🕋 تفسير قوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ...)
قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29] يؤخذ من هذه الآية قاعدة أصولية وهي: أن الأصل في الأشياء الإباحة، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة:29] خلق الله الأرض قبل السماء، و(اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) يعني: انصرف إلى خلقها، والفعل استوى يأتي متعدياً بحرف الجر إلى، ويأتي من غير تعد بحرف جر، فإذا جاء من غير تعد بحرف الجر فيعني: الكمال والتمام كقوله: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى [القصص:14] كمل ونضج، وإذا تعدى بحرف الجر إلى فيعني: القصد من شيء إلى آخر كقوله: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة:29] وإذا تعدى بحرف الجر على فيعني: العلو والارتفاع كقوله: تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ [الزخرف:13]، وعلى هذا ظاهر قول الله جل وعلا: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] .
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ [البقرة:29] أقرب السماء إلينا تسمى السماء الدنيا؛ لأنها دانية إلينا، وأعلاها السماء السابعة، وهي معمورة بالملائكة.
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:29] .