أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
تأليف الشيخ: سرحان بن غزاي العتيبي

( حسن ظنهم بالله جل وعلا)
قال تعالى مخبراً عن قصة يعقوب عليه السلام مع أهله وأبناءه:{ قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف] قال بن كثير:( إنما أشكو بثي وحزني ) أي: همي وما أنا فيه{ إِلَى اللَّهِ } وحده { وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } أي: أرجو منه كل خير.وقال القرطبي: إني أعلم من إحسان الله تعالى إلى ما يوجب حسن ظني به: اهـ وقال أبو بكر الجزائري: يريد أن رجاءه في الله كبير وأن الله لا يخيب رجاءه: إلى أن قال وقوله ( ولا تيأسوا من روح الله ) أي لا تقنطوا من فرج الله ورحمته: اهـ فانظروا عظم حسن ظنه بربه وصدق رجاءه من فضله وعدم قنوطه من فرجه ورحمته رغم ما هو فيه من البلاء الشديد: وقال تعالى:{ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ } (23) سورة فصلت] نقل بن كثيرعن الحسن قوله: ألا إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم، فأما المؤمن فأحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل, وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: ( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) متفق عليه وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ) رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى ولا هامة ولا طيرة وأحب الفأل الحسن ) رواه مسلم وعند بن ماجه قال العلماء: إنما كان يعجبه الفأل لأن فيه حسن ظنٍ بالله والطيرة فيها إساءة ظن بالله. ومن ذلك أنه لما رأى سهيل بن عمرو قادماً في صلح الحديبية قال ( سهل الله أمركم ) رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني لغيرة:
*******