شك أن الوفاء بالوعد والعهد من صفات المؤمنين ،
وأن إخلافهما من صفات المنافقين ،
كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع مَن كنَّ فيه كان منافقاً ،
ومن كانت فيه خصلة من أربعة : كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها
إذا حدَّث كذب ، وإذا وعد أخلفَ ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر
– رواه البخاري ( 2327 ) ومسلم ( 58 ) - .
والمؤمن الذي يواعد الناس ويخلف وعده إما أن يكون معذوراً أو لا يكون كذلك ،
فإن كان معذوراً فلا إثم عليه ،
وإن لم يكن معذوراً : كان آثماً .
ولم يأتِ نصٌّ – فيما نعلم –
يجمع ما استثني من تحريم إخلاف الوفاء بالوعد والعهد ،
لكن يمكن أن يكون إخلاف الوعد أو العهد في حالات يُعذر فيها المؤمن ، منها
أ. النسيان .
وقد عفا الله تعالى عن النسيان في ترك واجب أو فعل محرَّم ،
كما قال الله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }
" نعم " – رواه مسلم ( 125 ) من حديث أبي هريرة - ، وفي رواية
" قد فعلت " – رواه مسلم ( 126 ) من حديث ابن عباس - .
فمن واعد شخصاً ثم نسي الوعد أو نسي وقته : فلا حرج عليه .
ب. الإكراه على إخلاف الوعد .
والإكراه : أحد الموانع التي تجيز للمسلم التخلف عن الموعد ،
كمن حُبس أو مُنع من الوفاء بالوعد أو هُدّد بعقوبة تؤلمه .
فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .
رواه ابن ماجه ( 2045 ) ،
وللحديث شواهد كثيرة ،
وقد صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 1836 ) .
ج. الوعد على فعل محرَّم أو ترك واجب .
فمن وعد شخصاً على أن يفعل له محرماً ،
أو يترك واجباً فإنه لا يجوز الوفاء به .
ويمكن الاستدلال بحديث عائشة –
ويُسمَّى حديث بريرة – وهو في الصحيحين -
وقد وعدت عائشة – رضي الله عنها –
أهل بريرة على أن يكون ولاء بريرة لهم على حسب طلبهم
مع أن عائشة – رضي الله عنها – هي التي ستعتقها ،
ولم تفِ بهذا الوعد ؛ لأنهم خالفوا الشرع وهم يعلمون أن " الولاء لمن أعتق " ،
فكيف تعتقها عائشة ويكون ولاء بريرة لهم ؟ .
قال الشافعي :
... فلما بلغهم هذا : كان مَن اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصياً ،
وكانت في المعاصي حدود وآداب ، وكان من آداب العاصين
أن تعطل عليهم شروطهم لينكلوا عن مثلها ، وينكل بها غيرهم ،
وكان هذا من أحسن الأدب .
" اختلاف الحديث " ( ص 165 ) .
د. حصول طارئ مع صاحب الموعد
من مرض أو وفاة قريب أو تعطل وسيلة النقل ... الخ .
وهي أعذار كثيرة ، تدخل في قوله تعالى
{ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } .