عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-17, 02:37 AM   #14
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

تفسير قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم... كان ذلك في الكتاب مسطوراً)

ثم قال الله: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا [الأحزاب:6]، نأخذ صدر الآية بما يتناسب مع الوقت، يقول أهل التفسير: إن زيداً أصابته وحشة، فأنزل الله: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وهذا ممكن أن ندرج قضية زيد فيه، لكن لا أظنه سبباً في النزول، فـزيد عوض بأن ذكر اسمه صريحاً، لكن الآية في مجملها واضح معناها: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، السؤال الذي يفرض هنا: لماذا النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

لأن نفسك قد تجرك إلى الهلاك وتدعوك إلى ما فيه هلاكك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن له أن يسوقك إلى ما فيه هلاكك، ولأجل هذا قال الله جل وعلا: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، كما أن الآية من غير هذا السياق الإيماني يؤخذ منها سياق فقهي، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على من مات وعليه دين، ويقول: (صلوا على صاحبكم)، وهذا في أول أيام المجتمع المدني، فلما فتح الله جل وعلا على نبيه بعض الغنائم، كان صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا أولى بالميت المسلم، من كان عليه دين فعلي قضاؤه)، فتصبح الآية يفهم منها ضمناً: أنها نسخت حكماً فقهياً كان موجوداً في أول الإسلام وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي على من مات وعليه دين، ثم بعد ذلك في قول الله جل وعلا: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ دينياً ودنيوياً، فدنيوياً يمثله: قضاء ديونهم، ودينياً يمثله: النصح والإرشاد الذي قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ رسالة ربه لأمته قال: (وأنا آخذ بحجزكم عن النار)، فإنه صلى الله عليه وسلم أولى بنا من أنفسنا، ومن كان أولى بنا من أنفسنا لا يقدم على حقه حق إلا حق الله تبارك وتعالى، ولا تعارض بين حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالجملة: فحق النبي صلى الله عليه وسلم مندرج في حق الله.

قال تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، ثم قال الله: وَأَزْوَاجُهُ أي: أمهات المؤمنين: أُمَّهَاتُهُمْ ، هذه الآية قد تحتاج إلى تفصيل أكثر، لكن نقول من حيث الإجمال: إن أمهات المؤمنين أمهات لنا في مسألة أننا نحترمهن ونجلهن، وأنه لا يجوز لأحد أن يتزوج إحدى أمهات المؤمنين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها في الإرث وفي الحرمة وفي الخلوة كالأجنبيات تماماً، بل إن حقهن أعظم لمقام النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الفقهاء اختلفوا فيمن كانت زوجة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بها، كالمستعيذة التي قالت: أعوذ بالله منك، فطلقها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لم يدخل بها، فهي زوجته باعتبار أنه عقد عليها ولم يدخل بها، ثم بعد ذلك في أيام عمر تزوجها رجل يقال له الأشعث بن قيس ، فهم عمر -فيما يقولون ويروون- أن يرجمها، فقالت: ولم؟ -تستنكر- فأنا لم يضرب علي حجاب، ولم أسم للمؤمنين أماً، يعني: لم يقل لي: أم المؤمنين، فيقولون -أي: الرواة- إن عمر تركها، وهذا فيما يبدو فقهياً أليق، ولكن الإشكال عند البعض الآخرين: أن قول الله جل وعلا: وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ يدخل فيه حتى من طلقها؛ باعتبار العقد، فقد أصبحت زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم والعلم عند الله.

هذا تحرير المسألة ابتداء، وسنكمل إن شاء الله تعالى في اللقاء القادم ما يمكن أن نتأمله في هذه الآيات المباركات.

هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده، وأعان الله على قوله، وصلى الله على محمد وعلى آله.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس