2- الشمول
وتعني الإحاطة ، أي القرآن شامل لكل ما يحتاج إليه الإنسان في حياته وآخرته ، فهو ليس لعقل الإنسان دون روحه ، ولا لروحه دون جسده ، ولا لفكره دون عاطفته ، ولا عكس ذلك ، بل هو رسالة للإنسان كله في مراحل حياته ووجوده .
والدعاة أمام القرآن يجدوا فيه الزاد الوافي الذي يلبي احتياجاتهم ، ويجدوا فيه ما يفي باهتماماتهم سواء في مجال التربية الروحية ، وتنمية الصلة بالله عز وجل ، أو في مجال الأخلاق والسلوك ، وكذلك في مجال التثقيف ، حيث يتضمن ثروة ثقافية في مجال الدعوة وتأهيل الدعاة .
كما تضمن القرآن الكريم أخبار الرسل عليهم السلام ، وطرائق دعوتهم ، وما يستفيده الدعاة من مناهج دعوية ، مما يثبت قلوبهم وهم يواجهون أعداءهم ، متسلحين بثقتهم بالله عز وجل ، وتأييده لهم ، كما أيد الدعاة من قبل ، قال تعالى : { وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين } .
إن كل ما يحتاجه المرء من أنباء الرسل عليهم السلام ، قد قصه الله عز وجل في كتابه ، وبين مدى صبرهم على أذى أقوامهم وما يترتب على ذلك من عبر وعظات مستفادة ، مما أصاب القرون الخالية التي كذبت.
ويعد القرآن الكريم مرجعاً أصيلاً لكل ما يتعلق في مجال الدعوة والدعاة ، لما يتضمنه من علوم الأولين والآخرين .
3- الوضوح
وتأتي بمعنى الإبانة والظهور ، وهي ضد الغموض ، قال تعالى : { وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين } ، أي أنزله الله عز وجل بلسان عربي فصيح كامل شامل ، ليكون بينا واضحا ظاهرا قاطعا للعذر مقيما للحجة دليلا على المحجة .
إن تميز القرآن بالوضوح يجعل الدعاة على بينة من أمرهم وهم يقتبسون ما يفيدهم ويساعدهمم في نجاح دعوتهم دون لبس أو تخبط أو غموض ، فوسائل الدعوة وأساليبها ومناهجها وأركانها واضحة بينة ، وبوسعهم في ضوئها أن يقتبسوا ما ينفعهم ، ويحقق أهداف دعوتهم ، والتي من بينها مناهج تأهيل الدعاة .
4- التوازن
ويطلق عليه بعض العلماء الوسطية والاعتدال ، أي التوسط والتعادل بين طرفين متقابلين دون أن يفرد أحدهما بالتأثير دون الطرف الآخر ، ومثال ذلك الروحية والمادية ، والفردية والجماعية ، والواقعية والمثالية ، ونحو ذلك ، فالاعتدال بين ذلك يتحقق بعدم الإفراط والتفريط في أي شيء ، وأن نعطي لكل ذي حق حقه .
وقد برزت الوسطية في القرآن الكريم ، وذلك في كل ما جاء به من هداية أو عرضه من مواضيع ، وعالجه من مشكلات ، وما ظهر فيه من توافق وانسجام بين الروح والمادة ، وبين العقل والقلب ، ونحو ذلك ، خلافاً للمذاهب الوضعية الأخرى التي ركزت على جانب المادة وأهملت الروح ، أو عنيت بالفرد وأهملت الجماعة أو العكس .
إن الاعتدال سمة الدعوة في القرآن الكريم ، والداعية ينبغي أن يراعي التوازن في شؤونه كلها ، كي يواصل المسير ، ولا تنقطع به السبل إذ أن التوازن عصمة له عن الانقطاع ، وهذا يعني أن البرامج المعدة والمناهج الدعوية المقترحة لا بد أن تراعي هذه المسألة ، فتعنى بتربية المسلم ، وتنشئته ، عقدياً وثقافيا وسلوكيا ، ليكون صورة مشرقة لدعوته ، قال تعالى : { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين } .