عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-17, 04:45 AM   #6
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

مواقف حدثت أثناء حصار المسلمين في غزوة الخندق

والمقصود: أن كل هذا وقع في أيام الخندق، كذلك النبي صلى الله عليه وسلم أيامها يأتيه أحد أصحابه وكان شاباً، فيأبى إلا أن يشارك النبي عليه الصلاة والسلام ما هو فيه، رغم أنه حديث عهد بعرس، ثم يقول عليه الصلاة والسلام: (خذ سلاحك، فإني أخشى عليك بني قريظة، فيأخذ سلاحه، فيعود الشاب إلى داره فيجد زوجته خارج الدار، فيصيبه الحنق على ما رأى، فيسل سيفه، فتشير له إلى داخل الدار، لم أخرج متبرجة ولا سافرة لكن شيئاً ما اضطرني، هي لم تقلها قولاً، بل قالتها حالاً بالإشارة، فدخل الشاب فوجد حية ملتوية على فراشه فضربها فمات).

قال أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وأرضاه راوي الحديث كما عند مالك في الموطأ: قال: (فلا يدرى أيهما أسرع موتاً، الشاب أم الحية، فأخبر صلى الله عليه وسلم بهذا فقال: إن في المدينة إخواناً لكم من الجن، فإذا رأيتم مثل هذا فحرجوا عليه ثلاثاً)، هذه كلها أحداث مرت والمسلمون مع نبيهم صلى الله عليه وسلم في الخندق، ثم لم يلبث أن صرف الله جل وعلا عنهم الكيد، فدخل نعيم بن مسعود بمكيدة ما بين قريش واليهود فأوهم اليهود أن قريشاً ستخذلهم وتعود فينفرد بكم محمد -أي: أبو القاسم- ولم يكن يوم ذاك يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه حتى لا يشعرهم بإسلامه، وكان قد أسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال له: (خذل عنا)، وكلمة نحوها، ثم ذهب إلى أبي سفيان وقال: إن يهود تفكر في أن تأخذ منكم رهائن حتى تقدمهم قرابين لمحمد فإنهم يخشون أن تذهبوا -والحرب خدعة- فدب الخلاف وكله بتقدير من الله جل وعلا وتدبير، ومن ينصره الله فلا غالب له، فانصرفت قريش بعد ذلك وتركت النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة، وحكم فيهم سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه وأرضاه وقال له بعد أن حكم: (لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة)، أي: من فوق سبع سماوات، ثم يموت سعد بعد أن أصيب بسهم في أكحله فيقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يدفنه: (إن للقبر ضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ -وفي رواية- لنجا منها هذا العبد الصالح).

هذه كلها -أيها المبارك- أحداث مرت ووقعت خلال أيام قلائل أظهر فيها علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه شجاعة نادرة وقتل عمراً بن ود ، مع أن علياً يومها لم يكن طاعناً في السن، وقد كان لـابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه مواقف مشهودة في بدر وأحد، وتممها في يوم الخندق، وهو أحد شجعان المسلمين المعروفين عبر التاريخ كله.

المقصود: أن هذا يظهر الله على يديه معجزة، وهذا يموت من قتله لحية، وهذا يغير اسمه، وهذا ينتصر ويقتل خصماً عنيداً، كلها أحداث تقع ويراد منها بقدر الله تربية مجتمع مسلم، الأمة وأي مجتمع لا تربيه مثل هذه الأحداث وتواليها، يقول الله: وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا [الأحزاب:11]، مثل هذه الأحداث ينجم عنها بعد ذلك مجتمع وأمة قادرة على أن تتحمل ما هو أعظم.

والله جل وعلا قادر على أن ينصر رسوله بأقل من ذلك، لكنها أمور تحدث كما قلنا حتى تربى الجماعة المسلمة أو الأمة المسلمة على أعظم الخطب، فالإنسان إذا كان قوياً في ذاته يستطيع أن يسوس الناس وينفعهم، أما إذا كان الإنسان ينطلق من ضعف ووهن فحتى لو صدر ومكن بأي طريقة فإنه لن يستطيع أن ينفع غيره؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهذا المجتمع المدني الذي يمثل أمثل رعيل وأكمل جيل في المقام الأول أراد الله جل وعلا منهم أن ينقلهم من رعي الشاة إلى رعي الأمم، فكان بعد ذلك منهم وممن نشأ تحت رعايتهم وعهدهم من أبناء الصحابة من ساس الدنيا وحكمها وأثراها بالأخلاق وبالعقيدة في المقام الأول.

هذا كله نجعله مقدمة في هذا اللقاء المبارك بين يدي سورة الأحزاب التي سميت باسم المعركة، وإلا فالسورة المباركة حوت كثيراً من القضايا سيأتي إن شاء الله تفصيلها في اللقاء القادم بعد أن وطدنا وهيأنا الأمر للتلقي قدر الإمكان؛ لأنه لا يمكن أن نغفل الحديث عن معركة الأحزاب أو غزوة الخندق وهي الموضوع الرئيس لهذه السورة المباركة.

في اللقاء القادم نستفتح بقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [الأحزاب:1-3].

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يعيننا وإياكم على طاعته، هذا ما تيسير إيراده، وتهيأ إعداده، وأعان الله على قوله، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس