|
كل عـــــــــــام وأنتم بخير د. عايض القرني
كل عام وأنتم بخير
د. عائض القرني
أيها المسلمون أنتم في خير الشهور شهر ذي الحجة تختمون سنتكم بأجلّ العبادات، وأفضل القربات، في يوم عرفات، وعيد الأضحى المبارك، لتلك المناسبة الجليلة نقدم لكم أعظم التبريكات وأجمل التهنيات، ونقول : كل عام وأنتم بخير، وعيد سعيد، وعام جديد، حافل بالنصر والتأييد.
إخوتي الأعزاء بقيت أيام قليلة وتنتهي السنة بحلوها ومرّها، ويُطوى كتابها بما فيه من حسن وقبيح لا نستطيع إرجاعها، بل نستطيع الاستدراك عليها حين نستقبل السنة الجديدة وذلك بفتح صحيفة أعمال نظيفة نعاهد فيها ربنا جلّ وعلا على الاستقامة، ونعِد فيها أنفسنا بالتّغير والتّجديد مستغلين الصحة الذاهبة والشباب الفاني، والعمر المسلوب، والخير المصبوب، والوقت المنهوب، فإن من العجز وقلة التوفيق الرّكون إلى اليأس، وعدم الهمة، وانعدام الحيلة، وترك أسباب النّجاح، والاعتماد على الصّدفة حتى يُؤخذ الإنسان على حين غرة، دون أن يحرك ساكنًا، قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، لا تنظروا إلى الأمس الفائت، ولا إلى الغد الغائب، ولكن انظروا إلى هذا اليوم الوافد الذي أظلكم بشمسه وزاركم بساعاته ودقائقه.
لا تلهكم الدّنيا بزخرفها الذاهب وظلها الزائل، ففي تعاقب اللّيالي والأيام عبرٌ، وفي تصرّم الشهور والأعمار نُذرٌ، فالدّنيا لا راحة فيها ولا اطمئنان، ولا ثبات ولا استقرار، سرورها مشوب بالحزن، وفقرها مشوب بالكدر:
يا خاطب الدّنيا الدّنيئة إنّها شرَكُ الرّدى وقرارةُ الأكــدارِ
دارٌ متى ما أضحكتْ في يومها أبْكتْ غداً بُعْــداً لها منْ دارِ
فلنحاسب أنفسنا ونستلهم الدروس والعبر في ختام عامنا، ماذا قدمنا فيه من أعمال صالحة؟ ولننظر في كتاب أعمالنا كيف طويناه؟ فإن كان خيراً حمدنا الله وشكرناه، وإن كان شراً تبنا إلى الله واستغفرناه .
هل من وقفة عطف ورحمة ونصرة لإخواننا في فلسطين السليبة وسورية المنكوبة بأيدي المحتلين الظلمة هنا وهناك؟ هل يأمل الإخوة في الصّومال أن تنتبه أنظار المسلمين إلى حال أطفالهم الذين يموتون جوعا، أو يطمع أهل بروما المنكوبة أن يجدوا من إخوانهم النظرة الحانية واليد المانحة؟ أرجو أن تهتز ضمائر المسلمين لإخوانهم المنكوبين كما تهتز الأرض إذا نزل عليها الغيث المدرار، وأرجو أن يجد اليتيم مقعداً له على مائدة المترفين أصحاب الملايين والسلطة، وأن يُحصِّل الفقير سدّا لجوعته، والمريض آسِياً لأنّته؛ لأن الخير بأمتنا مشدود، والأمل فيها متجدد غير مفقود ، والنصر برايتها معقود إلى اليوم المعود.
في إطلالة العام الجديد وبزوغ بفجره السعيد نتمنى العيش الرغيد وانتشار السعود بأرجاء الوطن الحبيب، في الختام نؤمِّنُ على دعاء الشّاعر حيث يقول:
يا مالك الملك يا من لا نظير له رد المصائب عنا من نواصيها
واسلكْ بنا نهج خير الخلق قاطبةً أزكى البرية للإسعاد حاديهــا
وأرسلِ الوبْلَ مدراراً بأربُعنا واحْي الموَاتَ بها يا خير مُحييها
وانشر لنا الأمن في أنحاء دولتنا وابسطْ لنا الخير خصبا في بواديها
|