كفاءة الفكر الوطني
 

كفاءة الفكر الوطني


الاختلاف في المشارب الفكرية عندما يحدث بالطرق المشروعة داخل بيئتنا العربية، أيا كانت جغرافية تلك البيئة أو إنسانها يعد مخاضا طبيعيا، يأتي عادة بمولود صحي ذي فكر إنساني مكتمل النمو، يقود الى القرارات الصائبة، فيما اختلف عليه سواء كان ذلك الاختلاف في الشأن الإداري أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أوالاعلامي. ولكن في حال اقتراب هذا الاختلاف من خطوط تمس الفكر الوسطي للدين الإسلامي، المبني على السنة المحمدية، فإنه سرعان ما يتحول الى خلاف يؤدي الى شد وجذب في كيفية التعاطي مع هذا الفكر بما يستحق، لينتقل بعده الجميع الى صراع سلمي في بادئ الأمر يتحول في نهايته إلى دموي الوسيلة والغاية، الأمر الذي يؤثر بعمق على الأنفس وتآلفها بمداها القريب والمتوسط والبعيد، وبالذات فيما يخص وحدة وطن هؤلاء المتخالفين والمختلفين، وكذا في لحمتهم المجتمعية، وقوة تماسكها، ليكون في نهاية المطاف الضحية أوطانهم، وكيف هي صورة فكرها التي شوهها ضعف الانتماء اليها وانقلاب وجهة الولاء عنها من قبل المتصارعين. ودليل ما أقول هي الأحداث القائمة الآن في بعض البلدان العربية، والتي لم يسلم من أتون الثورات التي وقعت فيها إلا من حافظ على سلامة فكرهم الوطني، مما يجعلني أقول: كفاءة الفكر الوطني للمملكة العربية السعودية بين أقرانها العرب، تكمن في خصوصيتها الدينية، ذات البعد الوسطي المرتكز على السنة المحمدية الشريفة، التي جعلت من القيم العربية أحد مصادر تشريعها، وهو الفكر الذي تتقد به ذهنية الشعب السعودي الأبي. هذا الشعب الذي يحيط بوطنه إحاطة السوار بالمعصم، مما أوجد مسافة ذات هيبة بين الفكر الوطني وبين المهرولين نحو الخلاف بأقدام الاختلاف المزعوم، والذين يفكرون بفكر عدائي صنعه الصفويون المجوس أو أولئك الخوارج المارقون، أو حتى ذاك من تثقف بثقافة العري الفكري الذي جسده فوق ثرى الوطن وعقله تغرب نحو قبب قاعات تعلمه كيف يحارب دينه ويكره وطنه ويسخر من مجتمعه ويهدم قيمه فقط ليقال له: أنت متحضر.

كتبه : خالد حمدي البيضاني