الدليل الثاني عشر : أن نصر رسول الله صلى الله عليه و سلم و تعزيره و توقيره واجب و قتل سابه مشروع كما تقدم فلو جاز ترك قتله لم يكن نصرا و لا تعزيرا و لا توقيرا بل ذلك أقل نصره لأن الساب في أيدينا و نحن متمكنون منه فإن لم نقتله مع أن قتله جائز لكان غاية في الخذلان و ترك التعزير له و التوقير و هذا ظاهر
و اعلم أن تقرير هذه المسألة له طرق متعددة غير ما ذكرناه و لم نطل الكلام هنا لأن عامة الدلائل المذكورة في المسألة الأولى تدل على وجوب قتله لمن تأملها فاكتفينا بما ذكرناه هناك و إن كان القصد في المسألة الأولى بيان جواز قتله مطلقا و هنا بيان وجوب قتله مطلقا و قد أجبنا هناك عمن ترك النبي صلى الله عليه و سلم قتله من أهل الكتاب و المشركين السابين و بينا أن ذلك إنما كان في أول الأمر حين كان مأمورا بالعفو و الصفح قبل أن يؤمر بقتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية و يجاهد الكافر و المنافقين و أنه كان له أن يعفو عمن سبه لأن هذه الجريمة غلب فيها حقه و بعد موته لا عافي عنها و الله أعلم
قال الإمام أحمد في رواية حنبل : [ كل من شتم النبي صلى الله عليه و سلم و تنقصه مسلما كان أو كافرا فعليه القتل و أرى أن يقتل و لا يستتاب ]
و قال : [ كل من نقض العهد و أحدث في الإسلام حدثا مثل هذا رأيت عليه القتل ليس على هذا أعطوا العهد و الذمة ]
و قال عبد الله : [ سألت أبي عمن شتم النبي عليه الصلاة و السلام يستتاب ؟
قال : قد وجب عليه القتل و لا يستتاب خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبي صلى الله عليه و سلم و لم يستتبه ]
هذا مع نصه أنه مرتد إن كان مسلما و أنه قد نقض العهد إن كان ذميا و أطلق في سائر أجوبته أنه يقتل و لم يأمر فيه باستتابة هذا مع أنه لا يختلف نصه و مذهبه أن المرتد المجرد يستتاب ثلاثا إلا أن يكون ممن ولد على الفطرة فقد روى عنه استتابة جميع المرتدين و اتبع في استتابتة ما صح في ذلك عن عمر و عثمان و علي و ابن مسعود و أبي موسى و غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أنهم أمروا باستتابة المرتد في قضايا متفرقة و قدرها عمر رضي الله عنه ثلاثا و فسر الإمام أحمد قول النبي صلى الله عليه و سلم [ من بدل دينه فاقتلوه ] بأنه المقيم على التبديل الثابت عليه فإذا تاب لم يكن مبدلا و هو راجع يقول : قد أسلمت