ملتقى قبيلة حرب الرسمي - بقلم: مشــعـل الـفـوازي!!!!!!!!!

رؤية نقدية
ما بعد شاعر المليون.. ما الذي يحدث بالضبط؟
مشعل الفوازي

لست بصدد الحديث عن نتائج شاعر المليون، ولن أسير في ركاب المتناوبين على ركل الجثة الميتة لسبب بسيط وهو أنه لا جديد يمكن إضافته، على الرغم من أن الكثير من المنتقدين للبرنامج لا يخفى عليهم أن البرنامج نفعي بحت، ليس من المعقول أن يحمل فوق طاقته، وأن يؤمل منه الانحياز للإبداع، وهو الذي يعتمد على مقومات الربحية التي تتطلب أن تذهب المراكز الأولى لمن (يدفع) أكثر، وعلى هذا الأساس كانت الدرجات التي تمنح للشعراء من قبل اللجنة متقاربة جداً، كي لا تكون هذه اللجنة عنصراً مؤثراً في النتائج، ويترك التأثير (للقيمة) المادية، بعيداً عن (القيمة) الشعرية، أو مكانة الشاعر، أو موهبته، أو جنسيته كما يعتقد بعض الإخوة.

على أية حال، هذا ليس موضوع هذه الكتابة، التي تناقش ما يحدث للشاعر بعد المليون.

فهو قبل البرنامج -غالباً- شاعر مغمور، يطوف بقصيدته أرجاء المجلات والقنوات المتناسخة دون أن يكلف أحدهم نفسه بالنظر إلى ما في ورقته، أو حتى يكرمه مسؤول الشعر بتلك المجلة بإحاطته علماً بأن قصيدته وصلت ولن تنشر لأي سبب وجيه أو غير وجيه.. لكنه بعد البرنامج يتحول إلى نجم جماهيري، تتنبه له ليس مجلات الشعر وقنواته فحسب، بل حتى الجمعيات والمؤسسات الرسمية التي يبدو أنها تنتظر منح الشهادة للشاعر من ذلك البرنامج كي تتأكد من حقيقة شاعريته..

ترى ما الذي حول هذا الشاعر من مكافح خلف كواليس التجاهل، إلى (سوبر ستار) يتسابق رؤساء تحرير المجلات المتخصصة، وغير المتخصصة، ومنظمو الأمسيات للتصوير معه، والطمع بكلمة مجاملة منه، بل والتسابق لمتابعة تفاصيل حياته الخاصة ما مضى منها وما بقي، حتى لو وصل الأمر للفبركة، والتظليل، والخوض في كل شيء عنه بالسلب والإيجاب، أو الاختلاف الحرفي كما فعلت تلك الصحيفة التي أجرت خلال الأيام الماضية لقاء صحفياً مع والد واحد من أشهر شعراء البرنامج لهذا العام، تحدث فيه عن مشاركة ابنه في المسابقة، وتطرق للكثير من جوانب البرنامج، لكن الذي فات على هذه الصحيفة الأمينة هو أن هذا الرجل متوفى منذ أعوام عدة يرحمه الله!
الأمر يدل على حالة من اثنتين، وكلاهما يؤكد هشاشة المشهد الشعري وارتباكه، ممثلاً بمنابره الصحفية والفضائية ومن يدور في هذا الإطار من المنظمين للأمسيات الشعرية، والمتنفذون في الوسط الشعري الشعبي، والذين ينظرون للشعر من هذه الزاوية الضيقة، وهاتان الحالتان هما:

إما أن يكون هذا الشاعر، موهوباً حقيقياً، ويستحق هذا الاحتفاء والتكريم، لكنه كان مظلوماً، ومتجاهلاً، حتى منح الفرصة من الخارج، وأصبحت هذه المطبوعات تتمسح به ليس للتكفير عن خطاياها، ولكن طمعاً في المشاركة بالتهام ما تستطيعه من كعكة نجاحه، تسويقاً، وعلاقات، وادعاءات بصنع النجومية.

وإما أن يكون هذا الشاعر، أقل كثيراً مما يحصل عليه من صخب وحضور طاغٍ، وأن هذا الاهتمام لا علاقة له بالشعر، وأنه لا يعدو أن يكون مجرد صدى غير واعٍ لحالة سلبية بمجملها، وانبهار بهالة إعلامية عابرة، بعيداً عن التقييم الحقيقي للمقدرة الشعرية.

في تصوري أن هناك مزجاً بين الحالتين لدى من يعنيهم الأمر، لكن هذا المزج يأخذ من الأشياء أسوأها للأسف الشديد.

من نافلة القول: إن المستويات الشعرية متفاوتة، والتعميم غير جائز ولا مقبول، لكن القضية مبدئية، واحتمالاتها كل واحد منهما أسوأ من الآخر، كما ذكرنا آنفاً، وما على المتلقي إلا أن يراقب المشهد ويحكم، فوعيه وتقييمه للأمور هو من يراهن عليه، على الرغم من أن المتلقي الناضج والقادر على الفرز والتدقيق، هو في الغالب من يختفي صوته، ويفتقد تواجده الفعلي في كل المحافل المنبرية الشعرية، لكن هذا موضوع آخر، يستحق نظرة أكثر شمولية وتوثيقاً.