الموضوع: الإخوانيات
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-17, 03:42 AM   #1
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي الإخوانيات

ماهي الاخــوانيـــات؟
ليس هناك تعريف خاص بتلك الرسائل المتبادلة بين الاصدقاء شعرا او نثرا ينطبق عليها تعريف الشعر وتعريف الترسل. وقد حظي الشعر الاخواني بكثير من الاهتمام حيث يسهل حفظ الرسائل الشعرية وتناقلها من شخص لاخر بل واستعارة بعضها للتعبير عن موقف يريده البعض. وقد اهتم الدكتور بكر شيخ امين بالاخوانيات الشعرية فافرد لها بابا في كتابه (مطالعات في الشعر المملوكي).

هذا اللون من الشعر يصور العلاقات الاجتماعية بين الشعراء وممدوحيهم, او بينهم وبين اصدقائهم واحبابهم, ففيه التهنئة والاعتذار وفيه العتاب والشكوى, والصداقة والود, وما الى ذلك من هذه المعاني الاجتماعية الواسعة التي تربط بين بعض الناس وبعض. ولذلك غلب عليه التأنق في المعنى, واصطناع العاطفة التي تكون صادقة تارة, وكاذبة تارة اخرى. وهو ان صور المودة والصدق مرة, فانه صور النفاق مرات اخرى.

وينضوي تحت لواء الاخوانيات التهنئة والعتاب, وقصائد الود والصداقة, والمساجلات الشعرية, وتعني المراسلات, والمعارضات.

وليست هذه الالوان جديدة في العصر المملوكي والعثماني, فلقد عرفتها العصور السابقة, ونظم فيها الشعراء, واكثروا, فكم شهدنا الشعراء العباسيين يهنئون اميرهم او حبيبهم بالابلال من مرضه, او بحلول العيد السعيد, او نجاته من مكروه, او بغير ذلك من المناسبات. وكم قرأنا ما نظمه الشعراء والاوائل في معاني العتاب, والمؤاخذة اللطيفة او العنيفة, وكم طالعتنا دواوين الشعراء بقصائد الود والمحبة والصداقة بين الشعراء واحبابهم واخوانهم, وآية ذلك ما نطالعه في دواوين المتنبي وابي نواس وابن الرومي والصنوبري وغيرهم.

وشعر الاخوانيات بطبيعته النفسية يمثل اتجاها من انسان الى انسان آخر او يقاربه, او يرتفع قليلا فوقه. ان هذه الحدود التي ترسم العلاقة بين الشاعر وصاحبه الذي يتحدث اليه ذات تاثير كبير جدا في الصورة الفنية التي يمكن ان يتجلبب بها هذا النوع من الشعر.

بهذا التعريف المفصل قدم لنا الدكتور بكري شيخ امين شرحا وافيا لهذا اللون من الادب (خاصة في مجاله الشعري) ويتضح من ذلك ان هذا اللون من الخصوصية في الموضوعات كانت معروفة معلومة لدارسي الادب العربي الا انها لم تشع وتنتشر الا في العصر العباسي الثاني وما تبعه من ادوار تاريخية.

ومهما يكن فقد راجت الاخوانيات في العصر البويهي رواجا منقطع النظير لتوافر اسبابها ودواعيها, اذ عنى بها الادباء عناية كبيرة فاكثروا من المراسلات الاخوانية شعرا ونثرا الى حد الاسراف, حتى اننا نجد من بينهم من اقتصر في كتاباته على الرسائل الاخوانية دون غيرها. نلاحظ عند كاتب كبير كابي بكر الخوارزمي الذي رماه الهمذاني بانه لايحسن من الكتابة الا هذه الطريقة الساذجة وهذا النوع المتداول بكل قلم, المتناول بكل يد وفم.

واذا كان الادباء متأثيرين في اخوانياتهم باخلاق اجتماعية مبنية على المجاملة والنفاق وعلى المبالغة في هذه المجاملة وهذا النفاق, غلوا في معانيهم حتى احالها الغلو مضحكة مبتذلة, ونمقوا في الفاظهم حتى جعلها التنميق قبيحة بغيضة. ولهذا نراهم مثلا اذا كتبوا في الشوق والفراق اعاروا على معاني العشاق المتيمين فانتحلوها ـ واذا كتبوا الى مريض سفحوا الدموع وعافوا الهجوع.

ومن هذه الاخوانيات نوع يسمى المساجلات عرفه الدكتور بكري شيخ امين بقوله: اما المساجلات الاخوانية ففيها بعض اختلاف عن الالوان الاخرى. ذلك ان الاولى تكون بين متحابين احدهما شاعر. اما اذا كان الصديقان شاعرين فان المودة والمحبة تتبلور عند كليهما ثم تنطلق شعرا جميلا عذبا في مساجلات يحرص فيها كل منهما على ان يتفق مع صاحبه في البحر والقافية والروي, فيكون من ذلك شعر الطيف, ولاسيما اذا كانت المساجلة من ناحية خاصة, او صفى بعينها بين الشاعرين بحيث يجعل منها مادة للتجديد بين المعاني, وتوليد الصور, وارسال المداعبات. وآية ذلك ما نجده بين ابي فراس وصديقه الالثغ ابي الفرج الببغاء في العصر العباسي.

وامتد امد هذا اللون الى العصور التالية, فشهدنا كثيرا من شعر الاخوانيات في انتاج الشعراء. وتكاد معظم الدواوين تشتمل عليه.

وشعر الاخوانيات لايتطلب ابداعا شعريا لان الشاعر يوجه حديثه الى من يفوقه علما او سلطانا او يوجه الخطاب الى من يماثله.

ففي الحالة الاولى: لاتسقط الحدود مرة واحدة بين الشاعر وصاحبه: يبقى هناك هذا الشعور بالمكانة المتميزة للانسان المتحدث اليه, وقد يقود هذا التميز الى محاولة ابداع, ولكنه يحسن الا تنسى ان الشاعر حتى في هذه المواقف لايريد جانب التمجيد بمقدار ما يريد جانب المباسطة والمقارنة اي جانب الاخوانيات.

واما في المواقف الثانية: فان المماثلة تدفعه في اتجاهات اخرى: في الاخبار, او الدعابة, او المعاتبة, او ما ذلك.

فان اختلاف هذه المواقف علوا ومماثلة يجعل هذا الشعر ينطلق من دائرة شخصية تعبر عن احاسيسه التي يمليها ذلك الظرف الذي نشأت فيه القصيدة سواء كانت قصيدة طويلة او مقطوعة صغيرة فلا يتعدى حدود تلك الدائرة التي تقابلها دائرة الاخر الذي يوجه اليه الخطاب.

والذين درسوا الادب في العصر العباسي الثاني وما تلاه لاحظوا بلاشك ـ خلو تلك الاخوانيات من مادة الهجاء ـ وتمتاز الاخوانيات في الشعر الاحسائي بانها خالية تماما من النفاق والتملق والتذلل المهين لان اغراضها لم تكن تستدر عطفا او تجر مصلحة من ناحية, ومن الناحية الاخرى فهي تجري عادة بين متماثلين مقاما وعلما وثقافة فهي بين زملاء واقران. او بين علماء وطلاب لذلك فالحديث يجري على سبيل التقدير والاحترام والمودة الخالصة.



منقول.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس