عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-17, 04:44 AM   #5
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

أنفس واثقة بنصر الله

ثم حدثت أمور منها: ما يتعلق بالحياة الاجتماعية، ومنها: ما يتعلق بمعجزاته صلى الله عليه وسلم؛ لأن خطباً كهذا يكون مليئاً بالأحداث، والعاقل يستفيد من جميع الأحداث، وقد كان هناك صحابي اسمه جعير بن سراقة أظهر نشاطاً يوم الخندق، وقد غير اسمه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أنت عمرو )، هذا حدث يسير جداً، الصحابة الآن يريدون أي شيء يعينهم على ما هم فيه، وهم ينقلون التراب وجدوا في هذا الحدث اليسير ما يعينهم على العمل والجد والنشاط، فأخذوا يرتجزون ويقولون:

أسماه بعد جعير عمراً .. وكان للبائس يوماً ظهراً

فالبيت لا يحمل معاني كثيرة، إنما يحمل حدثاً يسيراً، لكنهم آنذاك كانوا يتلذذون ويتفكهون به، ويعينهم على ما هم فيه وهم يحملون التراب رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يأبى إلا أن يشاركهم ويقول: عمراً ، ظهراً، يردد آخر الصدر والعجز، ولا يردد البيت كاملاً حتى يكون في منأى عن قول الشعر، ويصدق عليه لفظاً ومعنى ومبنى قول الله جل وعلا: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي [يس:69]، ثم يأتي جابر بالشاة فتكفي الشاة القوم كلهم.

وشاة جابر يوم الحرب معجزة .. نعم النبي ونعم الجيش والشاة

إني أتيتك بالمدح معتذراً .. ومدحك الوحي والسبع القراءات

ثم بعد ذلك: تعترضهم صخرة يضربها صلى الله عليه وسلم، وسيأتي أثر هذا الضرب في قول الله تعالى: مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا [الأحزاب:12]، (فيضربها صلى الله عليه وسلم ويكبر ويقول: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء من مكاني هذا، ثم يضرب ثانية ويقول: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض من مكاني هذا، ثم يضرب الثالثة ويقول: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا)، وهذه الأسماء: المدائن، صنعاء، قصور الشام الحمراء، كانت آنذاك مراكز قرارات وحضارات، والمسلمون آنذاك محاصرون في المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم عندهم وهو عند الله من قبلهم لا ينطق عن الهوى، فيبشرهم بمثل هذه البشارات، وأنت عندما تحمس الجيش فأقل القليل الذي تبثه فيهم: أنهم لن يستأصلوا؛ لأنهم لو استؤصلوا فلن تفتح لهم الشام ولا المدائن ولا أبواب صنعاء، فأقل القليل أنهم يعلمون أن هذه ليست نهاية المطاف، وأن الأحزاب سيكون أمرهم إلى زوال، كيف لا يعلمون ذلك وهو وعد من الله جل علا؛ لأن الصخرة وهذا نوع من البشارة تفتتت واضمحلت لما ضربها النبي صلى الله عليه وسلم، فيقع في أنفسهم أن الصخرة تمثل هؤلاء القوم الذين يحاصروننا، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم أشبه بتلاشيها، ثم لا يقف الأمر في أنهم سيذهبون وينصرفون، لكنهم سيفتحون الحضارات وسيملكونها، كأبواب صنعاء، وقد كان لها في ذلك الزمن شيء من الحضارات الممتدة؛ لأنها كانت آنذاك موئلاً كبيراً للحضارة وبقيت موروثاً، يقول جرير :

أقلي اللوم عاذل والعتابا وقولي إن أصبت لقد أصابا

إلى أن قال:

دخلن قصور يثرب معلمات ولم يتركن من صنعاء باباً

قصر المدائن الأبيض فتحه المسلمون في عهد عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وفتحت الشام في عهد الصديق رضي الله تعالى عنه، ثم توالت الفتوحات.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس