الموضوع: [سليمان وجنودة]
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-11-16, 07:44 AM   #6
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

ومن لطائف التفسير كما يقول العلماء: إن الإنسان يخبر عادة بالشيء الذي يعرفه، فالهدهد له علاقة بالحب؛ لأنه يأكله، فلما أراد أن يعرف بربه، قال: يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ؛ لأنه هذا الذي يناسب البيئة التي يعرفها الهدهد.

وقد تلقى سليمان هذا الخبر من الهدهد بحكمة، قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27] لأن قول الهدهد يقبل الصدق والكذب.

قال تعالى: اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ [النمل:28] خرج الهدهد بالكتاب الذي كتبه سليمان، ودخل قصر بلقيس ووضعه في ناحية بطريقة مؤدبة، وأهل الصناعة العقلية يقولون: إن العاقل يعرف أو الرجل يعرف بثلاثة أمور: بكتابه، بهديته، برسوله الذي يبعث.

فقامت هذه المرأة فقالت لقومها: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل:29-30]، فقدم سليمان هنا اسمه على اسم الله؛ لأنه يخاطب قوماً وثنيين وعباد شمس، وليسوا أهل كتاب يعرفون الله، فحتى يلقي فيهم الهيبة، وينظرون إلى رسالته ولا يهملونها ولا يطرحونها فتكون هناك مصلحة دعوية أكبر قال: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ [النمل:30-31]، والمرأة كانت عاقلة: قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ [النمل:32]، أصابتهم عزة وأرادوا أن يظهروا لها أنهم معها في السراء والضراء: قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً [النمل:23-34]، فصدقها الله، وإن كانت عابدة شمس، قال ربنا: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [النمل:34]؛ لأن أي إنسان يحكم في قرية أو يحتل بلداً أو ينال منصباً، فإن غالب أمره أن يغير حال من سبقه، وهذا معنى قولها كما حكى الله: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، رأت أن تبعث بهدية؛ فترى ردة فعل سليمان.

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل:35]، منها أنها تهدئ من غضبه، ومنها أن هؤلاء الرسل الذين يحملون الهدايا يطلعون على ملك سليمان فيقدمون لها تصوراً كاملاً قبل أن تتخذ قراراً.

أخذوا الهدايا، قال الله: فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ [النمل:36] أي: جاء الرسل سليمان قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ [النمل:36] أي: الإسلام، خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [النمل:36-37].




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس