأحاديث تشير إشارةً واضِحةً ، لا لبس فيها ولا غموض ؛ إلى أن العَرْضَ كان مِن مألوفاتِ الأمور ومحاسنِ العادات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتشير كذلك إلى صراحته النظيفة ، وأن ليس فيه من تَحَرُّجٍ أو إذلالٍ ، أو ما يخدشُ الكرامةَ وعزةَ النفسِ . ا.هـــ .


المصـدر:
(( كتاب " عرض الرجل موليته والمرأة نفسها على الرجل الصالح للزواج "- الباب الثاني ؛ الفصل الأول - تأليف: الدكتور خالد بن علي بن محمد العنبري * الأستاذ المساعد في جامعة عجمان حاليًا ، وجامعتي الإمام والملك سعود سابقًا * )) .




التوقيع :
    رد مع اقتباس