الفصل الثاني : أصول الدعوة : أدلتها ومصادرها وأركانها
كلمة أصول في اللغة جمع أصل وهو أسفل كل شيء ، وعليه فإن أصل الشيء هو ما ثبت أسفله ، وبني عليه غيره .
واصطلاحا : أصول الدعوة هي : ( مجموعة القواعد والأدلة والمصادر التي يتوصل بها إلى تفعيل حركة الإسلام بين الناس على هدي النبوة ) .
...
المبحث الأول : أدلة الدعوة ومصادرها
يمكن تقسيم المصادر التي يحتاجها الدعاة ، ويسترشدون بها خلال دعوتهم وإعدادهم المناهج اللازمة لتأهيل الدعاة ، إلى مصادر نصية وتتضمن مجموعة المصادر التي أمرنا بالالتزام بها بنص واضح وصريح ، وتعد أصلا لما سواها من مصادر أخرى ، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية ، وما يستقى منها ...ثم مصادر تطبيقية وتتمثل بالجهود والتجارب الدعوية التي انبثقت عن الدعاة والعلماء والفقهاء ، من لدن الصحابة رضي الله عنهم ، حتى واقع الحركات الإسلامية المعاصر .
....
المطلب الأول : المصادر النصية
تعد المصادر النصية شيئا هاما في احتياجات الدعاة بوصفها الرافد الأساسي لهم ، وهي مصدران رئيسان ؛ القرآن الكريم والسنة النبوية ، وما يلحق بهما من مصادر تبعية من هذين المصدرين ، كالإجماع والقياس والاستحسان وغيره ، مما محله كتب أصول الفقه ، وسيتم التفصيل في الحديث عن القرآن الكريم والسنة النبوية.
...
أولاً : القرآن الكريم
يعد القرآن الكريم أصل الأصول جميعاً ، إذ ترد إليه سائر المصادر الأخرى ، والقرآن مفجر العلوم ، ومنبعها ، وأودع الله فيه كل شيء ، وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وبالنظر لأهمية هذا المصدر ، كان لا بد من بيان معنى القرآن الكريم ، ثم بيان أهم خصائصه .
تعريف القرآن :
عرف أكثر العلماء القرآن بأنه : ( الكلام المعجز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، المكتوب في المصاحف ، المنقول بالتواتر ، المتعبد بتلاوته ) .
خصائص القرآن الكريم :
اختلفت أساليب العلماء في عد خصائص القرآن الكريم ، فمنهم من اقتصر على خصائصه وفق مقتضى تعريف القرآن الاصطلاحي ، ومنهم من أضاف خصائص الإسلام العامة ، والتي في الحقيقة مستخلصة من خصائص القرآن الكريم والسنة النبوية .
وستعنى هذه الدراسة بأهم الخصائص التي برز أثرها في تأهيل الدعاة ، وهو ما يمكن توضيحه في النقاط الآتية :
1- الربانية :
أي الانتساب إلى الرب أي الله سبحانه وتعالى ، والربانية تعني ان لا دخل للبشرية أبداً في القرآن الكريم ، لا من جهة اللفظ ، ولا من حيث المعنى ، ويترتب على ذلك أمران :
الأول : كماله وخلوه من النقائص
إن ما جاء في القرآن الكريم من قواعد ومناهج وأحكام موصوفة بالكمال ، لأنها جاءت من الله تعالى ، الموصوف بالكمال المطلق ، في ذاته وصفاته وأفعاله ، مما يستحيل في حقه خلاف ذلك من النقائص التي تلتصق بالبشر والقوانين والشرائع الصاردة منهم .
الثاني : تحقيق الهيبة والاحترام من قبل المؤمنين به
ويلاحظ أن هذا الأمر لا يخص شريحة في المجتمع دون غيرها ، بل يشمل الجميع ، إذ أن طاعتهم وخضوعهم لله ولشرعه طاعة اختيارية قائمة على أساس الإيمان بالله تعالى
وهذا يستلزم من الدعاة أمرين ، هما :
أ - أن ينهلوا من كتاب الله عز وجل ، وكلهم ثقة واطمئنان لما فيه من قواعد الدعوة ومناهجها ، وأساليبها ، وأنها تحقق لهم مقصدهم في تخريج الداعية الرباني.
ب- أن يضع الدعاة لأنفسهم خططاً ومناهج جديدة ، ويعملوا على الاستفادة من مختلف الوسائل الحديثة المعاصرة والمبتكرة بما يخدم أغراض الدعوة وأهدافها ، وذلك في ضوء المناهج والأساليب الدعوية الربانية.