ملتقى قبيلة حرب الرسمي - العودة إلى الحق

العودة إلى الحق

ما من سبيل لخروج العالم العربي من مأزقه الذي انتهى إليه إلا بالعودة الى تحكيم العقل والمنطق والتفكير وفق واقعية سياسية تدرك حجم المخاطر والتحديات التي تتعرّض لها الأمة وتبني على هذا الادراك سياساتها الاستراتيجية وتحركاتها المرحلية على نحو يحميها من أي اندفاع عاطفي أو حماسي يمكن ان يؤدي الى مزيد من التدهور والانتكاس ويعرّضها لمزيد من العنف الذي يستغل ضعفها حيناً ويستثمر بعض اندفاعاتها حيناً للايقاع بها وتعريضها للخسائر والدمار. في هذا الإطار يمكن أخذ حديث السيّد نصر الله الذي اعترف فيه بأن حزب الله لم يكن يقدّر حجم ردة الفعل الاسرائيلية على اسر الجنديين الاسرائيليين وتأكيده على ان الإقدام على أسر هذين الجنديين لم يكن له أن يحدث لو تمّ تقدير عاقبة ذلك. وبعيدا عن لوم حزب الله أو انتقاد قيادته، فإن حديث السيّد نصر الله يشكل منعطفا هاما في الوعي العربي حينما لا يتردد في الاعتراف بارتكاب خطأ ما أو عدم تقدير النتائج وهي عودة للوعي من شأنها أن تكرّس للعقلانية والواقعية وتؤسس لمرحلة قادمة يتمكن من خلالها العرب من تحديد مواقفهم وبناء استراتيجياتهم.
واعتراف السيّد حسن نصر الله يؤكد صواب وجهة النظر التي حذّرت من المغامرات غير المحسوبة وطالبت بضرورة تحكيم العقل ومنع القيام بأي عمل من شأن الغطرسة الاسرائيلية ان تستغله لضرب مقدرات الشعوب العربية.
ويتصل باعتراف السيّد حسن نصر الله بعدم تقدير الحزب لعواقب اسر الجنديين الاسرائيليين حديثه من حق الدولة اللبنانية في نزع السلاح وكذلك رفض أي مظاهر مسلّحة خارج سلطة الدولة وجيشها، وفي ذلك تأكيد لسيادة الدولة اللبنانية وتوحيد للقرار الذي تتخذه وذلك ما دعت اليه الدول التي واجهت العدوان الاسرائيلي على لبنان بعقلانية لا تبحث عن ايقاف الغطرسة الاسرائيلية وانما تسعى لعدم منح المبررات لها.
ان عودة الوعي هذه تشكل منعطفاً هاماً وتؤسس لمرحلة قادمة سوف يتمكن خلالها العرب من ادارة صراعهم مع اسرائيل والقوى التي تتربص بهم دون تعريض شعوبهم لما يشبه الابادة ومؤسساتهم للدمار.