عرض مشاركة واحدة
قديم 21-09-11, 05:37 PM   #1
عضو شرف
 
الصورة الرمزية ابن عباس اليوبي

 










 

ابن عباس اليوبي غير متواجد حالياً

ابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond reputeابن عباس اليوبي has a reputation beyond repute

افتراضي مقال للشيخ الدكتور عائض القرني بعنوان d]خيرة الله ] ..

مقال للشيخ الدكتور عائض القرني بعنوان d]خيرة الله
] ..





العبد لضعفه ولعجزه لا يدري ما وراء حجب الغيب ، فهو لا يرى إلا

ظواهر الأمور ، أما الخوافي فعلمها عند ربي ، فكم من محنة صارت منحة ، وكم من

بلية أصبحت عطية ، فالخير كامن في المكروه . أبونا آدم أكل من الشجرة وعصى

ربه ، فأهبطه إلى الجنة ، فظاهر الأمر أن آدم ترك الأحسن والأصوب ، ووقع عليه

المكروه ، ولكن عاقبة أمره خير عظيم وفضل جسيم ؛ فإن الله تاب عليه وهداه

واجتباه وجعله نبيا وأخرج من صلبه رسلاً وأنبياء وعلماء وشهداء وأولياء ومجاهدين

وعابدين ومنفقين ، فسبحان الله كم بين قوله تعالى : ( اسكن أنت وزوجك الجنة

وكلا منها رغداً ) ، وقوله : ( ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) ؛ فإن حاله الأول

سكن وأكل وشرب ، وهذا حال عامة الناس الذين لاهمّ لهم ولا طموحات ، وأما

حاله بعد الاجتباء والاصطفاء والنبوة والهداية فحال عظيمة ، ومنزلة كريمة ، وشرف باذخ .



وهذا داود عليه السلام ارتكب الخطيئة فندم وبكى ، فكانت في حقه نعمة من

أجلّ النعم ؛ فإنه عرف ربه معرفة العبد الطائع الذليل الخاشع المنكسر ، وهذا

مقصود العبودية ، فإن من أركان العبودية تمام الذل لله عز وجل .وقد سئل شيخ

الإسلام ابن تيمية عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( عجباً للمؤمن لا يقضي

الله له شيئاً إلا كان خيراً له ) – رواه أحمد في مسنده - هل يشمل هذا قضاء

المعصية على العبد ؟ قال : نعم ، بشرطها من الندم والتوبة والاستغفار

والانكسار . فظاهر الأمر في تقدير المعصية مكروه على العبد ، وباطنه محبوب

إذا اقترن بشرطه . وخيرة الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ظاهرة

باهرة ؛ فإن كل مكروه وقع له صار محبوباً مرغوباً ، فإن تكذيب قومه له

ومحاربتهم إياه كان سبباً في إقامة سوق الجهاد ومناصرة الله والتضحية في

سبيله ، فكانت تلك الغزوات التي نصر الله فيها رسوله ، وفتح عليه ، واتخذ

فيها من المؤمنين شهداء جعلهم من ورثة جنة النعيم ، ولولا تلك المجابهة

من الكفار لم يحصل هذا الخير الكبير والفوز العظيم ، ولما طُرد صلى الله عليه

وسلم من مكة كان ظاهر الأمر مكروهاً ، ولكن في باطنه الخير والفلاح

والمنة ، فإنه بهذه الهجرة أقام صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام ووجد

أنصاراً ، وتميز أهل الإيمان من أهل الكفر ، وعُرف الصادق في إيمانه وهجرته

وجهاده من الكاذب . ولما غلب المسلمون في أحد كان الأمر مكروهاً في

ظاهره شديداً على النفوس ، لكن ظهر له من الخير وحسن الاختيار ما

يفوق الوصف ، فقد ذهب من بعض النفوس العُجب بانتصار يوم بدر والثقة

بالنفس والاعتماد عليها ، واتخذ الله من المسلمين شهداء أكرمهم بالقتل

كحمزة سيد الشهداء ، ومصعب سفير الإسلام ، وعبدالله بن عمرو والد

جابر الذي كلمه الله ، وغيرهم ، وامتاز المنافقون بغزوة أحد وفُضح أمرهم

وكشف الله أسرارهم ، وهتك أستارهم .



إن من عرف حسن اختيار الله لعبده هانت عليه المصائب ، وسهلت عليه

المصاعب ، وتوقع اللطف من الله واستبشر بما حصل ؛ ثقةً بلطف الله وكرمه

وحسن اختياره ، حينها يذهب حزنه وضجره وضيق صدره ، ويسلم الأمر لربه

جل في علاه ، فلا يتسخط ولا يعترض ولا يتذمر ، بل يشكر ويصبر حتى تلوح

له العواقب وتنقشع عنه سحب المصائب.




التوقيع :
    رد مع اقتباس