عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-17, 03:19 AM   #140
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

ذكر قصة قسمة دنانير الأرغفة

إن من وسائل جمع العلم ونفع الناس به أن يكون لديك ذكاء سيال، وذهن وقاد، ما علاقة هذا بقوله تعالى: أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا [النور:61].

يقولون: إن رجلين جلسا ليأكلان، فقدم أحدهما خمسة أرغفة، وأخرج الآخر ثلاثة، وقبل أن يطعما جاء رجل ثالث عابر، فطلبا منه أن يجلس معهما فجلس، فصاروا ثلاثة أشخاص يريدون أن يطعموا ثمانية أرغفة، فأكلوا حتى أتموا الأكل جميعاً، ثم إن الرجل كان من ذوي الجاه، فلم يقبل أن يأكل دون أن يكافئ، فأخرج ثمانية دنانير، فوضعهما لهما وانصرف، فقال الذي وضع الخمسة: خمسة لي وثلاثة لك، وفق تقسيم الأرغفة.

وقال الثاني: الأصل أننا اثنان، وهذا دفع ثمانية وأكل معنا، وأربعة لي وأربعة لك، فتشاجرا، فاحتكما إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وكان رضي الله عنه يملك ذهناً وقاداً، فذكر له الخبر، فقال رضي الله عنه وعن ابنيه وزوجته: سبعة لصاحب الخمسة ودينار واحد لصاحب الثلاثة، ومضى، فجلسا ملياً يفكران كيف أتى بها علي مع قناعتهما بأن قول علي صواب، ثم تبين لهما صواب صنيع علي رضي الله عنه وأرضاه.

وذلك أن الأرغفة كانت ثمانية، وفي كل رغيف ثلاثة أثلاث، فحصل من ذلك أربعة وعشرون ثلثاً، وهذا هو مجموع ما أكله الثلاثة الأشخاص، والأصل أن كل أحد منهم أكل مثل الآخر، فيكون كل واحد منهم قد أكل؟ ثمانية أثلاث، فالرجل الذي دفع الدنانير أكل ثمانية أثلاث بالاتفاق، ووضع عوضاً عنها ثمانية دنانير، فصاحب الأرغفة الثلاثة قدم تسعة أثلاث، وأكل منها ثمانية، فلم يبق منها شيء زائد قدمه للآخرين إلا ثلثاً واحداً، ولهذا حكم له علي بدينار واحد، وصاحب الأرغفة الخمسة قدمها وفيها خمسة عشر ثلثاً، وأكل ثمانية أثلاث فليس له فيها أجر، فبقيت سبعة أثلاث أكلها الرجل الضيف مع الثلث الذي أخذه من الأول، فاستحق أن يأخذ سبعة دنانير.

فتربية العالم طلابه، وتربية الطالب نفسه على مثل هذه الأمور يجعل منه ذهناً وقاداً وذكاء سيالاً يعينه على جمع العلم؛ لأنه لو كان العلم بنظر في كتاب وحفظه وإملائه لأضحى جل الناس علماء، ولكن العلم ليس محصوراً في هذا.

بيان معنى قوله تعالى (فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم)

ثم قال ربنا: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61].

قوله: (من عند الله)؛ لأن الله هو الذي شرعها، ( مباركة ) لأنها تجلب الأجر والثواب، ( طيبة ) لأنها تطيب نفس المحيا.

وقد اختلف الناس في المعنى، فقيل: (بيوتاً) نكرة، والمقصود: إذا دخلتم أي مكان لقوم مسلمين فسلموا، وقالوا: إن قول ربنا: عَلَى أَنفُسِكُمْ [النور:61] دلالة على أن المسلم يقام مقام النفس.

وهذا صحيح وجيد، ولكنني أقول: إن الذي أفهمه من الآية أن الإنسان إذا دخل داراً ليس فيها أحد فإنه يسلم على نفسه، ويقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لقول الله جل وعلا: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61]، ومن قواعد فهم القرآن: أن يصرف أولاً إلى ظاهره.

قال ربنا بعد ذلك: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [النور:61]، وهذه ظاهرة.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس