الدرس الخامس: الأصل من خلق الخلق
تأليف سرحان بن غزاي العتيبي
( الأصل من خلق الخلق )
خلق الله الخلق لعبادته كما قال تعالى{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات] ولقد يسر الله لعباده سبل معرفته فأرسل الرسل وأنزل الكتب وفطر الناس على الإقرار به كما قال تعالى { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } (172) سورة الأعراف] فهذه هي الفطرة التي فطر الناس عليها وهو الإقرار بأنه جل وعلا هو الرب الخالق الرازق ولذلك أقرت بذلك جميع الأمم ولم ينكره إلا معاندٌ مستكبر يجحد ظاهراً مع إقراره بذلك باطناً كما قال تعالى عن الفراعنة { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } (14) سورة النمل] وقال تعالى مخبراً عن محاجة موسى لفرعون بما في قرارة نفسه { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا } (102) سورة الإسراء] ، ثم أظهر الآيات الدالة على وحدانيته جل وعلا كما قال تعالى:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (164) سورة البقرة] وقال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} (22) سورة الروم] ولذلك لما قيل للأعرابي كيف عرفت ربك قال ( الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير وسماءٌ ذات أبراج وليلٌ داج ألا يدل على السميع البصير ) ثم من رحمة ربنا ومنته بنا لم يتركنا نعتمد على مجرد العقول والفطر بل أرسل إلينا رسلاً يدعون إلى التوحيد كما قال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } (36) سورة النحل] وقال تعالى{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (25) سورة الأنبياء] وأنزل الكتب التي فيها بيان الحق بأوضح صورة وأسهل طريقة فلله الحمد والمنة على نعمائه وفضله الذي لا حصر له 0
******