تمت عملية استئصال الأنف بنجاح، فكان أول الزائرين له وزيره المقرب، فما أن رآه حتى ضحك قائلاً: لم أكن أتوقعأن يكون منظرك غريباً إلى هذا الحد. فما كان من الملك، وفي ثورة غضبه، إلاأن أمر بقطع أنف وزيره. بعد استئصال انف الوزير دخل عليه آمر الشرطة للسلام عليه، ولتقديم تقرير أحوال امن المدينة أمامه: فما أن شاهد الوزير على هذا المنظر حتى ضحك، وقال معلقاً: لقد سمعت بأن الملك هو الذي أجرى عملية استئصال الأنف، فماذا الذي حدث لأنفك. فانتاب الوزير غضب شديد، فطلب من مليكه استئصال أنف آمر الشرطة، فوراً، عقاباً له على سخريته، ففعل.
خرج آمر الشرطة، بلا أنف، للتفتيش على رجاله، فما أن رأوه على هذه الحال حتى سخروا من منظره، فما كان منه إلاأن أمر باستئصال أنوف جميع أفراد شرطة المدينة. ما أن رأى المواطنون شرطتهم بلا أنوف، حتى انفجروا ضاحكين عليهم، فما كان منهم (أي الشرطة) إلاأن بادروا بطلب إلى آمر الشرطة يقضي باستصدار قانون يقضي باستئصال أنوف جميع المواطنين، ومساواتهم بهم، ففعل. أصبح جميع أهل البلد بلا أنوف وتعودوا على منظرهم الشاذ، وأصبحت عادة في هذا البلد إن يقطع انف كل مولود.
بعد مضي سنين، وبعد أنأصبح الأمر الطبيعي أن يكون الإنسان بلا أنف، دخل رجل غريب بأنفه إلى المدينة، فما كان من سكانها، وأمام دهشة الغريب، إلاأن ضحكوا عليه، مستغربين ومستنكرين شكله البشع، فقد أصبح عندهم منكراً أن يروا رجلاً بأنف سليم.
وهكذا، قلبت الحقائق وحورت، وأصبح الناس لا يميزون بين الحق والباطل، ولا بين المعروف والمنكر، ولا بين ما خلق الله وما فعلوه بأنفسهم، وأصبح الطالب المجتهد أضحوكة جميع الطلاب إذ انه مهتم بدراسته ,وأصبح من ربا لحيته هو الغلط ومن حلقها هو الصحيح (مع أن الأصل في الرجل اللحى) وأصبح من هو ملتزم بدينه متخلفا ,وأصبح من يدخن رجلا ,وأصبح الكافر أخا و صديقا مقربا إلى قلوبنا