عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-07, 01:36 AM   #9
عضو نشط

 










 

عوض العياضي غير متواجد حالياً

عوض العياضي is on a distinguished road

افتراضي

سيرة السلف الصالح

والسلف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، الذين اشتملتهم القرون الثلاثة الأولى من عمر هذه الأمة الإسلامية ، وهو ماثبت في الحديث الشريف الذي أخرجه البخاري بسنده ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيْرُ القرون قرني ثمّ الذين يَلُونَهم ثمّ الذين يَلُونَهم ، ثمّ يجيء أقوامٌ تسبق شَهادَة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ) .

وتعد سيرة السلف الصالح من المصادر الهامة للدعاة ، لأنهم أعلم من غيرهم بمقاصد الشريعة وفقه الدعوة إلى الله ، مما رشح سيرتهم أن تكون من خير زاد لأهل العلم ، ينهلوا منها ويقتبسوا من هديها ؛ فقد كان الصحابة يقرئون القرآن ، ويعلمون الناس أحكامه فهو لب الإسلام ، ولسان الدعوة إليه .

وقد برزت بعض الأساليب الدعوية في حياة التابعين ، ومن ذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز الذي قام بتشجيع العلم والعلماء ، وجعل لهم رواتب كي يتفرغوا لنشر العلم دون أن ينشغلوا بالكسب عن تلقي العلوم الشرعية ، يضاف إلى ذلك مناظراته ومحاوراته لبعض الفرق كالخوارج والمرجئة والشيعة ، إلى غير ذلك من الجهود الدعوية التي برزت في خلافته رضي الله عنه .

..

ثالثاً : استنباطات الفقهاء

إن الداعية وهو يدعو إلى شريعة الإسلام ، لا يمكنه الاستغناء عن التراث الفقهي الذي خلفه الفقهاء والأئمة الأعلام وذلك من ثلاث نواح ، وهي :

1- إن عمل الداعية ما هو إلا دعوة إلى شريعة الإسلام ،بما تتضمنه من أحكام شرعية ، وهي ذاتها تراث الفقهاء ، واستنباطاتهم .

2- إنه يتوجب على الداعية أن يعرض وسائله وأساليبه ومناهجه ، على ضوابط الفقه الإسلامي وأحكامه ، كي يتحسس مواطن الصواب والخطأ .

3- إن الفقهاء - مع براعتهم في جانب الفقه - كانت لهم جهودهم في مجاتل الدعوة ، ومناهجهم في التعليم واستخداماتهم لأسلوب الحوار والمناظرة ، ونحو ذلك مما يمثل زادا هاما ، ومرجعا خصباً للقراء والسالكين .

إن التراث الفقهي يعد من المصادر التي يحتاجها الدعاة ، وذلك لما عني به الفقهاء من استنباط للأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ، والتي من بينها الأحكام المتعلقة بأمور الدعوة ، والأمر المعروف والنهي عن المنكر والجهاد والحسبة .

إن استنباطات الفقهاء ومع أهميتها كمصدر للدعاة ، إلا أنه يعد مصدرا تبعياً ، يستفاد منه في ضوء المصادر الأصلية السابقة ، وذلك بوصفها اجتهادات بشرية تخطئ وتصيب ، فإذا أجمع العلماء على أمر كان حجة ، أما اذا اختلفت آراؤهم واجتهاداتهم ، فإنما هي آراء اجتهادية تنير الطريق لغيرهم .

...

رابعاً : تجارب الدعاة عبر العصور
إن لكل داعية تجربته الخاصة به في مجال الدعوة ، وذلك في ضوء احتكاكه المباشر مع المدعوين فضلاً عن استخدامه للوسائل الدعوية المختلفة ، مما يُضَمِّن سيرته مجموعة من الأخطاء والتصويبات في مجال التطبيقات الدعوية ، وبذلك تعد سيرته عصارة تجربته ، التي يستفيد منها غيره من الدعاة ، لذلك لا ينبغي للدعاة أن يزهدوا بواقع علماء عصرهم وتجارب الدعاة المعاصرين لهم - فضلاً عن تجارب السابقين - إذ قد يكون في سيرتهم وتجاربهم من الوقائع والأحداث ما يشابه ما يواجههم من وقائع وأحداث ، وهو ما يحقق الفائدة المرجوة حين الرجوع إلى هذا المصدر .

إن آيات القرآن الكريم بينت عظيم الفائدة التي يحققها الدعاة ، حين رجوعهم إلى قصص الأنبياء عليهم السلام ، والاستفادة من العبر المستنبطة منها ، بوصفها حياة شاملة متضمنة الأحكام الشرعية ومسائل العقيدة ، وأسباب نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين ، وطرق الهداية والضلال ونحو ذلك مما يمثل زدا خصبا لا يصح للدعاية إغفاله .
قال تعالى : { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون } .

وقد أكدت التوجيهات النبوية تلك المسألة ، واستحثت همم الدعاة من الإفادة من تجارب غيرهم وإبداعاتهم لتحقيق أعلى درجات النجاح لدعوتهم ومبادئهم .

ويمكن للدعاة أن يتستفيدوا من خبرات غيرهم ، ولو كانوا على غير الطريقة التي هم عليها مادام متوافقا مع ضوابط الشرع محققا المصلحة لدعوتهم .

إن تجارب الآخرين لا تنحصر في آحاد الدعاة ، بل تتعدى لتشمل الحركات الإسلامية وما تمثله من عصارة العمل الجماعي المنظم، بما تحتويه من إيجابيات وسلبيات واجتهادات موفقة أو غير ذلك مما يجعل ذلك عبرة لنفسها ولغيرها إذ ان الجماعة أو الحركة مهما أوتيت من الصفات الحميدة إلا أنها تخضع في النهاية إلى الصفة البشرية التي تظهر في خططها واجتهاداتها .

وفي ضوء ما تقدم فإنه ينبغي القول بأن الداعية ما دام لا يولد في فراغ ، ولا يتسنى له ذلك ، فإن هذا يعني أن برامجه ومناهجه لا بد ألا تغفل عن مجهودت من سبقه ، بل يأخذ منها ما يصلح لعصره وواقعه ، بعد أن يعرضها على الشرع الحكيم ، ثم يضيف إليها ما يسعه من إضافات ومقترحات من شأنها أن تساهم في نجاح عملية التأهيل والإعداد ، وذلك كله في حق المناهج البشرية دون غيرها .




التوقيع :
    رد مع اقتباس